إذا كنت مريضا ستذهب بالتأكيد إلى المستشفى لتلقي العلاج؛ لكن ماذا تفعل لو أخبروك أنك ستذهب إلي بيمارستان، لا تنزعج لأنه مكان يقوم بنفس المهمة لكن من زمان.
د.محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق قال إن البيمارستان (بفتح الراء وسكون السين) كلمة فارسية مركبة من كلمتين، بيمار وتعنى مريض أو عليل أو مصاب وستان بمعنى مكان، ولهذا فالمعنى الكامل هو دار المرضى.
وأوضح أنه من أشهر النماذج بيمارستان (مستشفى قلاوون)، وقد أورد لنا المؤرخون ثلاث روايات فى سبب بناء البيمارستان.
الرواية الأولى (ذكرها المقريزى) فى الخطط المقريزية،ومفادها إن الملك المنصور قلاوون لما كان أميرًا أثناء سلطنة الظاهر بيبرس توجه لغزو الروم سنة 675 هـ/ 1276م فأصابه بدمشق مرض خطير فعالجه الأطباء بأدوية أخذت من مارستان نور الدين محمود فشفى وركب حتى شاهد المارستان فأعجب به ونذر إن أتاه الله الملك أن يبنى مارستانا فلما أصبح سلطانا وفى بنذره.
و الرواية الثانية (ذكرها ابن إياس) فى بدائع الزهور: أن السلطان غضب على العوام لأنهم خالفوا أمره بجهلهم مما غير خاطره عليهم فأمر مماليكه بإعمال السيف فيهم ثلاثة أيام فقتل منهم كثيرين.
فلما زاد الأمر عن الحد طلع القضاة والمشايخ إلى السلطان ليتشفعوا فيهم فعفا عنهم وكف عنهم القتل ولما راق خاطر السلطان ندم على ما فعل وبنى هذا المارستان وأوقف عليه جملة أوقاف على رواتب بر وإحسان وفعل كثيرًا من الخيرات ليكفر الله عنه ما فعله بالناس لعل الحسنات يذهبن السيئات.
والرواية الثالثة (ذكرها ابن عبد الظاهر) فى تشريف الأيام والعصور: وهو أن السلطان بعد أن فرغ من زيارة تربة أم الصالح وشاهد حسن العمارة فيما تشوقت نفسه الشريفة إلى فعل الخير. فاختار بناء مارستان عظيم الشأن لا تصل همة ملك إلى ابتناء مثله ومدرسة للعلوم وقبة شريفة مباركة لقراءة القرآن الكريم وتلاوته.
واضاف:مستشفى قلاوون كان فى عصره مقسما لعلاج أمراض الحميات والرمد والجراحة والقسم الأخير لعلاج النساء ولمن أفرط به الإسهال،ومما يؤثر عن المنصور قلاوون أنه لما زار البيمارستان عقب الانتهاء من بنائه سنة 684 هـ/ 1285م تناول قدحًا من الشراب وقال: (قد وقفت على مثلى فمن دونى وجعلته وقفا على الملك والمملوك والذكور والإناث والكبير والصغير والحر والعبد والجندى والأمير).