إحنا المصريين الأرمن.. روابط تاريخية وإسهامات ضخمة بين الحضارتين كتبت تاريخ مصر القديم والحديث.. فيديو

تأتي مبادرة تكريم الجاليات الأجنبية التي عاشت وما زالت تعيش على أرض مصر، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من نسيج الوطن، في إطار الاحتفاء بالجالية الأرمينية التي عاشت بمصر طيلة عقود وأثرت فيها، ولعبوا دورا هاما في تاريخ مصر القديم والحديث، ومازالوا يساهمون بشكل مؤثر في توطيد العلاقات بين البلدين، ومن هنا يأتي تسليط الضوء على إسهاماتهم ومدى ارتباطهم بمصر واسترجاع ذكرياتهم فيها.
الصناعة الخفيفة
ساهم الأرمن في مصر في تطوير العديد من الصناعات، بما في ذلك بناء السفن وصناعة النسيج مع شركات الغزل والنسيج والنجارة والحدادة ونحت الحجر، والأحذية والمجوهرات، والزراعة، والتبغ.
تأسس أكبر مصنع للتبغ في مصر من قبل الإخوة ماتوسشين عمل 70000 عامل أرميني في مصانع تبغ ماتوسشين بين 1895-1896، وحمل 90 ٪ من إنتاج السجائر في مصر، وحصل على العلامة التجارية من المصانع المملوكة الأرمينية، في الربع الأول من القرن الـ 20 توسعت صناعة التبغ الأرمينية، لدرجة أنها سيطرت على أسواق مصر والسودان، لتصبح المورد الرئيسي لأديس أبابا والمدن الإثيوبية الأخرى.
وكان هناك مجال آخر من مجالات الصناعة التي هيمن عليها الأرمن ألا وهي صناعة الأحذية لبراعتهم في الفن والتصميم، وكان كريكور بابازيان إسكافي العائلة المالكة وأوساط النخبة، وكانت هناك شركة متخصصة شهيرة تدعى سوكياسشين للدباغة ومعالجة الجلود وصناعة الأحذية.
النشر والطباعة
أنشأت الطائفة الأرمينية المصرية المطابع في القاهرة والإسكندرية لنشر الصحف والدوريات والكتب المختلفة إلى جانب الكتب المدرسية، بما ساهم في تنشيط الحياة الثقافية إلى حد كبير، ففي القاهرة أسس سركيس داربينيان صحيفة أرارات في 1895، في الإسكندرية، وفي عام 1899 أنشأت نازاريتيان صحيفة نازاريتيان ثم افتتحت ماري بيليريان "دار أرديميس للنشر"، ومجلة للمرأة كانت تحمل نفس الاسم في عام 1902، ومن ثم افتتح الناشر بقرادوني ومن بعده يرفانت مصرليان صحيفة فوسجويدار"الرسالة الذهبية" في عام 1914، ذلك علاوة على مطبعة نوبار التي تأسست في مطلع القرن الـ20.
التجارة
في القرن السابع عشر، حصل الأرمن المصريون على عقد احتكار تجارة في الهند، والقرن التاسع عشر، زرعوا أفضل النباتات النيلية في الهند خاصة بولاية بيهار أما في عام 1824 أحضر وزير التجارة بوجوس بك يوسفيان إلى مصر 40 أسرة أرمينية لديهم مهارة الزراعة لتعليم المصريين، وفي أقل من عامين أصبحت منتجات الزراعات النيلية أهم الصادرات المصرية.
في عام 1824، وسع الأرمن من إزمير زراعة خشخاش الأفيون، وفي 1883 كان ضمان العائد السنوي لمصر مليون فرنك فرنسي ومع ذلك، بعد عام 1845 لم يعد تصدير الأفيون مربح.
تطور آخر مربح، وهو زراعة وتصدير واسع النطاق للمندارين (اليوسفي) وهي فاكهة تم تعريفها عن طريق بوجوس يوسفيان والمعروف بـ "يوسف أفندي الأرماني"، حيث اشترى وجلب معه شجيرات المندارين من جزيرة مالطة، وزرعت في بستان محمد علي، وقد كان إنتاجها فأصبحت فاكهة شعبية حتى أطلق عليه اسم "يوسف أفندي".
أرمينيون آخرون أعطوا زخما للتجارة المصرية، واحد منهم هو "ماهديسي ييجيازار" من مواليد آجين الذي أصبح مستشار تجاري لمحمد علي، والمشرف لحساباته الشخصية، وبعد وفاته، تم جلب أبنائه من آجين بناء على طلب الوالي، حيث بدأوا إقراض المال للشركات التجارية في الموسكي.
التعليم
في عام 1816، لعب بوجوس بك يوسفيان دورًا أساسيًا في إنشاء أول مدرسة في مصر بالقلعة لأبناء الأسرة الحاكمة وكبار المسؤولين، ونتيجة لذلك، كانت أغلبية الخريجين من تلك المدرسة أرمن.
في عام 1834 أسس الأرميني أرتين تشيراكيان كلية الهندسة في بولاق بمساعدة المهندس الأرميني يوسف بيه هيكيكيان، وفي سبتمبر من نفس السنة، بدأ إنشاء مدرسة المحاسبة أو مدرسة الإدارة.
والتحق مع سديبان دميرجيان في تأسيس مدرسة الإدارة المدنية والترجمة في القلعة، كما أسس المهندس يوسف هيكيكيان مدرسة المناجم الذي أصبحت فيما بعد تقسيم لكلية الهندسة، أما في عام 1873 افتتح يعقوب أرتين باشا أول مدرسة في مصر للفتيات، كما بادر الأرمن بفتح أول مدرسة لرياض الأطفال في مصر عام 1890.
في عام 1937 وبناء على طلب من "البطريركية الكاثوليكية"، جاءت ثلاث شقيقات أرمن كاثوليك إلى القاهرة لتدشين مدرسة إعدادية للبنات في القاهرة، وكانت المدرسة تقتصر على الفتيات الأرمينيات حتى عام 1967 وبعد ذلك فتحت المدرسة أبوابها لقبول الطالبات من جميع الجنسيات.