الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعدام!


لن أنتظر تحقيقات النيابة حول ملابسات وأسباب وقوع كارثة قطار محطة مصر .. ولن أهضم التعويضات المالية بـ"بضعة" آلاف الجنيهات لأسر الضحايا من القتلى والمصابين .. ولن أتقبل وعيد الحكومة بمحاسبة المقصرين ومانشيتات الصحف والفضائيات التى ترفع شعار محاربة الفساد والقضاء على الإهمال .. ولن أكتفى بالجانب المضيء فى المأساة مع تدفق المواطنين على المستشفيات وحجرات الطوارئ للتبرع بالدم إنقاذا للجرحى وسرعة العاملين فى وزارة الصحة لإسعاف من تبقى من أشلاء الحادث!.

إن أي إنسان سوى لديه ذرة من ضمير وطنى ويقظ، لا يرضيه إلا عقاب رادع ورد عملى يضمن عدم تكرار هذه المشاهد الدموية على قضبان السكة الحديد التى باتت عنوانا للموت والسفر بلا عودة، وأغلظ عقوبة تحفظ لأرواح شهدائنا كرامتهم وحقوقهم هو منطق "الإعدام" دون شفقة أو هوادة .. ولا تُختزل هذه الكلمة فى مجرد القصاص من السائق الآثم الذي ترك "جراره" ليتشاجر مع زميله دون مسئولية أو احترام لشرف وظيفته، فهذا العضو الفاسد جزء من جسد موبوء بأمراض التسيب وسموم الغرور والاستهتار .. واستئصال العضو لا يُغنى عن تطهير الجسم من كل مظاهر العطب والخلل.

واستقالة وزير النقل أو إعفاؤه من منصبه قرار يمثل أدنى درجات العقاب ولا يوفر حلا جذريا أو علاجا ناجعا لفيروس "الضمير الضائع" فى قطاعتنا .. ولذلك فالمحاسبة الجادة لا تقتصر على الإطاحة برأس مسئول أو عزله جزاء لما حدث، وإنما أجد الفائدة الأكبر فى بقائه وتقليص صلاحياته وإلزامه بإصلاح الثقوب فى وزارته مع حرمانه من امتيازات المنصب وخصم مكافآته وعلاوته هو ومرؤوسيه من الموظفين، إذ أن هذا الإجراء قد يضغط على المتورطين فى المأساة وفيه العقاب العادل ليضطروا إلي تحمل المسئولية مستقبلا وتقديم الضمانات الكافية لعدم وقوع كوارث مماثلة.

وللإعدام صور متعددة وطرق واضحة.. أولها القضاء تماما وبمشرط بتَّار على الفاشلين والبُلداء فى أي مرفق حيوى يمس أمن وسلامة المواطنين إلى حد الفصل أو الاستبعاد النهائى دون مستحقات مادية أو معنوية .. ثم الرقابة الصارمة والمتابعة الدورية الدقيقة لأداء الموظفين والعمال من أصغر عامل حتى أكبر رأس دون تفرقة أو مجاملات معروفة .. انتهاءً بوضع أسس ومعايير علمية جديدة عند اختيار الموظف أو العامل وتقييم أدائه بصورة مستمرة من خلال تقارير موضوعية وسليمة عن درجة التزامه فى العمل وحسن سلوكه وطهارة ذمته وسمعته الأخلاقية والمهنية .. وهكذا نحصل على نماذج أمينة ومخلصة لاتعرف التقصير وغير قابلة للاختراق والتلوث من الفاسدين ومدمنى الفشل!.

أما السائق .. الجانى الأول فى قضيتنا اليوم .. فأقصى عقوبة تنتظره هى السجن ١٥ عاما، بينما حبل المشنقة هو أقل ما يستحقه وهو وأمثاله من مرضى الحكومة، قصاصا لجريمته أولا، ثم لظهوره ثانيا على الشاشة عقب الحادث بكل ملامح السذاجة واللامبالاة ليقدم اعتذاره وأسفه لأسر الضحايا على ما اقترفه، ويدعو الله أن يخفف عنهم بعد أن فقدوا لحمهم ودمهم!.

- أفيدونى يا أهل الشرع والقانون والإنسانية .. على من يُحكَم بالإعدام إن لم يكن على هؤلاء؟!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط