دراسة واجبة لمقاطعة35 مليون مصري

15 مليون مصري كان لهم حق التصويت لم يشارك منهم في الاستفتاء علي مسودة الدستور إلا نحو03% ـ من قالوا نعم قيل إنهم01 ملايين و396 ألفا و119 صوتا بنسبة8.06% ورفض6 ملايين و16 ألفا و101 صوت بنسبة2.63%!! أي أن03% فقط من أصحاب حق التصويت بينهم2.63% من الرافضين.
هل تصلح هذه النسبة ان تكون دالة علي رضاء شعبي علي وثيقة تمثل العقد الاجتماعي بين المصريين وبين جميع مؤسسات الدولة وترسي المبادئ الاساسية للحكم والحقوق والواجبات لجميع المواطنين. وهل يستطيع أحد أن يقول من بين من قالوا نعم من ناسنا وأهلنا الطيبين المحاصرين بالفقر والأمية ـ كانوا يعرفون ماذا تضم الوثيقة ـ ولماذا يقولون نعم؟!! لقد بلغت مؤشرات الغياب عن المشاركة أو المقاطعة نحو53 مليون مصري ـ وهي أرقام يجب أن تكون محل دراسة وتحليل من منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان, فنحن أمام أخطر مؤشر سيحدد نتائج الانتخابات البرلمانية وحتي لايزداد المشهد السياسي بؤسا يجب أن نعرف ماهو الدور الذي شاركت في صناعته الترتيبات التي أعدت لإدارة الاستفتاء ـ وكانت في مقدمة اسباب أن يصل رقم عدم المشاركة إلي نحو53 مليون مواطن. وبعمليات حسابية بسيطة كان الزمن المتاح ليدلي الناخبون بأصواتهم في مختلف اللجان علي مستوي الجمهورية لايسمح بأكثر من05% من إجمالي أعداد الناخبين ـ ومما أدي الي وجود قطاعات عريضة اكبر من الذين قالوا لا أو نعم ـ وهم الذين ذهبوا بالفعل الي لجان الاستفتاء واصطفوا في الطوابير وانتظروا ساعات طويلة ـ واضطروا أو فرض عليهم أن ينسحبوا بل إنه في نسبة الـ05% المتاحة للمشاركة من استحالت عليهم المشاركة!!
كيف لم تتمسك اللجنة العليا للانتخابات بتوفير الشروط التي تحترم آدمية الناخب وتمنع العملية الانتخابية من التحرك من عرس شعبي كما لدي الديمقراطيات الحقيقية إلي عملية تغريب ـ تحداها وانتصر عليها كثير من المواطنين خاصة نساء مصر الرائعات اللائي امتدت صفوف انتظارهن وصبرهن وعنادهن في البرد والليل.. كيف ضرب عرض الحائط بالانتهاكات التي أعلنتها ووثقتها تقارير اكثر من مائة من المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني ـ ثم أن يعترف المجلس القومي لحقوق الانسان بحدوث انتهاكات ولكنه يري أنها لاترقي إلي التأثير في سلامة إجراءات ونتائج الاستفتاء!! الخلاصة تحولت الترتيبات التي أعدت لإدارة الاستفتاء الي عمليات تغريب للمواطن ـ ولا أريد أن أتناول غيرها من المخالفات التي أثبتت داخل اللجان ـ ولكن أتساءل هل ماحدث وجعل أحد القضاة يصفها بأنها تشبه ماحدث في انتخابات5002 ـ هل كل هذه الاسباب تكفي لتفسير غياب نحو53 مليون مصري عن الادلاء بأصواتهم ـ وهل لاتنبيء عن سلبية ونكوص عن قيمة من أهم القيم التي صنعت نجاح ثورة52 يناير ـ ان كل مصري أمين ومحب ومخلص وعارف بما جري لهذا الوطن من انتهاكات اعتبرها ثورته ـ وأن نجاحها مسئوليته ـ فكيف تغيب هذه الروح التي لولاها مانجحت الثورة ـ أعرف قدر مشاعر الإحباط التي تملأ صدور كثير من المصريين ولكن لا أظن أن أي عثرات أو انكسارات في طريق استكمال الثورة ممكن أن تهزم ماكشفت عنه من طاقات وقدرات واصرار لفرض إرادتهم بالحق ومن المؤكد أن كثافة المشاركة ـ كان سيصعب معها ارتكاب كثير من الانتهاكات التي شهدها الاستفتاء ـ وأهم مؤشر علي ذلك نتائج الانتخابات الرئاسية التي حقق فيها رئيس الجمهورية فوزا بنسبة5.15%!.
إن غياب نحو53 مليون مواطن عن الادلاء بأصواتهم يحتاج الي تحليل ودراسات جادة من المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني ومن الاحزاب السياسية التي تسعي الي اقتراب حقيقي من الجماهير ـ نحتاج الي اعلان نتائج هذه القراءة المتعتمة لضمان عدم استنساخ الاخطاء والخطايا في الانتخابات البرلمانية بالاضافة الي ضرورة احترام ماطرحته قوي المعارضة والتيارات السياسية المختلفة من رؤي ومقترحات لشروط اجراء هذه الانتخابات وعدم طرحها والموافقة عليها بليل في مجلس الشوري المنتخب بـ6% من أصحاب الحق في التصويت!! ويبقي قبل كل شيء إيمان الملايين من المصريين بأن فرض ارادتهم في صناعة الحاضر والمستقبل وايقاف تدابير وسياسات السيطرة والانفراد والتمكين ـ تقتضي النزول بكثافة والمشاركة بقوة ـ وهو ما كان يستطيع أن يفرض ـ رفض دستور لايحتاج لشهادات جديدة علي مايضم من انتهاكات للحريات ولحقوق الإنسحان ولتكريس القسمة الظالمة للمصريين بين تيارات دينية ومدنية ومن تغيير للهوية الايمانية الوسطية والحضارية والثقافية المصرية ـ وشهادات بعض من شاركوا في كتابة هذه الوثيقة لاتحتاج إلي المزيد.
خلاصة الأمر أن يدرك كل مصري قيمة وأهمية صوته وأن عدم مشاركته وحده قد يكون السبب في تكديس وتمكين الانتهاكات التي تنذر وتدق أجراس الخطر من الآن لمصير الانتخابات البرلمانية ـ والتي يجب ان تتخذ من الآن جميع الاجراءات التي توقف استنساخ ماجري في الاستفتاء علي الدستور وحتي لايتحول الأمر من اداعاءات لتحولات ديمقراطية حقيقية تمهد للاستقرار وللبناء وايقاف التدهور الضارب في جميع مفاصل الدولة إلي مواجهات وصراع جديد لايقاف ترتيبات التغول والانتهاك لإرادة الشعب والتي لايمكن أن تدعيها الارقام المتواضعة سواء من شاركوا أو وافقوا. تحية واجبة للشيخ الجليل محمد بن عبدالرحمن العريفي علي ماقدم في خطبة الجمعة التي القاها أخيرا بالرياض.. نموذج راق لسمو ونبل الدعوة ورسالتها في جمع الصفوف.. في لم الشمل.. أبان الشيخ وأفصح وحلق في بيان ماقدمت مصر للاسلام والمسلمين.. في تاريخها الإيماني والانساني والنضالي والعلمي والاخلاقي العميق والعظيم.. أفضالها علي العرب والمسلمين وعلي العالم أجمعين كما قال الشيخ الجليل.. ومن أنجبت من أهل علم وذكر وابداع وفكر.. نموذج لما يستطيعه الداعية المحترم عندما يمتلك العلم والمعرفة والايمان والفهم الحقيقي للإسلام والمحبة العميقة للانسانية وادارك دور ومسئولية الدعوة.. تجلي كل هذا في دعوته للمصريين في لم شملهم ـ في الثبات والايمان بنصر الله القريب لهم.. فالحق معهم ومع ثورتهم.. وانه لم ولن ينتصر عليهم من يبغي عليهم أبدا.. أقاض في بيان حلقات تاريخ نضالهم القديم والحديث.. في تكريم القرآن الكريم لمصر.. في وصايا الرسول صلي الله عليه وسلم بهم وبأقباط مصر( قبط مصر أخوال قريش) ثقته ويقينه في انتصارهم بإذن الله علي كل مايمرون به من ظروف صعبة.. ايضا أفاض بعلمه وفهمه ومحبته في ذكر صفات المصريين الأصيلة في حسن أخلاقهم وأدبهم وحلاوة لسانهم وكثرة مودتهم وحسن فهمهم للشريعة. لن أعقد مقارنات مع بعض الخطاب الديني هنا فلاشك أن مصر تفيض بعلماء أجلاء يرقي ويسمو خطابهم في جلال وسمو الرسالة.
أدعو كل من يستطيع ان يطبع ويوزع خطاب الشيخ العريفي. لوجه الله ولاستنهاض وإحياء قيمة وأهمية دور وتاريخ وماقدمت مصر للإسلام وللعرب وللعالم.. وأدعو الفضائيات المحترمة التي تدافع ببسالة ضد الهجمة الشرسة علي الاعلام أن تواصل تقديم نماذج من الخطاب الإسلامي الرفيع للدعوة وللدور وللمسئولية عن اضاءة الكون والعقول والأرواح والتي كان خطاب الشيخ الجليل ـ العريفي ـ نموذجا راقيا لها.
نقلا عن الاهرام اليومى