الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ظاهرة اسمها منير مراد


هو ملحن مصرى متعدد المواهب اشتهر بصياغة الألحان الخفيفة والاستعراضية للسينما، تميزت ألحانه بالخفة والمرح والسرعة والرشاقة بالإضافة إلى بساطة الجملة اللحنية وجاذبيتها وإجادة المزج بين الموسيقى الشرقية والغربية، وضعته ألحانه منذ بداياته فى مصاف الملحنين الجيدين فى مصر.

ولد بالقاهرة في ١٢يناير عام ١٩٢٢، اسمه الحقيقى موريس زكي مراد، شقيق المطربة ليلى مراد، لوالدهما المطرب زكي مراد الذي اشتهر فى أوائل القرن العشرين، أى أنه مصرى يهودى، عرف في طفولته بموهبة التقليد البارع ، وكان يقلد أفراد أسرته في الكلام والحركات، وقد ساعدته هذه الموهبة في عمل اسكتشات تقليد الفنانين فيما بعد.

التحق بمدرسة الفرير الفرنسية التي تعلم فيها داود حسنى ونجيب الريحانى وفريد الأطرش وأخته آمال الأطرش (أسمهان) هذا ما جعل بعد ذلك ألحانه وشكل وصياغة موسيقاه تختلف عن الطابع العربى التقليدى السائد فى ذلك الوقت حيث كان الملحنون يخرجون من عباءة غناء المديح والذكر ذات الألحان والإيقاعات و الآلات الشرقية.

كان يحب موسيقى الأفلام الأمريكية، إلي جانب موهبته الفطرية فى التقليد مما يدل على شخصية مرحة متفتحة، إلي جانب ثقافته الفرانكوفونية المكتسبة من نوع التعليم، كل ذلك لابد أن يضعنا أمام تصور لتركيبة الشخصية الموسيقية له، ومن هنا يمكننا أن نتخيل أول ألحانه و كان للفنانة شادية وهو أغنية (واحد اتنين) خفيفة، مرحة، راقصة، ولحنها رغم بساطته إلا أنك تتخيل العد مما يدل علي قوة التعبير، واشتهر من هنا أن هذا هو لونه فى التلحين، فكم من أغنية نرددها حتي الآن مستمتعين دون أن ننشغل بمن هو ملحنها ولكنه منير مراد.

عام 1955 في أول أفلام عبد الحليم (لحن الوفاء) قدم أول لحن لعبد الحليم (تعالي أقول لك) مع شادية، عام 1957 في فيلم الوسادة الخالية أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة (أول مرة تحب يا قلبي)، ثم أغنية (بكرة وبعده)،(بأحلم بيك)، (علمنى الحب) لصباح،(خايف مرة أحب) ، (ضحك ولعب وجد حب)، وأشهر أغنية يعرفها كل بيت مصرى ( وحياة قلبى وأفراحه) أغنية ناجحين الثانوية العامة التى لم يخلُ بيت فى مصر من تسجيلها، (حاجة غريبه)، (دقوا الشماسى)، (ألو ألو)،(خمسه فى ستة)،(سوق علي مهلك)،(علي عش الحب)،(حارة السقايين)،(شفت بعينى) كلها أغان خفيفه ولكنها مما يطلق عليه السهل الممتنع، لأن المستمع العادى يسهل عليه حفظها وترديد لحنها من بساطته، ولكنه علي مستوي الصياغه الفنيه لحن مترابط و فيه تدفق لحنى واحترافية فى استخدام المقامات وأساليب تعبير عن الكلمات بالنغم لا يؤلفها إلا ملحن علي قدر عال من الموهبة وصاحب ثقافة غير مشتتة.

فى أغنية النجاح نجد اللحن سعيدا، بسيطا، كأنك تدندنه بشكل طبيعى ( وحياة قلبى وأفراحه وهناه فى مساه وصباحه) هنا انتهت البساطة وبدأ الشحن الإيجابى وتأكيد القسم فى لحن تصاعدى رائع يزيدك فضولا و لهفة إلي أن تصل للهدف و هو النجاح( مالاقيت فرحان فى الدنيا زى الفرحان بنجاحه).

ارتسمت تلك الصورة الانطباعية عن منير مراد فى الأذهان، إلا أنك تندهش عندما تسمع رائعة شادية (إن راح منك يا عين) وتعرف أنها من ألحانه، وقد تشعر فى ذلك الوقت أن هذا الملحن المختبئ دائما خلف الضحك واللعب، إنما يحمل بداخله الكثير من المشاعر العميقة، والشجن والفلسفة، وهذا ما نصف به عبر تاريخ اجتماعى طويل الشخصية المصرية التى تظهر البسمة والضحك علي أى شيء حتي وإن كان فى أشد الأوقات ضيقا، بينما بداخله الكثير من المشاعر الحقيقية التى تجعله ثابت الموقف بل ويعرف بوصلة هويته فى أوقات الجد بشكل قد يبهر من يراه من الخارج فقط .

هل مر عليك رمضان دون أن تسمع صباح وفؤاد المهندس فى (اسكتش رمضان)، استمع إلي جملة ( ياعالم فهموه، رمضان ماعمروش قال كدة) هل استشعرت التعبير عن المعنى! ودون جهد فى التأمل!

والمفاجأة الحقيقية فى أغنية (بأمر الحب) الحقيقة عندما عرفت أنها من ألحان منير مراد كانت مفاجأة من العيار الثقيل، لقد أخذ خيال المستمع لمنطقة فى أعماق الإحساس، والرومانسية، وهو نفسه الملحن الذى تستمع إلي أغنيته (خايف مرة أحب) قبلها بخمس دقائق.

والجدير بالذكر هنا أن البعض يمكن أن يقنعك أنها من ألحان الموجى مثلا أو كمال الطويل!!
نعم . منير مراد ظاهرة فنية تعكس فى تكوينها الفنى ظاهرة الشخصية المصرية الحقيقية دون رتوش محاولات التشويه الاجتماعى .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط