الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ساعة الصفر فى حرب أكتوبر.. حكاية اختيار التوقيت واليوم والشهر لشن المعركة

صدى البلد

يحتفل الشعب المصري بالذكرى الـ 45 على مرور حرب أكتوبر المجيدة، تلك الملحمة التى استعادت مصر فيها الأرض والعزة والكرامة، فى مثل هذا التوقيت كان الجيش المصري يستعد للمعركة التى خطط لها لشهور طويلة عكف عليها الرئيس الراحل أنور السادات وكل قيادات الجيش المصري وقتها لاختيار اللحظة الحاسمة والفاصلة فى تاريخ مصر، فلماذا كانت حرب أكتوبر يوم 6 وليس يوما آخر؟ ولماذا كانت فى شهر أكتوبر بالأساس ولم يخطط لها فى شهور أخرى؟ ولماذا كان ميعاد الحرب الساعة 2 ظهرا وليس أى وقت آخر؟ ومن حدد التوقيت الرئيس السادات أم الفريق سعد الدين الشاذلى أم المشير أحمد إسماعيل؟

كل تلك الأسئلة وراءها قصة بطل حقيقى من أبطال أكتوبر، هو اللواء أركان حرب صلاح فهمى نحلة، رئيس فرع التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة، وصاحب قرار ساعة الصفر.

اللواء فهمى بتكليف من اللواء الجمسى بدأ دراسة أنسب يوم وساعة للحرب، وقبل أى تفكير عكف أياما طويلة على قراءة ظروف الجو بالمنطقة وجغرافية سيناء كاملة - مسرح المعركة - والوقت الذى تستغرقه مصر لتنفيذ العملية العسكرية وعبور القناة وفى المقابل الوقت الذى تستغرقه إسرائيل لتنفيذ أول رد فعل.


وكان اختيار اللواء صلاح نحلة على أساس:

1- الشهر المناسب على أساس حالة المد والجزر وسرعة التيار في قناة السويس على اعتبار أنه أصعب مانع مائي عسكريا في العالم بجانب قناة "بنما"، وأهم عقبة في طريق عبور القوات في حالة العبور في وقت غير مناسب للمد والجزر، ودراسة تأثير هذه الظواهر على وسائل العبور.


2-اختيار الأأيام المناسبة يكون فيها ضوء القمر ساطعا في نصف الليل من اليوم، ومظلما في نصف الليل الآخر، بحيث تتم عملية بناء الكباري على ضوء القمر وعبور المجنزرات في الظلام.

3-دراسة الأحوال الجوية وتحديد الوقت المناسب بالنسبة لحالة الطقس وتأثيره في مسرح العمليات، خصوصا بالنسبة القوات الجوية.



تم تحديد 3 مواعيد في مايو وأغسطس وأكتوبر، لكن كان الأنسب هو 6 أكتوبر بالنسبة للعوامل السابقة، بجانب أن نهاية الشهر كانت انتخابات الكنيست الإسرائيلي، ما يكون له تأثير في استدعاء الجيش الاحتياطي بجانب انشغال الدولة داخل إسرائيل في ترتيبات الانتخابات.

وأيضا كان شهر أكتوبر متزامنا مع شهر رمضان وقتها، وهي مناسبة إسلامية لا يتوقع فيها حدوث عملية هجوم شاملة.


يوم 6 أكتوبر كان عيد الغفران وهو يوم في حد ذاته مختلف عند اليهود، وكان له تأثير مباشر في استدعاء الجيش الاحتياطي، بمعنى أن عيد الغفران يتم فيه تعطيل وسائل الإعلام بما فيها الراديو، كإحدى وسائل استدعاء الاحتياط في إسرائيل وكوسيلة علنية لاستدعاء الاحتياط، وفيه وسائل أخرى لاستدعائهم، لكن كانت أقل سرعة في استدعاء الجيش الاحتياطي، بجانب أن الوقت مناسب في الجبهة السورية لأنه في شهر نوفمبر، أي بعد أكتوبر يبدأ الجليد يسقط في سوريا والجولان وحالة الطقس بعد أكتوبر غير مناسبة للحرب في الجبهة السورية.


وتم اختيار ساعة الصفر "الساعة 2 ظهرا"، وهو ميعاد غير تقليدي لبدء العمليات العسكرية.

وكانت البداية باختبار ثلاثة مواعيد مناسبة لبدء العملية العسكرية "في شهر مايو وأغسطس وأكتوبر"، لكن نظرا للعوامل السابقة تم اختيار شهر أكتوبر، وبالتحديد 6 أكتوبر.

هذه الدراسة اطلع عليها الرئيس السادات في أبريل 1973 مع الرئيس السوري حافظ الأسد، وكانت مكتوبة بخط يد "المشير محمد عبد الغني الجمسي" من نسخة واحدة لضمان السرية.

واستغل السادات شهر مايو وأغسطس لتنفيذ ما وصفه بـ"الخداع الاستراتيجي" بإعلان التعبئة العامة في شهري مايو وأغسطس، ما يوحي ببداية الحرب ورد الفعل الإسرائيلي كان استدعاء الاحتياطي.


خطة الخداع الاستراتيجي 

كان لخطة الخداع الاستراتيجى أثر ناجح قبل العملية الهجومية في 6 أكتوبر، حيث رصدت المخابرات الإسرائيلية استعداد الجيش المصري على طول جبهة القناة.

وبما أن الجيش المصري أعلن التعبئة العامة أكثر من مرة، تأكدت المخابرات الإسرائيلية أن هذه المرة لن تختلف عن تعبئة مايو وأغسطس، لذلك كان رأي القيادة الإسرائيلية في 3 أكتوبر أنه لا دليل على عزم مصر وسوريا استئناف الحرب.




كشكول الجمسي

دراسة توقيت الحرب أعدها رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة المشير عبد الغني الجمسي في كشكول بخط اليد أطلق عليه السادات "كشكول الجمسي"، وكان يتضمن دراسة علمية شديدة الدقة من قائد العمليات.

وقال عنه المشير أحمد إسماعيل: "لقد كان تحديد يوم الهجوم عملا علميا على مستوى رفيع، وهذا العمل سوف يأخذ حقه في التقدير وسوف يدخل التاريخ العلمي العسكري كنموذج من نماذج الدقة المتناهية".