الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجثة المقبوض عليها


هل سمعت عن الجثمان المقبوض عليه بتهمة قتله وسحله؟ وأصبح حقه في إكرامه بالدفن كعشم إبليس في دخول الجنة! فنناشدهم بعبارة "إكرام الميت دفنه" ، فيردون "إكرام الميت حجزه".

مريم مصطفى عبد السلام -18 عاما- تقيم فى مدينة "توتنجهام" البريطانية، تعرضت لحادث اعتداء وضرب بوحشية بالشلوت والبوكس وشد الشعر وسحل وجرجرة على الأرض من مجموعة من فتيات "فتوات" من ذوات البشرة السمراء، أدى إلى إصابتها بغيبوبة حتى فقدت الوعي وتم نقلها إلى المستشفى المهملة التي تركتها حتى ماتت.

جثة مريم تتم مقايضة أمها المكلومة ما بين تسليم جثتها مقابل التنازل عن القضية أو تسليمها بدون أعضائها الداخلية، إنها الاختيارات الثلاثة التي حددتها السلطات البريطانية، لتقف أسرة مريم مغلولة ما بين نارين التنازل وضياع الحق في القصاص ممن قتلوها، أو الوقوف فيما لا يقدر عليه بشر بعدم دفن الجثة أو تخلية أحشائها كما تخلي أحشاء الطيور والحيوانات لإلتهامها!

لم تعلم أسرة مريم -أم وأب وأخوات- أنهم سيكونون شاهدين على وداع ابنتهم بالضياع أو التنازل في فاجعة ستبقى في ذاكرتهم ما حيوا، إنها ساعة الحشر لهذه الأسرة فليس بعد "الضنا" وفلذة الكبد غالي، إنها جهنم الحمراء التي اشتعلت في جسد أسرة مريم التي قرر والدها أن يتحمل لهيب نارها في سبيل عدم ضياع حق ابنته قائلا: "أقسم بالله لن أترك حق مريم مهما حدث أنا صاحب حق ومش هسيبه".

فصدمة الجثة العالقة التي لا تعرف مصير مثواها الأخير حتى الآن، أعقبتها صدمات متتالية، والتي منها إهمال الشرطة البريطانية للقضية والإفراج عن الجناة، وعدم الإفصاح عن أية معلومات تشفي غليل الأسرة المصرية، بل أعلن التقرير المبدئي للتحريات أن القتل ليس بنية العنصرية أو الإسلاموفوبيا، رغم أن الدوافع والشهود يؤكدون ذلك، مما يضيع حق مريم لتتحول القضية من جناية القتل عمدا إلى اشتباك وخناقة ودفاع عن النفس، ومما يزيد من احتمال تفريق دم مريم بين القبائل نتيجة الطب الشرعي الذي استبعد وجود علاقة بين الوفاة وبين الاعتداء عليها، بما يوحي أن هناك شبهة «قلة قيمة» للأسرة المصرية تظهر رائحتها فى الأجواء البريطانية.

علينا أن نتكاتف لاستعادة حق مريم وأسرتها، وعلى مصر الدولة بمؤسساتها وبرلمانها أن تُخمد هذه النار التي سَتُفْحم جسد أسرة مصرية، ليس لها ذنب سوى أنها تحاول أن تصون ابنتها من انتهاكات الخارج كي لا يتكرر هذا الحادث المشين مرة أخرى.

فلسنا أقل شأنًا من إيطاليا في البحث عن حقوق مواطنينا في الخارج، ولكم في موقف الدولة والنائب العام الإيطالي في قضية «ريجيني» التي وقعت بالقاهرة عبرة، وتشكيله لجنة من قضاة وضباط إيطاليين لمباشرة التحقيق.

نعلم أن هناك مساعي مصرية -وزارتي الهجرة والخارجية والنائب العام والسفارة المصرية والبرلمان- راغبة حقا في اقتناص حق مريم، لكنها لم تسفر حتى الآن عن أبسط الحقوق بتسليم الجثمان ودفنه، نريدها تحركات على مستوى الحدث بسرعة إجراءات النائب العام المصري وقوة وزارة الهجرة وجسارة الدبلوماسية المصرية، ولن نقبلها بقوة سلطان وجاه الجناة، ولا نتمناها بسرعة سلحفاة الروتين البريطاني التي يتوفر لديه فيديو بالصوت والصورة للحظة الاعتداء على مريم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط