الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر خليفة يكتب : الأنانية هي العدو فاحذروها

صدى البلد

"الأنانية" صفة طبيعية ومتأصلة في النفس البشرية، ولا يمكن لأي إنسان أن ينكر ذلك، أو أن يدعي أنه لا يفكر في أغلب أوقاته في ذاته وخصوصياته ومصالحه الشخصية في المقام الأول، وهذا التفكير لا بأس فيه طالما كان في حدود "الأنانية الإيجابية" التي تحفز صاحبها على تحسين أحواله وأداء عمله بشكل يجعله متقدما وناجحا على المستوى الخاص والعام، ليكون طموحا دائما ليكون في أفضل حال، آخذا بالأسباب بشكل صحيح وواقعي وعملي وعقلاني، وهذه هي "الأنانية العقلانية" كما يسميها علماء النفس.. لكن عندما تتحول الأنانية إلى حالة من العدوانية والتكبر والتعالي والغرور لتصل بصاحبها لحد "النرجسية" هذا ما يرفضه الضمير الإنساني الحي، والناس والمجتمع كله، ويصبح هذا الشخص -الشديد الأنانية- منبوذا ومرفوضا من الجميع حتى من أقرب الناس وأقرب العلاقات الأسرية والعائلية .

عندما نتناول ظاهرة -سلبية كانت أو ايجابية- في مجتمعنا ويكون أمرها متعلقا بجانب من خصائص النفس البشرية فلابد أن نرجع إلى علم النفس ونأخذ عنه ما يقول ثم نسقط تحليلاته وأبحاثه على واقعنا وعلاقاتنا الإنسانية المختلفة، والأنانية بمفاهيمها وحالاتها هي متعلقة في الأساس بدوافع نفسية شخصية، فعلم النفس يرى الأنانية من منظور أدق مما يتصوره عوام الناس، لأن المحلل النفسي والاجتماعي يناقش موضوع الأنانية من زوايا تحليلية مختلفة، فمنهم من يقول عن الأنانية: من الخطأ تقييمها سلبا فقط، لأننا بدون الأنانية نفتقد للكثير من الدوافع الايجابية التي تعود بالخير من "نشاطنا الأناني" على المجتمع والناس، وأنها ظاهرة أخلاقية لها جوانبها الايجابية المهمة، فهي في مجتمعات غربية تخلق دوافع وأسباب للتقدم والرقي وهذا هو الحاصل في المجتمعات المتقدمة، ورغم ذلك لا ينكر علم النفس مراحل الأنانية السلبية عندما تتحول إلى "نرجسية" فتصبح حالة مرضية يختص بها الطب النفسي، فبعضهم يعرف الأنانية هي حب الذات، والمراد بحب الذات هنا "النزوع الطبيعي الذي يحمل الإنسان على الدفاع عن نفسه وحفظ بقائه، وتنمية وجوده والميول الأنانية الناشئة عن هذا النزوع مقابلة للميول الغيرية ويطلق عليها أيضًا اسم الميول الشخصية أو الميول الفردية".

وما يهمنا هنا حالة الأنانية المنبوذة، شديدة النرجسية،الأنانية السلبية التي تؤثر مباشرة في علاقة الفرد بمن حوله من المقربين والمجتمع باكمله، فالأنانية تعكس كل صور الفردية والذاتية، والنرجسية هي اضطراب في الشخصية حيث يُعرَف صاحبها بالغرور والتعالي والشعور بالأهمية ومحاولات مستميتة للكسب ولو على حساب الآخرين، دون مراعاة لأي اعتبارات ولا اهتمام بما يخص الغير، مع تجاهل مشاعرهم تماما، بل تشتد الأنانية لتصل لحد الطمع في حقوق الآخرين واستحلال ما ليس لهم، وأكل أموال الناس بالباطل! والجور على تلك الحقوق، فلا وازع ديني ولا أخلاقي يمنع الأناني من تقديس مصلحته الشخصية وحبه الشديد لذاته الفردية.

فقط راقب هؤلاء المرتزقة في عالم الرياضة والكرة التي تحولت إلى تجارة رخيصة ! انظر لمن يملأون بطونهم على موائد الغير نفاقا وتزييفا فقط من أجل أموال تدخل في حساباتهم الخاصة، غير عابئين بمصلحة المجتمع ولا مصلحة البلد، ولا يهمهم غير مصالحهم الشخصية ولو على حساب الآخرين بل ولو على حساب كرامتهم ، فأنانيتهم غطت على قلوبهم وعقولهم وضمائرهم !

ولست بحاجة لذكر أسماء بعينها في عالم الرياضة، والإعلام الرياضي تحديدا، اشخاص معاصرة !!الآن، كل أصابع الاتهام تشير إليها وغيرهم كثيرون ممن يدعون أنهم يعملون في العمل العام، فأنتم تعلمونهم تمام العلم، عاقبهم الله أينما كانوا واراحنا منهم ومن "كروشهم" التي لا تشبع وأنانيتهم التي لا تستحي .. ! 
 
فالأناني شديد الأنانية إنسان تحول إلى وحش لديه الاستعداد كي يلتهم كل من حوله من أجل نفسه هو فقط ولا يبالي ولا يشبع ابدا، وفي واقعنا المعاصر ما اكثرهم وفي كل مجالات الحياة، في السياسة في الإعلام في الرياضة في السياحة، وهؤلاء المرتزقة أصحاب المصالح الخاصة لهم تأثير شديد الخطورة على المجتمع كله ..

ولو نظرنا إلى تداعيات الأناتية وحيثياتها ودلالاتها وصورها لوجدنا أن الفاسد أناني وكذلك الغشاش والمرتشي والسارق والمختلس والمنافق والكذاب والبخيل والشحيح والجاسوس والخائن -أيا كانت خيانته- والظالم والجائر والمرائي ومن يدمنون المظاهر و"المنظرة "كل دوافعهم مصدرها الأنانية وتقديس الذات ،،، حتى الإرهابي القاتل؛ لم يفعل فعلته إلا من خلال دوافع نفسية خبيثة متعلقة بذاته.. كلهم أنانيين في أسوأ صور الأنانية.. وعليه فالأنانية آفة خطيرة لها آثار سلبية على المجتمع كله .

تحية إجلال وتقدير لمن قال الله فيهم "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ" .