الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مقدرات العرب ومن يملك قرار المصير؟؟


لا تزال أصداء ما يحدث في السودان تثير في نفسي قلقا بالغا علي أمن الجنوب الذي يمثل احد ركائز الامن القومي المصري لما يمثله من اهمية ليس علي المستوي الامني فحسب بل يمتد ليصل الي لقمة العيش التي ينبع مصدرها من نقطة المياه التي نخشي من خطورتها يوما ما . ولاشك ان ما يحدث هناك امر يدعو للقلق علي مستقبل شطر هام علي خريطة الامن القومي المصري والافريقي.. فالمخططات التي تستهدف النيل من امن وطن الجنوب فيما بعد تستهدف استقراره وخضوعه لقوى معينة قد تبدو الان خفيه لكنها لا تخفي علي من عاني من ويلات تلك التظاهرات التي قلبت موازين المنطقة وبدلت من نظم كانت تبدو مستقرة برغم ما بداخلها من احتجاجات لم تصل يوما ما الي ثورة.. ولكن ما نغفله عن طيب خاطر و برضاء تام انه لا تغيير في بلاد مستقرة دون رغبة و موافقة ( ولي امر العالم العربي والافريقي فقط ) وهو الشيطان الامريكي . فكل الثورات التي حدثت في البلدان العربية تحت شعار ما يسمي بالربيع العربي او تلك الخريطة الشيطانية التي اشرفت عليها الشيطانة الامريكية كونداليزا رايس وزير الخارجية الامريكي والمستشارة السابقة للامن القومي ( الفوضي الخلاقة ) ..

وهي بالمناسبة أول سيدة من اصول افريقية تتولى هذا المنصب و كانت هذه الشيطانة زعيمة دبلوماسية الحروب في أفغانستان والعراق إبان رئاسة جورج بوش الابن وكانت هي منفذة نظرية الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط
التي تم تنفيذها حروبا بين ابناء البلد الواحد والتي عادت منذ فترة قريبة لتؤكد الخطأ الامريكي في قرار الحرب علي العراق واعتذر بوش الابن كذلك عما فعلوه في العراق ... كونداليزا رايس اعترفت في محاضرة لها في معهد بروكينج الأمريكي ايضا بأن غزو أفغانستان عام 2001 وغزو والعراق عام 2003 لم يكن من اجل تحقيق ديمقراطية بل للإطاحة بحركة طالبان التي كانت توفر غطاء لتنظيم القاعدة وبخصوص العراق. اعترفت السيدة رايس انهم كانوا يظنون أن الرئيس العراقي صدام حسين كان يعيد بناء ترسانة من أسلحة الدمار الشامل .. ولم يكن الامر صحيحا في اعتقادي لكن الارجح هي خطورة التهديدات التي اطلقها حينها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالقضاء علي اسرائيل و اطلاقه عدة صواريخ اصابت اهدافا صهيونية كان كفيلا بتخطيط الصهيونية الامريكية للقضاء عليه وسط الرضوخ العربي.. ولتلك قصة اخري ..

وأحيانا اجول بخاطري وأسبح حول العالم العربي أرتدي ثوب التمني علني اجد ثورات احتجاجية في بلدان عربية تتوافق سياستها وتتحد مع امريكا فلا اجد فكل الثورات التي حدثت في العالم العربي كانت تحت المظلة و الرعاية الامريكية التي كانت ترغب في تغيير تلك الانظمة لصالح مقدراتها و لصالح رجالها القادمين بعد ان اصبح رجالها السابقون اداة مستعملة ويجب التخلص منها . ولازلت اذكر بغضة في قلبي تلك الغطرسة الامريكية التي تلفظ بها الرئيس الامريكي السابق اوباما حينما وقف الرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل تنحيه ليطلب امهاله مدة انتهاء رئاسته وسوف يترك منصبه و لن يترشح مرة اخري ليخرج الثور الامريكي اوباما في غطرسة وصلف ويعلن: بل الان . 

حينها شعرت بمن طعنني في قلبي وجرح كرامتي فنحن شعب نقوم بتغيير من نشاء ونعارض و نطلب رحيل من نشاء كشعب غير أننا نرفض التعنت و الصلف و الغطرسة الامريكية و التدخل في شؤوننا . فأنا مثلا اكتب حروف حكايتي غير أنني لا اسمح للاخرين بوضع النقاط .

يومها شعرت بالخزي العربي . يومها دفنت رأسي وأغمضت عيني كي لا اتذكر تلك الجريمة الوحشية الغبية التي قام بها الامريكان في اعدام الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة فجر عيد الاضحي و كأنهم يقولون لنا رسالة تتأذي نفسي من ذكرها ويعلمون اننا لن نرد . يعلمون اننا سنتلقي الصفعات ولن نرد . يعلمون اننا سنتلقي كل انواع المهانة ولن نرد . أذكر انني كنت مع الكاتب الكبير الراحل لويس جريس في ذكري زوجته الفنانة الراحلة سناء جميل وتطرق الحوار الي ما يحدث وقال لي بالحرف : لا تثق ان الامريكان كانوا في معزل عن التغيير في مصر فمنهم كانت الموافقة و منهم كان الامر . وحينما ابديت دهشتي ربت علي كتفي وقال لي في اسلوب مؤدب: انت تعلم ولكنك لا تريد ان تصدق .. نعم كنت علي يقين بأن لعبه التغيير صناعة امريكية لانها ولي امرنا حسب تقسيم المنطقة طبقا للتقسيمات العالمية بين معسكري الشر لكني كنت كمن يبحث عمن يربت علي كتفه و يقول له: لا تصدق فالقرار مصري او عربي .. 

كان اللجوء الي المعسكر الروسي هو بداية الغضبة الامريكية و لذلك لم أندهش كثيرا حينما لم اجد من كل تلك الدول العربية التي حدثت بها ثورات من هو حليف استراتيحي لامريكا التي يخطط فيها اللوبي الصهيوني للسيطرة ونشر بذوره و تشكيل الحكومات حسبما تتراءي مصالحهم .. صناعة الشر هي احد مقومات اللوبي الصهيوني في البلدان المستقرة التي لا تنحاز سياستها للمعسكر الغربي فهم يذرعون الفتن و يتركوننا و يقدمون لنا وسائل القضاء علي انفسنا بايدينا لنحصد الدمار .. و نحن نردد امجاد ياعرب امجاد .. 

حينها لابد وأن تهنأ اسرائيل وترتاح من عناء الحرب فإن لها اذرعا نشطة في كل مكان تقوم بالدور كما ينبغي وافضل مما سوف تقوم به هي .. فما حدث في مصر من حرب خفيه وظاهره كان صناعة صهيونية امريكية بتمويل منهم ايضا في بداية الامر و تركونا نقتل بعضنا البعض ، فالمصريون حاربوا المصريين وحاولوا تدمير مصر .. وفي سوريا : السوريون يقاتلون السوريين ودمروا مناطق كثيرة من سوريا .. و اليمنيون حاربوا اليمنيين ودمروا مناطق كثيرة في اليمن بأيديهم.

وفي ليبيا الليبيون يقاتلون الليبيين و دمروا مناطق كثيرة في ليبيا و في العراق العراقيون يقاتلون العراقيين و دمروا مناطق كثيرة في العراق ... الإرهابيون العرب يشنون حربهم على العرب واكثر من 95 % من ضحاياهم مسلمون ولم نسمع ابدا انهم وجهوا هجماتهم المتكررة علي مصالح صهيونية.. اذن علي الصهيونية العالمية ان تهنأ بتلك الاذرع التي تنفذ خريطة الدمار في نفسها بنفسها و بدقة بالغة .. و عندما نفذت الصهيونية العالمية جرائمها في البلدان العربية و انتهت من الدور المرسوم لها لم تشأ أن تتركنا في حالنا نعيد تنظيم ما تبقي لنا من كرامة لكنها صنعت التنظيم الارهابي الداعشي تلك الذراع الشيطانية التي مولتها بكل مقومات الثبات لتقف علي عتبات الدول تهدد وتسيطر وكانت اخر العمليات القذرة للصهيونية الامريكية في مساندة التنظيم الارهابي ما حدث منذ ساعات قليلة في افغانستان في ولاية بادغيس شمال غرب افغانستان حيث تمت عملية سرية لقوات امريكية قامت بتحرير حوالي ٤٥ مسجونا من تنظيم داعش الارهابي الذي استوطن افغانستان بعد الضربات الامنية و المقاومات التي اصابته في سوريا والعراق فاستوطن افغانستان بدعم الصهيونية الامريكية ..

أذكر انني قبل 30 يونيه واثناء حكم الاخوان التقيت الدكتور محمد الظواهري مؤسس تنظيم الجهاد الارهابي وهو شقيق ايمن الظواهري رجل القاعدة الاول عقب وفاة اسامة بن لادن وكنت قد دعوته لحلقة في برنامجي الحدث المصري في قناة العربية الذي كان يقدمه الاعلامي البارع محمود الورواري وعقب انتهاء الحلقة تناقشنا انا وهو وسألته : ماذا ستفعلون بعد انتهاء المهلة التي قررها ( الفريق عبد الفتاح السيسي وكان وقتها وزيرا للدفاع ) ؟؟ كنا نجلس نحتسي القهوة . فوضع فنجانه ونظر لي نظرة اقسم انها لاتزال في خيالي لما تحمله من شر شيطان دفين وقال لي : اخشي من ردة فعلنا فنحن لا نعرف سوي السلاح ندمر به من يقف في طريقنا و لدينا من يمدنا
و من يطورنا بكل انواع الدمار.. من هو اذا ؟؟ هكذا تساءلت ؟
 
تجمعت عناصر قوي الشر في ذاكرتي لتدلني علي شيطان واحد في عالمنا العربي يتحكم في مقاديرنا دون أن نعترض .. ولكن هل يحدث ذلك في المجتمعات الغربية التي تساندها امريكا او الصهيونية العالمية ؟
أبحث عن دولة اوروبية تقوم فيها تظاهرات تطالب بالرحيل والتغيير غير اني لم اجد سوي اصحاب السترات الصفراء في احدي دول المعسكر الشرقي الذي يرتدي العباءة الفرنسية ..

مقدراتنا كعرب من يقودها ؟
تقودوني ذاكرتي لمقولة الاديبة العظيمة الراحلة اجاثا كريستي عن المرأة و التي قالت : كل المكتسبات التي حصلت عليها المرأة هي تنازلات قدمها الرجل ..
فهل اصبحنا مثل المرأة ..؟
هل كل المكتسبات التي حصل عليها العرب هي تنزالات قدمتها لهم الصهيونية الامريكية لنظل قابعين تحت هيمنتها برضانا او رغما عنا ؟ 

الامر ليس بالظلام الدامس في منطقتنا العربية فلقد اصبحت بعض الشعوب علي يقين من جراء تلك المخططات وترفض تلك الهيمنة علي مقدراتها و خرجت التظاهرات تندد بالديكتاتورية الامريكية في بعض الحالات وترفض الصلف الصهيوني الامريكي مثلما تعالت في مصر اصوات تندد بالمعونة الانريكية وتطالب برفضها .. المصريون اشعلوا شمعة الجرأة العربية ضد الغطرسة الامريكية الصهيونية و نذكر مواقف كثيرة للرئيس السيسي في اعلانه ان مصر ليس لديها رقيب عليها و مصر تمتلك القرار و قرار مصر نابع من قرار الشعب ..
كانت تلك رسالة لهم عانوا منها .. 

وكان التحول للمعسكر الروسي عقب الزيارة الاولي للرئيس السيسي مع وزير الخارحية السابق السفير نبيل فهمي هي نقطة الهيبة للقرار المصري الذي عمل له الامريكيون حسابات اخري اهمها صعوبة السيطرة علي القرار المصري في عهد الرئيس السيسي .. ايضا كانت الزيارة لخلق توازن في العلاقات الدولية بين مصر و روسيا التي رحبت بالعودة للعلاقات الوطيدة وامداد مصر بالسلاح .. ومع كثير من مواقف الرئيس عبد الفتاح السيسي استرد الشعب المصري قرار السيادة مرة اخري علي مقدراته .. فمصر دوما ستكون المنارة لطريق التحرر لعدة قرارات عربية قادمة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط