الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد عسر يكتب: البقاء.. معيار النجاح الحقيقى لأى عمل درامى

صدى البلد

كانت ومازالت مصر صاحبة الريادة فى صناعه الدراما في المنطقه العربيه لما تمتلكه اولا من تاريخ ضخم في هذا وثانيا لامتلاكها اليات تلك الصناعه من فنانين وكوادر فنيه وإمكانيات لوجيستيه وكانت الدراما فى سابق عهدها مازلت تعيش معانا ونعيش معها، حتى أننا نشاهد بعض القنوات الفضائية تكرر عرض المسلسل التليفزيوني بعد عرض موسمه الأساسي ومازال لها الشعبيه والمتابعه نفسها التي صحبتها أثناء العرض الأول ..

مازلنا نعيش مع "رأفت الهجان" و"ذئاب الجبل" و"المال والبنون" و"الضوء الشارد" و "بوابة الحلوانى" و"لن أعيش فى جلباب أبى" و"يوميات ونيس" وغيرها من الأعمال الدراميه التى تثير نشوة ولهفة المتلقي الذي تسيطر عليه حالة الترقب والمتابعة وكأن بها مغناطيس وجدانى يجذبنا لها ، فتلك الأعمال راسخة فى ذاكرة الدراما المصرية حاضرة ولها سحرها و اليوم ومع الزخم الذى ينهال علينا من دراما اليوم أو تحديدا الدراما الرمضانيه !

ورغم الامكانيات الفنية المتطورة والمعدات الحديثة إلا أنها لم تحظى بصفة البقاء فلم نجد فى السنوات القليلة الماضية أعمالا ذاع صيتها وبقيت فى ذاكرة المشاهد إلا القليل جدا منها. وهنا يثار سؤال ما هي الأسباب وراء استمرار دراما الماضى فى وجداننا واندثار دراما اليوم من أذهاننا بمجرد مرور بعض من السنوات ؟!

وعند البحث عن الأسباب سنجد أنها تتنوع وتختلف فالأعمال الدراميه اليوم أصبحت ذات موضوعات متواضعة الفكرة والمضمون الدرامي متخفيه فى عباءه بعض من عناصر البناء الدرامى من التشويق والمفاجأه والمفارقات بالأضافه الى الاعتماد على الإبهار بالشكل من خلال توظيف التقنيات الحديثة لينخدع المشاهد ويهيأ له أنه أمام عمل عظيم وأذهب بالتشبيه عن هذا الأمر عندما تجد رجل يبيع الكبده ورائحتها نفاذه حتى يسال لعابك عليها وتأكلها بنهم إلا أنها في النهايه قد تكون منتهيه الصلاحية أو غير صالحة للأكل الآدمى والأمر مماثل في موقف الدراما وصناعتها والبهرات المستخدمة بها ولكن في الدراما يكون الأمر أخطر من "وجع بطن " !!! فكثير من الأعمال أفضل ما تفعله بنا هو أن نترحم على المؤلفين الكبار لتكون دراما اليوم هى دراما المخرج وليس دراما الكلمة ، دراما الشكل وليس دراما الموضوع فأصبح الأعتماد وبدون ذكر أسماء على أشباه المؤلفين و السيناريوهات الشكلية التى يندثر معها أثر الصورة ليكون أثر هش لا يلتصق بذاكرة ووجدان المشاهد فتمحى من ذاكرة الدراما المصرية.

والسؤال على من تقع تلك المسؤلية هل هو المنتج الذى يسعى إلى تنفيذ السيناريو غير المكلف أم لفكره تفصيل السيناريو على مقياس النجم أم الاعتماد على ورش كتابة السيناريو والتى بكل اسف تعمل على اندثار المؤلف الحقيقى ، وعلى كل حال انا لا اسعى فى مقالى إلى أن أسطح حال الدراما المصريه وإنما قصدت أمرا محددا وهاما به ألا هو بقاءها من عدمه وان يمتد هذا البقاء في وجدان وذاكرته المتلقى وأن طالت السنون وإن هذا هو النجاح الحقيقى للعمل الدرامى.

البقاء لم ولن يتحقق إلا بتقديم عملا دراميا يتوفر به عناصر النجاح وأولها الاختيار المناسب لسيناريو العمل فالرسالة محملة الى الجهات الأنتاجيه خاصة بضروره الاعتماد على السيناريوهات التى تحمل القيمة والمعنى ويكتمل بها عناصر البناء الدرامى بشكل احترافى وأن تكون هناك الموازنة العادلة مابين الشكل والمضون ، والاعتماد على متخصصين فى الاختيارات ، فبقاء تلك الأعمال فى ذاكرة الدراما المصريه هو بقاء لأسمائكم وهذه أمانه تحمل على أكتافكم .