الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صفقة القرن وتوحيد الفصائل الفلسطينية


لاشك أن ما أعلنته الإدارة الأمريكية مؤخرًا في مؤتمر "وارسو" على لسان "جاريد كوشنر" مساعد الرئيس الأمريكي, و هو أيضًا صهره من أن أمريكا سوف تقدم خطتها لحفظ الأمن والسلام بين الفلسطينيين والإسرائليين؛ والتي سُميت بـ "صفقة القرن" في النصف الثاني من إبريل القادم عقب الانتخابات الإسرائيلية, التي سوف تجري في التاسع من الشهر نفسه, هو إعلان رسمي عن خطة أمريكا لتدعيم الإحتلال الإسرائيلي, ولعل أخطر ما في خِطة السلام المزعومة -والذي يهددها بالفشل- هو عدم وجود ملف القدس ضمن خطة البنود الأمريكية, وهو ما يعني أن امريكا سوف تتمسك بالقدس عاصمة لإسرائيل -كطلب الأخيرة- وهو ما جعل مسئولون أمريكيون يؤكدون أن صفقة القرن ستكون صفقة تنازلات بين الطرفين.
ولست أدري ما هي التنازلات التي سوف يُقدمها الجانب الإسرائيلي؟ اللهم إذا كانت التنازلات هي موافقته علي ما تتنازل الحكومة الفلسطينية أكثر -,وبذلك هي تتوهم ، لكن الرد الفلسطيني جاء مخيبًا للآمال الأمريكية والإسرائيلية؛ الذي جاء يحمل الرفض علي تلك الصفقة,
بجرأة فلسطينية و قدرة علي اتخاذ قرار ، فمن قَبل أوقف الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" اتصالاته ومفاوضاته مع الإدارة الأمريكية عقب إعلان "ترامب" في السادس من ديسمبر ٢٠١٧, الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل, وهو الإعلان الذي قوبل طبعًا بالشجب, وبيانات الإدانه من الدول العربية, وكثير من الدول الأوروبية, ولكن :
ما الحل؟ أو بالآحرى ماذا كان بمقدورهم أن يفعلوا غير إصدار بيانات الشجب؟
وبعد إصرار "ترامب" على قراره, ونقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى "القدس" في مايو الماضي كانت أيضًا بيانات الشجب هي السبيل الوحيد للتعبير عن الرفض, وتظل الإدارة الأمريكية في تخطيها لكل أوجه الاعتراض العربي والدولي لقراراتها بشأن القضية الفلسطينية, وتدعيمها المباشر لإسرائيل لترسيخ وضعها الدولي على الأراضي الفلسطينية؛ مما حداها بطرح رؤيتها الشيطانية كخطة سلام بين الطرفين, فيما يسمى بــ "صفقة القرن", للإيهام بأن نجاح الصفقة يعتمد علي تنازل من الطرفين, وهو ما تُكذبه النوايا الخبيثة لأمريكا وإسرائيل حين تغاضت عن ملف القدس على طاولة المفاوضات. وتظل المفاوضات, ويظل الفشل يلوح, في حين تتكرر الأسئلة في المؤتمرات الدولية:
من يملك الحل؟ وبأي وسيلة؟
مؤتمر "وارسو" الذي عُقد في العاصمة البولندية "وارسو" نهاية الأسبوع الماضي قاطعته الدولة الفلسطينية, وجاء الإعلان عن طرح خِطة السلام الأمريكية على لسان "كوشنر" مساعد الرئيس الأمريكي, وطرحه أن ملف القدس خارج نطاق بنود الخطة, ليوحد الفصائل الفلسطينية مجتمعه لأول مرة تستهدف الصمود ضد الخطة الشيطانية الأمريكية لتعزيز وضع إسرائيل فقط, وتأكيد علي أن امريكا تقوم بتقديم مقترحات وجوبية التنفيذ للجميع, حتى مع تصاعد حالات الرفض والتنديد, و هي فيما أظن رسالة واضحة لزعماء قمة "سوتشي" التي عُقدت في روسيا في نفس توقيت قمة وارسو بين الزعماء الثلاثة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" والرئيس الإيراني "حسن روحاني" , القمتين كانتا تسيران في اتجاهين مختلفين, لكن الهدف واضح وهو تعزيز عمليات تقسيم البلدان العربية, وتأصيل وضع اليد الطولي فيما بينهم علي مقدرات تلك الدول.
قمة "وارسو" كانت تستهدف الوضع الإيراني, بينما قمة "سوتشي" تستهدف الوضع في سوريا, وكأن مقدراتنا كعرب ليست بمقدورنا, و ليست لدينا القدرة على الحل والوسيلة, شئ مخزي أن يبحث الآخر عن تأصيل حقه فيك, وأنت تُذعن لمطالبه, وليس بأيدينا سوى الإدانة والشجب, وسوف يحدث هذا مع التشدد الأمريكي الذي حدث في قمة "وارسو" التي حضرها الإرهابي الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي ليعزز من فُرَّص تواجد إسرائيل في القمم الدولية؛ لكن جاء موقف الفصائل الفلسطينية وتوحدها ضد الخطة الأمريكية, ليعطي قوة راسخة للمفاوض الفلسطيني الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية علي نصف مساحة الضفة وكل قطاع غزة -التي تسيطر عليها حماس- بالإضافة لبعض أحياء القدس.
الرفض الفلسطيني لابد وأن يستند لقوة عربية تعضد من موقفه وتقويه, القضية الفلسطينية هي قضية دينية وسياسية وأمنية, وأعتقد أن أي مفاوضات لا تضع ملف القدس علي طاولتها سيكون مصيرها الفشل, وهو ما أتوقع حدوثه عند الطرح الرسمي لخطة السلام الأمريكية المزعومة المسماه بــ "صفقة القرن". في منتصف ابريل القادم.
فالحل الأمثل للقضية الفلسطينية هو ما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية, والعودة لحدود ما قبل ٦٧, وتحقيق مطالب وآمال الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال, ووسط طرح الرؤى الخادعة والمخادعة بإيجاد السلام تأتي الحكومة الإسرائيلية حتي الآن بأعمال القهر والتهجير للمواطنيين الفلسطينيين من أراضيهم جنوب الضفة الغربية لإحكام وفرض السيطرة على الأراضي الفلسطينية, بعد استخدام القوة والعنف لتهجير أهلها؛ لتوسيع المستوطنات وزيادة رقعتها .
إسرائيل لا تبالي بأي خِطط وطرح من الآخرين, فهي تسابق الزمن بتوسيع نطاق السيطرة على الأراضي الفلسطينية بكافة الوسائل, ومنها أعمال عنف وقتل ضد الفلسطينيين, وقطع كافة وسائل الخدمات من كهرباء ومياه وغذاء, ويتم إجبار الفلسطينيين على ترك ديارهم وسط حالة متوقعة من الصمت العربي, والتي لن تنال من فرض و تطبيق صفقة القرن الامريكية بالقوة وسط استمرار المفاوضات وطرح التساؤل الحقيقي :
من يملك الحل؟ و بأي وسيلة؟
و ايضأ من يملك الإجابة ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط