الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الموسيقى حرام


"الموسيقى حرام" عبارة لا يقولها إلا إنسان غير مُطَّلع أو غير عالِم بأمور ديننا الإسلامي الحنيف، ذلك الدين الذي احترم النفس البشرية ودعا إلى رُقيها، ووصى باتباع كل ما يرتفع بالنفس البشرية ويسمو بالأخلاق الإنسانية من قول أو عمل مادام لا يُغضب الله عز وجل.

و الإمام "ابن حزم" وهو الفقيه المحدث الأصولي في القرن الخامس في الأندلس في الجزء التاسع من كتاب "المُحَلَّى بالآثار في شرح المُجَلَّى بالاخْتِصَار" وهو ناشر المذهب الظاهري، الذي يأخذ بظاهر النص ومدلوله اللفظي والمعنوي، ذكر أن الغناء والمزامير والعيدان والمعازف والطنابير، بيعها حلال كله ومن كسر شيئًا ضمنه، وكذلك حلل بيع المُغنِّيات وابتياعهن على أنهن إماء.

 وذكر رأى "أبو حنيفة" أن بيع ذلك حلال كله أيضًا، وذكر أن المانِعين استندوا إلى آثار لا تَصِح، و لا حُجة لهم فيها، ثم أخذ يستعرض الأدلة من الآثار المروية عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) التى استشهد بها الآخرون للتحريم وذكر وجوه ضعفها وعدم صحتها واحدًا واحدًا مما يجعلها غير صالحة للاستشهاد بها على حكم شرعي.
وقد ذكر "ابن حزم" الآية التي يستشهد بها المُحَرِمُون للغناء وهي (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ... سورة لقمان، الآية 6).

 وأن اعتبار المُحَرِمُون أن اللهو هو الغناء اعتبارًا خاطئًا لأن الآية نزلت في أكبر عدو للرسول (صلعم) وهو "النضر بن الحارث" الذي كان يتابع الرسول (صلعم)، يَقُص على الناس قصصًا خرافية ليصرفهم عن الرسول (صلعم) وعن القرآن، ويقول "ابن حزم" هو وغيره أيضًا أن الوصف المذكور في الآية ختمه الله (عز وجل) بقوله تعالى (أولئك في ضلال مبين) وهي في الكافر "النضر بن الحارث" لا العاصي بسماع الغناء (إذا اعتبرنا سماع الغناء معصية)، ومُحال أن ينزل من يسمع الأغاني هذه المنزلة، وهكذا انتهى "ابن حزم" إلى هدم حُجَج القائلين بالتحريم ليصل إلى إقراره بالإباحة.

وأنا أرى أن القَول بإباحة الموسيقى والغناء هو الأقوى دليلًا، وأن القول بالتحريم لا يوجد دليل صحيح يُعْتَدُ به في الأحكام، ولكن اشتُهِر القول بالتحريم بين المسلمين بدافع الزهد والوَرَعْ، وهناك كُتب أخرى لمؤلفين كبار في هذا الموضوع يذهبون مذهب الإمام الغزالي وابن القيسراني وابن حزم في إباحة السماع.

 لكن اكتفي بهذا ففيه الكفاية ليعلم القُرَّاء أن الغناء والموسيقى كانا مصاحبين في أكثر الأحيان لمجالس الأُنس وشُرب الخَمر، حتى قال كثير من العلماء أن تحريمهما عارض لملازمتهما هذه المجالس، مُحاربة لشُرب الخَمر لا للغناء ذاته، ولكن ذلك من باب الوَرَعْ، وشاع ذلك بين الناس وتناقلوه عبر العصور، فساءت سُمعة الغناء والموسيقى لهذا السبب واشْتَهر القول بتحريمها مع أنه لا يوجد دليل صحيح على التحريم، بل توجد أدلة صحيحة على الإباحة من قول و فعل الرسول (صلعم) نفسه.

وفي النهاية أَكادُ أُجْزِم أن الموسيقى والغناء عِلْمٌ بَحْت كَسَائِر العُلوم (حَلَالُهُ حَلَال وحَرَامُهُ حَرَامْ)........ دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط