قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

خطيب المسجد الحرام: المماطلة فى سداد الدين «خسة ودناءة نفس»


قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي، إن التفريط في ديون الناس من أكبر أسباب الهجران والقطيعة والخصومة بين الأقارب والأصدقاء وقد يصل الأمر للشكاوي في المحاكم مما يوقع المرء في حرج شديد وألم نفسي عميق.

وأضاف، فى خطبته اليوم بالمسجد الحرام، أن الواجب على المسلم أن يتعفف عن أموال الناس وألا يفتح على نفسه باب الدين حتى ينجو من تبعاته وآثاره في الدنيا والآخرة, وأن يعود نفسه وأهل بيته على القناعة والصبر والرضا بما قسمه الله وقدره من الأرزاق ومتع الحياة وما أعظم بركة الاقتصاد والتوسط والاعتدال في النفقة وأن يحذر المسلم من آفة التبذير والإسراف في إنفاق المال فيما لا طائل تحته مفاخرةً ومباهاة ومسايرةً للواقع ومستجداته فإن ذلك من أكثر أسباب التورط في الديون.

وأشار إلى أن الشريعة لم تمنع من الاستدانة والاستعانة بمال الغير مطلقًا ولكنها أرشدت إلى جملة من الوصايا النافعة وفي هذا الباب ينجو بها المسلم من أثار الدين السيئة وتبعاته الأليمة , فالواجب على المسلم ألا يستدين إلا في أمر مباح وهو مضطر إليه ومحتاج إلى تصريف أحواله به , ويبتعد عن الاستدانة من أجل أمور لا يحتاج إليها من الكماليات والطرائف أو فيما حرم الله من المعاصي , وعليه أن يعقد النية والعزم على أن يرد الدين إلى أهله لأن النية الجازمة لرد الدين وكونه في أمر مباح من أهم أسباب إعانة الله للمستدين كما ثبت عند ابن ماجه (إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن دينه فيما يكره الله ) وقال ( ما من أحد يدان دينًا يعلم الله منه أنه يريد قضائه إلا أداه الله عنه ).

وأوضح، أنه إذا اضطر المسلم إلى الدين فليكن بطريقة مباحة لا شبهة فيها ولا غش ولا تحايل على الربا , ومن استدان بطريقة محرمة فإنه لا يوفق ولا يعان وكان كالمستجير من الرمضاء بالنار , وليحرص الدائن والمستدين على توثيق الدين وكتابته والإشهاد عليه كما أمر الله في آية الدين , ولا يتحرجا من كتابة الدين ولا يسأما من توثيقه صغيرًا كان أو كبيرًا فهو أقسط عند الله وأقوم وأوثق , وليحرص المستدين على رد الدين إذا حل الأجل وأن يبرئ ذمته بسرعة.

وأوضح، أنه لا يجوز له أن يماطل أو يسوف إذا كان عنده مال يكفي للسداد فإن في المماطلة أذية للدائن الذي كان ينبغي أن يشكر ويكافأ برد ماله لا أن يعامل بالمماطلة والتحايل التي هي في الحقيقة خسة طبع ودناءة نفس , وهي من الظلم الذي لا يرضاه الله كما ثبت في الصحيح ( مطل الغني ظلم ) وفي المسند ( إنما جزاء السلف الحمد والوفاء ) يعني أن شكر الدائن والمقترض يكون بحمده والثناء عليه وبسرعة والوفاء له والسداد .

وواصل إمام وخطيب المسجد الحرام قائلا : من اضطر للاستدانة لحاجتة مباحة بطريقة شرعية وعقد العزم على رد حقوق الناس فليبشر بالعون والتوفيق من الله , فالله معه حتى يقضي دينه , وعليه أن يكثر من الاستغفار وأن يلح على الله بالدعاء أن يعينه على قضاء الدين , وأن يلظ بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب كما في المسند حيث قال له : آلا اعلمك كلمات لو كان عليك مثل جبل صبير دينا أداه الله عنك ؟ قل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك ).

وتابع: الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم رغب إذا نزلت به ضائقة أو كرب أن ينزلها بالله فيتحملها الله عنه وهو الغني القادر فما أسرع أن تنكشف كربته ويأتيه الله بالفرج , فقد ثبت عنه فالترمذي ( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسد فاقته, ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل) وعلى المستدين أن يدبر معيشته ويقتصد في نفقته ويحسن تصريف أموره بحكمة وعقل ويقدم الأهم فالأهم حتى يتمكن من سداد ديونه ورد حقوق الناس ففي صحيح البخاري من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه ومن أخذها يريد اتلافها اتلفه الله.

وبين الشيخ الغامدي أن من محاسن الشريعة ما جاءت به من الآداب والأحكام لحفظ حقوق الناس وأموالهم , وكما أنها أوصت المستدين بوصايا نافعة ليبارك الله له وينتفع بدينه , فكذلك ندبت الشريعة وحثت من كان ذا مال وافر وكان مقتدرا ألا يمنع الناس من فضل لله الذي عنده إذا جاءه مكروب ذو حاجة للاستدانة , لأن تفريج كربات الناس وإدخال السرور عليه ونفعهم من أجل القربات عند الله , والله في عون العبد ما دام العبد في عون إخوانه , وهو من صور التكافل الاجتماعي والتعاون على البر والتقوى وعلى الدائن أن يحرص على أن يحسن نيته في إقراض المحتاجين ويقصد وجه الله لا رياء ولا سمعة (إنما نطعمكم لوجه لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).