الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجريمة والمدينة الفاضلة (1 – 3)


القارئ لأخبار الجريمة، والمتابع لصفحات الحوادث، ومعدل الضبطيات اليومية التي تسقط في قبضة رجال الأمن، سيعرف بالتأكيد حجم تغيرها النسبي، وكم وكيفية تنوعها، حتى أن البعض لو سألته عن الجريمة سيتلو عليك جميع الجرائم خلال الفترة الماضية، وبشكل خاص جرائم القتل العائلي.

بإجراء مقارنات بسيطة، أو بحث سريع في جرائم المجتمعات المتقدمة اقتصاديًا، والديمقراطيات الأكثر تحررًا، والإمبراطوريات التي تتشدق بالحريات تكتشف أن الجريمة ظاهرة إنسانية يفترض النظر لها بعيدًا عن النظريات المثالية ولكن.. يفترض أن تخضع معدلات الجريمة إلى دراسات وفحص وتحليل للتعامل معها تشريعيا.

وطالما أن ذلك لابد من حدوثه فإنه لابد أن يرتبط بعدة متطلبات، أبرزها معرفة البؤر الإجرامية، وعوامل وأسباب نشأتها، وكيفية القضاء على ظواهر أطفال الشوارع، والبطالة، والعشوائيات، والأمية، والجهل، وانتشار تعاطي المواد المخدرة، وتردي الأوضاع اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا وسياسيًا.

في علم الإجرام عُرفت البؤرة بأنها المكان الذي يوجد فيه أو يتمركز فيه عدة أو عناصر إجرامية للتخطيط ولممارسة نشاط إجرامي يهد\د أو يخل بالأمن العام بمفهومه الواسع الأمن الجنائي أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وعجزت الشرطة المحلية بإمكانياتها عن مواجهته أو قصرت عن عقابه.

كما تُطلق البؤرة في العلوم الشرطية على أماكن توجد داخل المدن تتميز بمستواها المتدني وقواعد وسلوكيات لاتتفق مع قواعد السلوك الحضاري المعروف في المجتمع ويصبح فيها عادة طائفة مختلفة في الأصل والأخلاق والتقاليد والسلوك الاجتماعي، ويتخذونها في الخفاء مقرًا لانتشار الجريمة ولذلك عادة ما يلجًا قاطنوا تلك البؤر إلى الاتجار في المخدرات أو ممارسة الدعارة والتسول والخطف والسرقة بالإكراه وكل أنواع الجرائم يعاونون بعضهم، في تحقيق أغراضهم والتستر على الجرائم، وفي توقي مهاجمة الشرطة لهم، ولذلك تنتقل عدوى تلك البؤر من السلف إلى الخلف.

يصير النشاط الإجرامي أهم وسائل المعيشة، بغض النظر عن دور كل عنصر في البؤرة، وطبيعة نشاطه، وللبؤرة عدة عناصر مهمة لتكوينها، أهمها المكان الذي "تتمترس" فيه عناصرها، وأعضائها، ونشاطهم الإجرامي، وأداء الأجهزة المعنية، والقوانين غير الرادعة.
هناك تقارير عن ارتفاع جرائم العنف في أوروبا وجنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبالنظر إلى قوائم الدول التي تشهد معدلات جريمة أعلى، نجد مصر في الدول المتوسطة، وهو ما يدعو للقلق، ويستدعى التحليل، بحثا عن الأسباب وتمهيدا للمواجهة، خاصة أن الردع العقابي وحده لا يكفي لتعديل سلوكيات المجرمين.

وللحديث بقية..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط