قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د.محمد أبوسمرة يكتب: موت الفجأة وضرورة إبراء الذمة


منذ فترة ليست بالقصيرة لم يمر أسبوعٌ أو شهرٌ واحدٌ علينا ، أو أقل ، إلاَّ ونُفاجأ ونُفجَع برحيل أحد أقاربنا وأعزائنا وأحبتنا ، أو أحدأصدقائنا وأخوتنا وزملائنا ، أو أحد الشخصيات العامة التي تحتل مكانةً خاصة في قلوبنا ، حتى باتت قلوبنا مسكونة بالآلام والأحزان على رحيل هؤلاء الأعزاء الأحبة ، مع كامل التسليم والرضى بقضاء الله وأمره ، وتردادنا على الدوام وطيلة الأوقات : إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ..كثيرون هم الأحباب الأعزاء الذين فجعنا وفاجأنا رحيلهم .

ولو أردنا كتابة أسماءهم ، فلن يتسع المجال هنا لذكرهم جميعًا ، وبعض هؤلاء الأحباب والأعزاء هم فتيات وفتيان وشبان في عمر الورود ، أو رجال في مقتبل العمر ، أو أخوات صالحات في مختلف الأعمار ..وقد امتلأ عامنا الحالي بالأحزان لكثرة عدد من رحلوا من أحبابنا ، حتى تساءل البعض منا :ماهو السر، وراء هذا الرحيل المُدوِّي للكثير من أحبابنا وأخوتنا وأصدقائنا ومعارفنا ؟
وفي كثير من الأحيان، كان رحيل بعض الأخوة والأخوات وهم في عمر الزهور،ومقتبل العمر،دونما مقدمات ، أو شكوى من مرضٍ أوتعبٍ أو وجعٍ ، مما أثار لدينا المزيد من الحيرة ، مع دوام احتساب مصائبنا وأحزاننا ورحيل الأعزاء، لله تعالى ، والإكثار من قول : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولاحول ولاقوةإلا بالله العلي العظيم ..
ياالله كم هو مؤلم وموجع فراق الأحبة ، ورحيلهم عن دنيانا الفانية ، كم هومؤلم موت الفجأة للرجال والشبان والفتيات والفتيان في أعمار الورود ، كم هو صادم أن تصحو وتستيقظ على خبر رحيل شاب أوفتاة في مقتبل العمر .. ولكن الأشد إيلامًا ، هو ألاَّ يؤدي موت الفجأة الذي بات ظاهرةً شبه يومية في صفوف شعبنا الفلسطيني المجاهد، وأبناء الأمة الإسلامية والعربية ، إلى استيقاظ شباب وفتيات الأمة ورجالها ونساءها وشيوخها قبل فوات الآون، ومن المؤلم ألاَّ يؤدي تزايد وارتفاع ظاهرة موت الفجأة، إلى صحوة الناس واستيقاظ ضمائرهم ، ورد المظالم إلى أهلها وأصحابها وإبراء الذمم ، قبل فوات الأوان .
وطالما أنَّ هذه الظاهرة الموجعة المحزنة المؤلمة، والتي تجعلنا كل يوم وساعة نذرف الدموع على أحبة وأعزاء رحلوا عن دنيانا الفانية فجأة ، وبدون أي مؤشرات أومقدمات ، باتت ظاهرة يومية أوشبه يومية ، ولافتة للنظر والانتباه ، فلما لا تقترب الأمة والناس من الله سبحانه وتعالى ، وتعود إلى سُبُل الرشاد ، ويردَّ الظالمون والمعتدون ، مظالم وحقوق المظلومين ، والسعي الحثيث من أجل إبراء ذمم الناس والمظلومين من أعناقهم ، وخصوصًا أنَّ الجميع يعلم ، بأنَّ الله سبحانه وتعالى لايسامح يوم القيامة في حقوق ومظالم عباده ، ولهذا يأمرُ ديننا الإسلامي الحنيف جميع المسلمين بالحرص دومًا على إبراء ذممهم من دماء وحقوق وأموال وأعراض وكرامة وممتلكات الآخرين..فهل تدفع ظاهرة (موت الفجأة) المتزايدة في أوساطنا ، إلى حرص المسلمين على إبراء ذممهم وأعناقهم من حقوق غيرهم من المسلمين ، وعموم الناس أجمعين؟!
وليتقِ الإنسان ظلم الناس والتعدي عليهم وبَخسِهم حقوقهم، فكم من مظلومٍ مقهورٍ دعا على الظالم في ماله وأهله وولده، فاستجاب الله له ، ففقد الظالم ماله، ومات أهله وأولاده أمامه.
موت الفجأة من علامات الساعة الصغرى :
موت الفجأة من علامات الساعة ويكثر في آخر الزمان مصداقًا لقول النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من اقتراب الساعة أن يظهر موت الفجأة ).وجاء في بعض الآثار والأحاديث النبوية الشريفة ، أنَّ انتشار موت الفجأة من علامات الساعة، ويكثر موت الفجأة في آخر الزمان، فعن الإمام أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) ، أنَّ : ( النبي "صلى الله عليه وآله وسلم " ذكر أنَّ " من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال لليلة"، فيقال: هو ابن ليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجأة) ، ذكره الإمام الطبراني ( رضي الله عنه) ، فقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (أن يظهر موت الفجأة) ، يدل على أنَّ هذه الحالة كانت موجودة في السابق ، وإن بشيءٍ من القلّة، فلم تكن ظاهرةً عامّةً، ثم تؤول الحال ، إلى بروز هذه الظاهرة وتزايد حالاتها وتناميها بحيث يلحظها الجميع،وللإنسان أجل واحد ، وهو ما تمت كتابته في اللوح المحفوظ ، وسبق به علم الله سبحانه وتعالى ، ثم يأتي فعل الإنسان لاحقًا ليوافق ما سبق به العلم عند الله تعالى، فكل إنسان يعمل ويقول موافقًا لما سبق في علم الله سبحانه وتعالى ، وتم تدوينه في اللوح المحفوظ عند الله .
نسأل الله تعالى حُسنَ الخاتمة، وألايفجعنا برحيل المزيد من الأحباب الأعزاء ، وأن يتقبلنا في رحمته وطاعته ورضوانه ، وأن يتقبل منا جهادنا وكفاحنا وصبرنا على البلاء والمصائب ، وأن يكتب لنا الشهادة بعد طولِ عمرٍ في جهاد وكفاح.