الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الطيب" في قصر السلام الكازاخي


كازاخستان.. من جديد.. لكن هذه المرة مع الإمام الأكبر وشيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والذي قال في حضرته بالقصر الرئاسي الرئيس الكازاخي نور سلطان نزارباييف: "ليس أمامنا إلا الأزهر الشريف ومنهجه الوسطى لمكافحة التطرف".

من هنا انطلق الترحيب الكبير بالإمام الأكبر من القصر الرئاسي قبيل انطلاق الحدث الأكبر، إنه مؤتمر "زعماء العالميين والأديان التقليدية" الذي انطلق اليوم الأربعاء من العاصمة الكازاخية أستانا، ومن قصر السلام الذي تم بناؤه خصيصا في العام 2006 بهدف استضافة فعاليات الحوار بين الأديان، لخلق أسس لبيئة صالحة للسلام العالمي، وبمشاركة ممثلون من 82 دولة ووفود من 46 دولة من بينهم سياسيون وزعماء لأديان الإسلام والمسيحية واليهودية، إلى جانب ممثلي أتباع الهندوسية والطاوية والزرادشتية، وممثلين عن المنظمات الدولية والدينية والعامة مثل تحالف الأمم المتحدة للحضارات ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا واليونسكو وجامعة الدول العربية.

عن هذا الحدث المهيب وفي دورته السادسة قال سفير جمهورية كازاخستان بالقاهرة أرمان إيساغالييف: "الشعب الكازاخي يتطلع بحماس لزيارة شيخ الأزهر"، وأضاف: "أن لقاءات الدكتور أحمد الطيب في أستانا ستشكل عنصرًا مهمًا في تعزيز التلاحم والتضافر والانسجام بين الأديان المختلفة مع إبراز مكانة الإسلام ودوره في التعاطي مع الأديان الأخرى وضرورة الاندماج والتكامل بين جميع الأديان من أجل خدمة الإنسانية والبشرية".

أما شيح الأزهر فأشاد بالشعب الكازاخي ودوره في بناء نهضة الحضارة الإسلامية، من خلال أبنائه الأفذاذ أمثال، الفارابي، فيلسوف الإسلام، وأبو إبراهيم إسحاق الفارابي صاحب "ديوان الأدب"، والعلامة الجوهري صاحب "معجم الصحاح".

إن اختيارنا لتسليط الضوء على هذا الحدث ينبع من أهمية الدولة المستضيفة والمضيف والمستضاف.. فكازاخستان ليست دولة هامشية يمكن تجاوزها، وإلا لما حظت من قبل الرئيس السيسي بهذا الاهتمام الكبير خاصة في العامين المنقضيين، وبدء زيادة التعاون بين البلدين إلى حد ستكون معه كازاخستان بابًا للسلع المصرية إلى دول أوراسيا، والبداية ستكون بصناعة الدواء، إضافة لتضاعف عدد السياح الكازاخ الزائرين لمصر، فضلًا عن زيارة مرتقبة للرئيس الكازاخي ربما خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

والمستضيف هو الزعيم نورسلطان نزارباييف، الذي تخطى ببلاده أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية غاية في الصعوبة، ولولا توفيق الله له في العديد من القرارات التي اتخذها وحافظ بها على السلام الداخلي لكازاخستان ووازن فيها علاقاته مع جميع دول العالم خاصة الكبرى منها، لعانت كازاخستان وشعبها المر.

ولعل خطابه الإثنين الماضي، أبرز العديد من الإنجازات التي يحق للكازاخ أن يفخروا بها وأن تكون نموذجًا يحتذى في بلادنا والتي أهمها:

أن كازاخستان اليوم دولة تقدمية حديثة ذات اقتصاد ينمو بشكل حيوي، تنعم بالسلم والوئام الاجتماعي، وتمت بها إصلاحات هيكلية ودستورية وسياسية نوعية وتاريخية، وتم رفع المكانة الدولية لكازاخستان، وتعزيز دورها الجيوسياسي في منطقة آسيا الوسطى، وقدَّمت نفسها كشريك دولي مسؤول وضروري في حل المشاكل الإقليمية والعالمية.

جذبت كازاخستان خلال العشرين عامًا الماضية استثمارات بحجم 300 مليار دولار، وباتت مؤهلة لعملية التحديث الثالثة في إطار التكليفات الجديدة للرئيس نزارباييف للحكومة في تطوير الطرق والخدمات الإلكترونية ورفع الحد الأدنى للأجور.

هذه اختصارًا كازاخستان التي تستضيف أحد أهم المؤتمرات العالمية التي تؤسس لخلق بيئة صالحة لمكافحة الإرهاب والتطرف ونزع فتيل الحروب.

هذه كازاخستان التي قال من عاصمتها شيخ الأزهر دفاعًا عن الإسلام وبمنتهى الحكمة والمنطق: "عنـد التأمل الدَقيق يتَضح أن إمكانات المنطقـة التقنيَة والتـدريبيَة والتَسليحيَة لا تَـكفي لتفسير ظهـور هذا الإرهاب ظهورا مباغتا بهذه القوَة الهائلة التي تمكنه من التنقل والتحرك واجتياز حدود الدول، والكَر والفَر في أمان تام، ممَا يحملنا على الشَك كل الشَك في أن هذا الإرهاب الذي ولدَ بأسنان وأنياب ومخالب صناعة عربيَة إسلاميَة خالصة، نقول هذا ونحن نعترف بأن المسرح فعلا مسرح عربي إسلامي، وأنَ اللاعبينَ مسلمون وعَرَب، لكننا نرتاب كثيرا في أن يكون أي من نص المسرحية وإخراجها عربيا خالصا أو إسلاميا خالصا.. 

هذا الإرهاب الذي مارس جرائمه البشعة تحت لافتة الإسلام استهدف المسلمين رجالا ونساء وأطفالا، ولم يستهدف غيرهم إلَا استثناء من قاعدته التي روَع بها المنطقة العربيَة بأسرها من أقصاها إلى أقصاها، واستهدف قطع رؤوس المسلمين وحدهم في صـور بشعة نكراء مقترنة بصيحـة «الله أكـبر» ليترسَخ في وجـدان الآخرين أن هذا هو دين الإسلام، وأن الصبر عليه وعلى المؤمنين به لم يعد محتمـلا، وأنَ سـياسـات عالميَة جـديدة يجـب أن تَنزلَ على الأرض لتغير هـذه الأوضاع الوحشية".

وهكذا سقطت كلمات شيخ الأزهر حاملة من التوفيق والمنطق ما يجعلها جديرة بسحق كل رابط فكري أو تمويلي يربط بين الإسلام كدين والمسلمون وبين هذه الجماعات المتطرفة المجرمة.

خطابان من كازاخستان.. أحدهما لإمام أكبر والآخر لزعيم ملهم.. وبينهما مؤتمر يحمل راية السلام ويسعى لوضع بناء فكري يحمي أمن وأمان هذا العالم الممتلئ بالنزاعات والحروب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط