الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مسرح مصر


المصري دائمًا في حالة مفاجأة ! تنتابُه ليلة رمضان وكأنه خالف ترتيبه الرباني في الشهور، وتقتحمه في ليلةِ العيد، معتقدًا أن رمضان سبعة وأربعون يوما وانتهي مبتورًا في اليوم الثلاثين!

بداية الدراسة أمر صادِم للمصريين فتبدأ الاستعدادات قَبْلَها بساعاتٍ ، فيبدو الأمر أن إعلانَ موعدِ الدراسةِ جَاءَ بالاستدعاءِ المباشر للطلبة وليس طبقًا لجدولٍ زمني لا يتغير.

ويبدو أن هذا الأسلوب في الحياة تأثرنا به مُنذ الطفولة عندما كانت تباغتنا الامتحانات ونستعد لها بالمذاكرة قبيلَها ليلًا وبالمراجعةِ فجرًا!

ولأن من "شبَ علي شَيْءٍ شابَ عليه" فهكذا شببنا ونحن شائبون في تفكيرنا، ومتأخرون في قراراتنا ، وَلَكِن إذا فوضنا الأمر لله في حالنا كمجتمع يبقي أن يكون الأمل في أن لكل قاعدةٍ شواذ، ومن يشذُ عن تلك القاعدة العقيمة سيكون من العقلاءِ الحكماءِ اللطفاء، وهؤلاء هم أمل الوطن والمعنيون برفعته!

وقطعًا ستجدهم خيرة القوم وعلي أهبة الاستعداد في الصدارة عندما ينادي الوطن، وخاصةً أنهم لم يخلفوا ميعادا علي تويتر وفيس بوك وقطعًا انستجرام، فهم ملوك متوجون حاضرون منطلقون مفوهون في الفضاء الالكتروني.

وتمضي الأيام في دورتها سريعة لمن يمعِن النظر، بطيئة لمن ينتظر، وتحمل لنا الانتخابات الرئاسية في ميعادها ودُونَ أن تُخلِف الميعاد ، وعين الجميع مُنصبة علي الزخم السياسي الذي ستشهده تلك الفترة وإن كانت المؤشرات التي تسبقها لا توحي بذلك !

وَلَكِن يظل المنطق في أن المعركة السجالية النقدية الصراعية علي صفحاتِ التواصلِ الاجتماعي ستهبطُ إلي الواقعِ فالسماءِ مفتوحة وَالأَرْضِ ممهدة وحان الوقت، ولكن طال الانتظار ولَم تلوح مراكبهم الفضائية بعد، وأوشك الوقت علي الانتهاءِ ولَم يظهر أحد !
 
ومعَ تمنياتي بأن يكون المانِع خيرًا ، وفيما يبدو أنهم بتمام صحة وحال فمازالوا يناضلون علي تويتر ، ويجاهدون في سبيل الله علي الفيس بوك!

عندما ننظر لمشهد الانتخابات الرئاسية نشعر أنها ليست بانتخابات مصر ولكنها أقرب إلي مسرح مِصْر، مع حفظ احترامي وتقديري لتلك التجربة المسرحية المميزة لَكِن انتقال هذا الهزل لمشهد انتخابي لدولة بحجم مِصْر أمر يستدعي مراجعة النفس والكُل كليلة!

فراغ حزبي فادح أُعلن بوضوح عندما فشلت الأحزاب التي تتجاوز المائة حزب بالدفع بمرشحٍ واحدٍ يتوافقُ عليه تكتلات عدة أحزاب أو يُمثل حزبه أو حتي نفسُه!

وَمِن اللافت للنظر أن كُل المرشحين المحتملين الذين أعلنوا عن رغبتهم لخوض الانتخابات هم نجوم شباك بلا منافِس في صناعةِ الأزمات ، وإثارة اللغط بتصريحاتهم وتصرفاتهم بَدْءًا من مرتضي منصور ومرورًا بخالد علي وعنان ونهاية بمني البرنس، وفيما يبدو أن قرارَ ترشحهم للرئاسةِ حفزهم أن يقدموا أحسن ما لديهم من مواهب في التراشق تارة وفِي الأداء المفتعل تارة أخري.

اختلف أو اتفق قدر ما شئت علي أداء الرئيس ، أو في تقييمك لما قدّم علي مدار السنوات الأربع السابقة، هذا مقبول تمامًا، لَكِن غير المقبول أن أقوم كمرشحٍ سياسي بتقديمِ نفسي عن طريق التقليل من شأن الآخر، وأبني برنامجي الرئاسي علي أنقاض المشروعات القومية التي تمت في السنوات السابقة، من الوارد أن نختلف علي ترتيب الأولويات لَكِن ليس بعد أن أصبحت المشروعات حقيقة تكبد المصريون من أجلها الكثير وحان الوقت ليجنوا ثمار ما زرعوا من صبر ومشقة.

فبأي منطِق أن أختار بكامل إرادتي من يوقِف عجلة التنمية بيدٍ عارية وباليد الأخري يفتح مواقع الفيس بوك التي تم حجبها ومعها أبواب السجون! أو أن أذهب لمن فشل في اختيار من يمثله !

وإذا لم يفشل وكانت اختياراته تعبر عن مكنوناته في مغازلة مجموعة بعينها فلم الإنكار ؟ وأين ثقافة تحمُّل عقباتِ الاختيار؟

وتمتد التساؤلات لتشمل تعيينه المتحدث الرسمي له لشخصية سَبْق وأن كالت له الاتهامات والأسوأ التبرير الذي جَاءَ علي لسانِ الدكتورِ الفاضلِ بأنه تسرع في الحكمِ علي مرشحه سابقًا ولَم يتحرَ الدِقة !

سيدي الفاضل إذا كانت تلك خِصلك مجتمعة وهي التسرع في إصدار الأحكام علي الأخرين والافتقار للحكمة والحِنكة ورجم المخطئ علي صفحات الفيس بوك إذًا كيف ستكون مستشارًا لرئيس مصر وبم ستنصحه عندما يتعرض للنقد وهل سنتحمل نَحْنُ كشعب نتيجة زلات لسانك التي لن تمحوها كلمة ( تسرعت)!

وحتي إن انتهي هذا المشهد بما يستحق ، فعلي نياتكم ترزقون ويبدو أن النية كانت غير سليمة فكان الجزاء سريعا مِن السماء !

فإني أتمني أن تضاف إلي التهمِ الموجهةِ إليه تهمة الغباء السياسي ، فكيف كنت تنتوي أن تحمِل مصلحة الوطن وأنت غافِل عن مصلحةِ نفسك !

ومن المشاهِد المُسيطرةِ علي الساحةِ الانتخابيةِ هو (الفيس بوك )ح بيب الملايين ومثير الحيرة بينَ المرشحين !
فهذا المُرشح سيفتحه علي البحري بينما ذَلِك ستكون أولي قرارته هي إغلاقه ! فبعد إعلان ترشحه السعيد القادر علي حل مشاكل مِصْر بالتأكيد لم تبق إلا مشكلتان إحداهما الفيس بوك ، والثانية الحصول علي العمل السفلي الأسود المدفون في أرض نادي الزمالك !

وحدِث ولا حرج عن المُرشح الذي قدَمَ أهم إنجازاته أنه لديه صفحة علي الفيس بوك أيضًا بها سِتمائة مشارك ! وهذا الذي جاء بالحل السحري وهو توزيع الصحراء علي الناس ولعلهم يشربون من البحر بعد ذَلِك لا يهم ، وهي وجهة نظر معتبرة أعتقد أنها تبطِن أكثر بكثير مما تُظهِر!

فيبدو أن نية الرجل هي التخلص من الزيادة السكانية بدفن المواطنين أحياء في الصحراء وهي موتة فاخرة حيث ستموت وتدفن في مِلكك، عظم الله أجرك حَضرِة المرشح!

وأيضًا من المشاهد المثيرة للحيرة غياب المرأة عن المشهد، فهل اكتفت المرأة بحصولها علي سدس مجلس النواب وست حقائب وزارية ، والاتجاه إلي أن تكون هي النسبة الأكبر في الانتخابات المحلية أهذا هو سقف طموحها؟

وبالطبع لن نتغافل عن شجاعة الدكتورة التي خرجت عن القاعدة وسنغفل كل ما يُنسَب إليكِ وتفتخِرين به ، فأنتِ ست الستات ونحن لا نطمع إلا في ست واحدة!

يا أيها المصريون ماذا أنتم فاعلون والسنون في عجلةٍ يمضون وفِي الغد القريب علي أبواب عام ٢٠٢٢ سنجِد أنفسنا واقفين ، ومن الدهشة مسبهلين ؟

اليوم يمضي علي أول نداء مُعلن للمطالبة بالديمقراطية سبع سنوات ، ووجود انتخابات رئاسية لأول مرة في تاريخ مصر علي شاكلة ما يجري في أي دولة متقدمة كنا نحلم بالانضمام لمصافِها قد تحقق وهذا في حد ذاته نجاح لإرساء دواعم الديمقراطية ، وَلَكِن فيما يبدو أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الحصول علي الحق فهذا الجزء السهل في القصة ، لَكِن كيفية استخدام هذا الحق هو الأصعب .

فهل السنوات القليلة القادمة الفاصلة كفيلة بتغيير المشهد الإنتخابي ؟ وهل سنجد المرشحين علي قدر المسئولية؟ مخلصين النية الحقيقية لله والشعب والوطن بعيدًا عن الأهواء الشخصية وخدمةً لمصالح لكل من له صَالِح في خراب هذا الوطن؟

يجب أن ننتبه يا مصريون أن السنوات تمضي سريعة حقًا ، وإذا كان وجود الرئيس السيسي الآن هو رمانة الميزان التي جعلتنا لا نشعر بتوابع هذا المشهد الهزلي فالمرة القادمة سيكون الحال " لا عاصم لكم اليوم " وإذا لم ننتبه سيبقي " المسرح" والعوض علي الله في "مِصْر ".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط