الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

استعادة الدور الوطني لنقابة الصحفيين


أكتب كلماتي هذه دون استعلاء، أدين من خلالها نفسي قبل أساتذتي وزملائي، وكلماتي التي ستجري في مقالتي هذه مسطرة ملامة وسؤالًا وطرحًا، أنا معني بها قبل غيري من أعضاء نقابة الصحفيين.

فكنت ولا زلت واحدًا من أولاء المؤمنين بهذه المهنة وأنها رسالة كاد حاملها بصدق أن يكون نبيًا مرشدًا أو رسولًا ملهمًا.

كنت ولا زلت واحدًا من أولاء الذين يرون أن الصحافة ليست مهنة للرفاهية ولا هي مهنة المرفهين، وأنها كانت وستظل عنوان الأمة وترمومترها الدال على الحريات فيها ومستوى ثقافة أبنائها مهما أصابها من عطب.

وكنت ولم أزل أرى أن السلطة الرشيدة يجب أن تكون حريصة على هذه المهنة كما حرصها على النجاح في مهامها التشريعية والثقافية والصحية والاقتصادية والسياسية والأمنية، وأن أي محاولة للتغول على أصحابها والتحكم في أقلامهم أو السيطرة على أطروحاتهم ومبادراتهم وحروبهم ضد الفساد وانتقاداتهم للأداء الحكومي على سبيل المثال هو خطر من شأنه إفساد السلطة وتبرير أخطائها وتضليلها حتى تفقد المسار الصحيح بالكلية، ومن ثم تسقط في الخطايا فتهوى وتهوى معها الأمة بأسرها.

لكني أيضًا كنت ولا زلت أرى، أن الجماعة الصحفية مؤخرًا قد ركنت إلى ماضيها المشرّف، ورموزها الكبار، وبات همّ الأجيال الجديدة هو الانتماء لهذا الكيان العريق والشريف المسمى بنقابة الصحفيين، ولو بأساليب غير شريفة، معتمدين على الواسطة تارة، أو المال تارة أخرى، ناشدين وجاهة اجتماعية ربما أو مهنة سامية تدون في بطاقات هويتهم ربما أو بدل شهري ربما، إضافة للخدمات الأخرى التي تقدمها الدولة للصحفيين.

وبصراحة أقول بات هم كثير منا نحن المنتمين لهذا الكيان العظيم التنظير على الآخرين سواء أكانوا مسئولين أو مواطنين أو حتى زملاء صحفيين، دونما قراءة موضوعية للواقع الجديد الذي تعيشه بلادنا، وتأثرنا كما العامة بل كما العوام بالضغوط الاجتماعية والاقتصادية والتي كانت أول ما يجابهها ويواجهها بقوة ذلك الصحفي المناضل وما أكثرهم داخل نقابة الصحفيين، حتى يحقق حلمه في حمل بطاقة عضوية نقابة الصحفيين المصرية.

كان شرفنا في كشف الفساد، وعزتنا في خوض حروب الشعب بالوكالة عند أولاء الذين يعتبرون مناصبهم إرثًا ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، فيحجبون رؤيتهم عن الناس ويمنعون الناس بكل السبل من الوصول إليهم.

كنا عين الرئيس على وزرائه، وكاميرا الشعب التي تكشف أداء خدمهم من المسئولين من أكبرهم إلى أصغرهم.
كان أساتذتنا الذين سبقونا بالإيمان لا يفكرون في تبعية ما يكتبون سجنًا أو تضييقًا أو تحقيقًا، بقدر ما كانوا يفكرون في أن يقدموا للأمة ما يعينهم على فهم الأمور من حولهم محلية كانت أو إقليمية أو حتى دولية، من خلال حقائق ووثائق دون تجريح وخوض في الأعراض.. معتمدين على التوصيف الموضوعي للوثيقة التي يستندون إليها بأسلوب مهني محترم، لا تشتم منه رائحة الابتزاز ولا نبرة التجريح ولا الاستعلاء على القارئ الراغب في المعرفة؛ ولكنها لغة التوجيه من أجل الإصلاح ما استطعنا لذلك سبيلًا، أو التأهيل لمجابهة مخططات الخارج ضدنا إن وجدت.

وشيئًا فشيئًا تخلينا عن راياتنا وعن منابع شرفنا ومجدنا فخسرنا بنفس القدر شعبنا وقراءنا الذين هم صناع سلطتنا الرابعة، حتى أرانا في عزلة فرضناها على أنفسنا وهوة تتسع دون أن نرتجف خوفًا من كشف الشعب غطائه عنا.
فإذا كان هذا حال غالبيتنا ففيما اللوم على الناس إذا فسدوا، فقتلوا وسرقوا ونصبوا استجابة لشهواتهم.

أحمد الله أني صحفي شاب من قرية ريفية ليس عندي من المناصب ما يجعلني مستغن عما ينشده ويطلبه زملائي وأساتذتي في المهنة من الخدمات؛ لكني أرى نفسي وإياهم بحاجة إلى أن نتذكر أن مهمتنا في هذه الحياة تلزمنا أن نسمو فوق مطالبنا الدنيوية في هذه المرحلة، وأن نرتمي مجددًا في أحضان هذا الوطن وأبنائه، وأن يكون لنا مبادراتنا التي تسهم في أن يكون لمصر وشعبها الريادة بين بلاد العالم كله. 

وهذه أطروحتي الأولى التي يمكن أن تؤسس لعودتنا الكريمة إلى شعبنا وقرائنا لنستكمل دائرة البناء التي يحتاجها وطننا والتي ما انقطع دورنا عنها، بأن يتم استقطاع 100 جنيه شهريًا من كل صحفي تحت بند "التنمية الوطنية"، هذا المبلغ البسيط كفيل أن يجعل في هذا الصندوق شهريًا ما يربو عن مليون و200 ألف جنيه، ثم يقوم مجلس النقابة المنتخب أيًا ما كان بالنزول كل شهر مع الراغبين من أعضاء نقابة الصحفيين بالتنسيق مع المختصين في الدولة إلى قرية من قرى مصر الأكثر فقرًا وتوظيف هذا المبلغ في النهوض بها بحسب أكثر احتياجاتها إلحاحًا.
بل يمكن أن تقوم النقابة من خلال لجنة التنمية هذه وبالتنسيق مع مختصين في الطب والهندسة وغيرها إضافة إلى المؤسسات الخيرية الراصدة لاحتياجات هذه القرى بالتعاون سويًا في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذا المبلغ كل شهر.

ثم تنتقل النقابة من قرية إلى أخرى حتى تطوف مصر كلها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط