الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إنكم لفي نعيم يا معالي الوزراء


أصحاب المعالي سيادة الوزراء.. بعيدا عن تعقيدات البروتوكولات والهالة المحيطة بكم سواء المصطنعة من المواطن البسيط أو بطبيعة حُكم المنصب المسلط الضوء علي صاحبه بالإكراه ، نما إلي علمنا أن حياتكم قد أُرْهِقت بدخولكم الضعيفة ، وأن غلاء الأسعار قد أمرض ميزانياتكم وإيداعاتكم ، وأن معاشكم مقصوف الرقبة من ذوات الصفرين ، لذلك أقر مجلس النواب مشروعا يقضي بتوفير"صرة" من الدنانير لتقنين رواتبكم وصرف معاش بنسبة 80% من إجمالي المرتب والمكافأة لتقووا على تحمل الوظيفة والمعيشة.

أفأنتم تئنون! تتوجعون ! تتأففون ! إنكم لفي نعيم، علي الأرائك تنامون، تسقون من رحيق مختوم ، تعيشون نعيما وملكا كبيرا ، نعرف في وجوهكم نظرة النعم.

فظاهر الأمر أمام الناس أن ملابسكم ذات العلامة التجارية – براند – وبرفاناتكم الريحانة من الأوريجينال الخام ، السيجار الكوبي "للمدخنين" وعربات الوزارة الملاكي المصفحة والمضادة للرصاص ، والبروج المشيدة التي تسكنونها بغرف من الجواهر الشفافة يري ظاهرها من باطنها ، وأولادكم الدارسين بأرقى الجامعات الدولية ، وطاقم حراستكم الحاجز الفولاذي المحيط بكم والذي يأتمر بأمركم ، وحور عين من السكرتارية الخاصة ، وعلاجكم المستورد، وطبيبكم الخاص ، مأكلكم ومشربكم من أفخم وأجود الأصناف –بيور- والطائرة الخاصة لتتسوق أمتعتكم وتُوَصِلُهَا إلي منازلكم ! آسف (فيلاتكم) معذرة (قصوركم) حيث مهبط الطائرة المصمم خصيصا علي السطح ، وحدائق –لاند سكيب- من أشجار ذُلْلِت قطوفها تذليلا ، وشاليهات وممتلكات فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .

ثم تُظْهِرُون باطن أمركم بتصريح أحد الوزراء بأن معاشه 500 جنيه فقط لا غير، ويدعم ذلك رئيس مجلس النواب بأن أحد الوزراء السابقين في وزارة مهمة جدا معاشه 200 جنيه، بينما يكشف النائب أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق النقاب عن معاشه المقدر بـ575 ، وأن الوزير يتقاضى مرتبا يتراوح ما بين 1300 جنيه إلى 2000 جنيه عند بداية تعيينه ، بينما يزيح عمر مروان وزير شئون مجلس النواب الستار عن أن وزيرا سابقا قال له إن معاشه 500 جنيه .

إنها المعادلة الصعبة ما بين خيال رغد عيشتكم من وجهة نظر الغلابة وواقعه من نظركم ، فتصريحاتكم استوجبت طرح السؤال : هو الوزير بيقبض كام ومعاشه إيه ؟

بصراحة اتصلت على الفور بمجموعة من الوزراء السابقين أصدقائي ، وكنت في خجل كبير من الاستفسار عن أحوالهم "المعاشية" ، فكان المعاش "الفتوة" الذي سمعته من أحدهم 1000 جنيه شهريا عن أربع سنوات كان يحمل فيها لقب معالي الوزير، والباقون صدموني بأرقام لا تسمن ولا تغني ، المفاجأة جعلتني أضرب أسداسا في أخماس أأصحاب المعالي في الدرك الأسفل من العيشة واللي عايشينها ؟.

إذًا حياة أصحاب المعاشات لا تفرق بين وزير ولا غيره ، مبالغ لا تغني عن شر السؤال ، وتهدر قيم العدالة الاجتماعية ، وتنسف بحياة من يستحقون الاهتمام بعد بلوغهم الستين عاما فيما أشبه بمقبرة جماعية لمن يبلغون من الكبر عتيا ، وبات لزاما على الحكومة زيادة رواتب الجميع . ولا يصح أن نؤمن للوزراء حياة كريمة –وهذا حقهم – دون أن نعطي نفس الحق للمواطن البسيط الذي رفضت الحكومة حكما قضائيا بزيادة معاشه وطعنت عليه.

أعيدوا لأصحاب المعاشات كرامتهم باحتسابه أي (المعاش) وفقًا لإجمالى الراتب مضافًا إليه المكافأة ، بحيث لا يطبق فقط على الوزير ، ويبقي الغفير في مستنقع بدروم العيشة "السودا".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط