الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قولوا لعين الشمس.. أصل الحكاية


العام 1966، أثير الإذاعة المصرية يبث أغنية شادية الجديدة كلمات الشاعر الشاب وقتها مجدي نجيب ولحن الملحن المعجزة بليغ حمدي، الأغنية التي تطلب برجاء من عين الشمس "ما تحماشي" كانت لها قصة طويلة، فلم يكن صوت شادية أول صوت يغني قولوا لعين الشمس، الأغنية الأصلية تغنت 28 يونيو عام 1910.
العالمة "نعيمة شخلع" والتي كانت تعد واحدة من أشهر "أُسْطَوَات" شارع عماد الدين غنت الكلمات الأصلية (قولوا لعين الشمس ما تحماشي، أحسن غزال البر صابح ماشي)، والمقصود بغزال البر الشاب الوطني الصيدلي "إبراهيم الورداني" الذي قام باغتيال رئيس الوزراء آنذاك "بطرس نيروز غالي" بعد تواطئه مع الاحتلال الإنجليزي لتمديد حق إمتياز قناة السويس 40 سنة أخرى لصالح إنجلترا، وتم الحكم عليه بالإعدام، وتحولت القضية لرأي عام وكان الشارع المصري كله يتعامل مع "الورداني" بصفته البطل الذي خلص مصر من أحد الخونة، لدرجة أنه تم تأليف وتلحين الأغنية لغناءها ليلة إعدامه، وبمرور الوقت نست الأغلبية العظمى الأغنية مثلما نسوا "إبراهيم الورداني" نفسه.
ثم جاء مجدي نجيب وأعاد كتابة كلمات جديدة للأغنية محتفظا بمطلعها فقط (قولوا لعين الشمس ما تحماشي) ولحنها بليغ وغنتها شادية، والغريب أن الكلمات التي نسمعها الآن ليست أيضا الكلمات التي كتبها مجدي نجيب كما هي لأن بليغ حمدي طلب وشارك في تعديلها أيضا.
ودعوني أذكركم ببعض كلمات الأغنية الحالية:
قولوا لعين الشمس ماتحماشي .. أحسن حبيب القلب صابح ماشي
قولوا لعين الشمس ماتحماشي .. أحسن حبيبي حبيبي ده اللي صابح ماشي
يا حمام طير قبله قوام يا حمام
خلي له الشمس حرير يا حمام 
ويا ناس لو غاب ياناس خلوه يبعتلي سلام 
دي الآه بقولها وهو ما يدراشي .. وف بعده طعم الدنيا ما يحلاشي 
قولوا لعين الشمس ماتحماشي .. أحسن حبيبي حبيبي ده اللي صابح ماشي.
وسأحدثكم الآن عن ملمح شعري جمالي وملمح لحني إبداعي في هذه الأغنية التي تدخل إلى القلب دون استئذان، فلو نظرنا إلى التعبير اللفظي (وف بعده طعم الدنيا ما يحلاشي) فقد اختصر الشاعر ألم الفراق ومرارة البعد في جملة جامعة شاملة "طعم الدنيا" ويأتي هذا التشبيه مطابقا للحالة الوجدانية لمن يعاني ألم الفراق، فهو يعيش فقط، لا يشعر بأي متعة في الحياة، يرى الأيام كلها متشابهة دون طعم أو لون، ولن يجد يوما سعيدا إلا يوم لقاء المحبوب.
ومن الناحية اللحنية نرى المبدع بليغ حمدي وهو يحلق في جوابات مقام البياتي ويعطي كلمة (ياحمام) أعلى درجة في اللحن وهي جواب (نغمة الدوكاه) ليعبر عن طيران الحمام في أعلى السماء مما يجسد لك معنى النص الشعري بحرفية بالغة تجعله يتسلل إلى وجدانك دون إرادة منك.
ثم يأتي صوت شادية المُعبر لينقل لك الكلمات واللحن بصدق المشاعر التي أعتقد أنها كانت أيضا تعبر عن حالة شخصية.
وفي النهاية نجد سؤالا ملحا، هل ستستجيب الشمس يوما ما لرجاء المحبوب؟.... دُمتم بحب وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط