الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سرقة مستشفيات مصر


مصر أم الدنيا، فيها كل مفردات الدنيا، فيها شرفاء وفيها لصوص، فيها شجعان وفيها جبان، فيها حكماء وفيها سُفهاء، إنها حقًا أم الدنيا، شرفاء يبنون مستشفيات ولصوص يسرقونها، أطباء يموتون فى العيادات وغرف العمليات وهم ينقذون حياة المرضى فى المستشفيات العامة وهم الأغلبية الساحقة، وأطباء يسرقونهم لعلاجهم فى عياداتهم ومستشفياتهم الخاصة وهم الأقلية، إنها النفس الإنسانية تراها بكل فجورها وتقواها فى كل المهن الإنسانية دون استثناء، ولكن ما أقسى الفجور فى نفس تشجع صاحبها على سرقة أجهزة ومستلزمات المرضى الضعفاء فى المستشفيات العامة.

إنه العار بكل مفرداته ومعانيه، مرضى يموتون وأجهزة طبية بملايين الجنيهات تُسرق كل عام لتباع ببضعة آلاف من الجنيهات للصوص آخرين، لكن للصوص أكبر قدرًا من الناحية العلمية وأقل قدرًا من الناحية الأخلاقية، فالأخلاق ربما تكون هى الشيء الوحيد الذى لا يعرف الدرجات العلمية، فربما حامل أعلى الدرجات العلمية لا يحمل أقل درجة أخلاقية، وربما إنسان لا يحمل أى درجة علمية يحمل أعلى وأرقى الدرجات الأخلاقية.

فإذا كان السارق شخصا لا ينتمى إلى أرقى المهن إنسانية فى العالم وهى مهنة الطبيب، فإن المشترى النهائى للأسف طبيب، فالشارى من سارق شريك فى السرقة حسبما نؤمن نحن كمسلمين، وأعتقد أن باقى الرسالات السماوية تحرم الشراء من السارق أيضًا، ولكن ماذا نفعل فى بشر أغوتهم شياطين الإنس والجن؟ هؤلاء لن تجدى معهم خطب المساجد أو وعظ الكنائس.

ربما يكون الحل فى تكنولوجيا البشر لمواجهة أطماع بعض البشر أيضًا، وذلك بوضع خاتم محفور لا يمكن محوه من على أى جهاز طبى يورد إلى أى مستشفى حكومي، وتسجيل الأرقام المسلسلة التى يتم ترقيم الأجهزة بها فى سجلات خاصة، فكل جهاز طبى له رقم مسلسل، وكل مستهلك طبى له رقم تشغيلة، ومصادرة أى جهاز طبى لا يحمل رقم مسلسل من أى مكان خاص، والتبرع به إلى أى مستشفى عام ما دام مجهول المصدر.

أما المستهلكات والمستلزمات الطبية فيتم ختمها بخاتم خاص بالمستشفيات العامة مثلما هو الحال فى أدوية التأمين الصحى، لكن أن يتم توريد الأجهزة والمستلزمات دون حماية لها من السرقة فهو بمثابة تشجيع مباشر على السرقة تطبيقًا للمثل العامى "المال السايب يعلم السرقة"، وترك الأجهزة والمستلزمات الطبية دون إجراءات حمائية هو "مال سايب" بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

مشكلة كبيرة ومزمنة، لكن حلها بسيط ويمكن تنفيذه دون أى تكلفة على الدولة، وبدلًا من أن تنفق الدولة ملايين الجنيهات كل عام لتعويض الأجهزة والمستلزمات المسروقة، تقوم بإنفاق هذه الملايين لتحسين الخدمة الطبية بكل مفرداتها سواء تحسين مرتبات العاملين فى القطاع الصحى، أو توفير كميات كافية من الأدوية والمستلزمات الطبية، ونسأل الله أن يشفى مرضى الأبدان فى المستشفيات، ويهدى مرضى النفوس من لصوص المستشفيات أيضًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط