«صدى البلد» يستعرض ملابسات جريمة «حادث الرحاب» وأقوال الشهود

هنا على أعتاب الحي الهادئ، الزيارة لم تكن بتلك الراحة المعهودة، المكان تنبعث من جنباته رائحة الحزن، والخطوات نحو فيلا الحدث مراقبة بأعين جنود الشرطة التي اصطفت حولها، لم يكن الولوج إلى قاعة الجريمة متاحا لكن استنباط فظاعة الجريمة كان حاضرا على بعد أميال.
على بعد خطوات من "الرحاب" تتجمد المشاعر في حيرة، ويقف العقل لحظات أمام الأقاويل المتناثرة، خيوط الجريمة تتشابك كما لوغاريتمات مسألة حسابية، بين الجناية والانتحار تتوه الحقائق، ومع تفسيرات المحللين لتحريات النيابة يبقى الموقف غامضا.
الأب الذي تفاقمت ديونه، هل اختار أن يهرب مع أسرته من جحيم الدنيا إلى الآخرة، أو أن الأب وأسرته ذهبوا رغما عنهم.
صدمة الجيران
جار الأسرة الذي وقف على بعد خطوات من الحادث مصفرة جبهته كأنما هرب الدم منها إلى زوال، لم يتمتم بكلمات مفهومة، لكن بدت عليه كل علامات الاستفهام والاستنكار، كيف حدث ذلك وكيف تحولت تلك الأسرة الهادئة المنعزلة إلى جثامين ودماء ملأت المكان.
مواطنة أخرى أكدت على عزلة الأسرة وهدوء طباعهم، قالت إن الكهرباء تنقطع عن فيلتهم كثيرا، بينما لم نسمع لهم ضجيجا أو أصواتا منذ مدة.
الجارة "سماح" هي التي فضلت الإدلاء بمعلومات أكثر، قالت إنها تقطن بالرحاب منذ 7 أعوام، ولم تسمع عن جريمة واحدة في المنطقة.
قالت لصدى البلد "الغريب أن أفراد الأمن دائما متواجدون في كل مكان بالمنطقة والفيلا التي شهدت الحادث يقف في محيطها 3 خفراء، فضلا عن وجود أكشاك أمن".
وأكدت سماح أن رب الأسرة معروف بين أهل المنطقة بالتزامه، وكان دائما يذهب لأداء الصلاة بصحبة والدها، وأنها فوجئت امس بمقتله.
لغز اختفاء الكلب
الجميع ماتوا في اماكنهم بطلقات نارية بينما كلب ينبح اختفى من مسرح الجريمة، ولم يُعثر له على أثر.
مساحة الغموض بدأت في الزيادة، مع معاينة المستشار محمد سلام رئيس نيابة القاهرة التي أكدت اختفاء كلب يملكه أصحاب الفيلا، وعدم وجوده في أي مكان داخل محيط الفيلا، وكذلك أن إطارات السيارة فارغة من الهواء تمامًا.
أدوات الجريمة تزيدها غموضا
المعاينة أيضا كشفت عن وجود المسدس المستخدم في الجريمة بجانب القتيل "الأب"، كما تم العثور علي 11 فارغ رصاص في أنحاء متفرقة من المنزل.
النيابة عثرت على طلقات الرصاص المستخدم في قتل الزوجة على "كنبة الريسبشن" والفتاة بطلقتين بجوارها، ثم ابنيه أحدهما في المطبخ والآخر في غرفة النوم.
وتبين للنيابة أيضا أن الأعيرة النارية المستخدمة في قتل الثلاثة أفراد والسيدة وزوجها، هي ذاتها الأعيرة المنطلقة من أداة الجريمة بجانب جثة المجني عليه «مسدس غير مرخص».
شبهة السرقة مستبعدة
أضافت المعاينة، أن مصوغات الأسرة بكامل حالتها، ولم تتعرض الفيلا للسرقة، مما يؤكد حتى وقتنا هذا أن الحادث هو انتحار بسبب الديون المتراكمة.
كما انتهت النيابة من تفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالفيلا والفيلات التي بجانبها، وتبين عدم دخول أو خروج أي فرد من الفيلا غير سكانها خلال الأيام الماضية.
عدد الطلقات ينفي الانتحار
اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قلب الطاولة رأسا على عقب وفتح مجالات أخرى للبحث والتحري، على الرغم من تأكيده أن الطب الشرعي هو من يمتلك الحكم الفصل في تحديد نوع الجريمة التي أسفرت عن مقتل أسرة بأكملها.
البسيوني قال خلال لقائه مع الإعلامي «أحمد موسى» في برنامج «على مسئوليتي» المذاع على فضائية «صدى البلد»، أنه إذا كان رب الأسرة المقتول قد تلقى أكثر من طلقة واحدة في أكثر من مكان فلا يمكن أن تكون تلك الجريمة انتحارا، حتى وإن كان السلاح آليًا، مشيرًا إلى أنه إذا كان السلاح آليًا ومتعدد الطلقات، وفي حالة انتحار فإنه سيتم تلقي جميع الطلقات في منطقة واحدة، أما وجود أكثر من منطقة للطلقات من المستحيل أن يكون انتحارًا.
والثابت وفقا للمعلومات الآنية، أن رب الأسرة تلقى أكثر من طلقة نارية في أماكن متفرقة من رأسه.
آخر رسائل الأب
هاتف الأب القتيل أو المنتحر، باح بأحد أسراره، من خلال رسالة أرسلها لأحد دائنيه، قال خلالها " والله أنا محروج منك علشان معرفتش أجيبلك الفلوس.. علشان الراجل اللي كنت متفق معاه مجبهومش.. والله أنا حطيت المسدس على دماغي أكثر من ساعة والآخر ما قدرتش".
وحتى الآن يبدو الحادث مثيرا في تفاصيله، غامضا للمحققين، والمعلومات المتضاربة تزيد الموقف ضبابية، بينما الجميع يفضلون الحديث بالتكهنات، التحقيقات لم تنتهِ، وكذلك لم تنتهي الأقاويل بينما انتهت مسيرة أسرة بكاملها اليوم في مقابر القاهرة الجديدة بعد استخراج تصاريح الدفن.