الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نيوزيلندا وبراءة السماء


هل أحدكم يعرف ماذا كان يحمل قابيل من كتب سماوية عندما قتل أخاه هابيل فى قديم الازل ؟ هل كان يحمل التوراة ام الانجيل ام القرآن ؟ وفى أى مسجد أو كنيسة أو معبد تلقى تعاليمه الدينية ؟ هل احد يستطيع إخبارنا عن ان اسم الشيخ المسلم او القس المسيحى او الحاخام اليهودى الذى أقنعه ان قتل أخيه عمل دينى يقربه من الله ؟ هل تعلم على يد داعش الذين ذبحوا المسيحيين فى سوريا أم تلقى تعاليمه على يد الصرب الذين ذبحوا المسلمين فى البوسنة والهرسك , اما كان يعيش فى بورما وتعلم القتل على يد البوذيين الذين يقتلون المسلمين هناك ؟

بالتأكيد لا أحد يعرف ماذا كان يحمل فى يده , لكن الكل بالتأكيد يعرف انه لم يكن يحمل اى كتاب سماوى عندما قتل أخاه ؟ فلم يكن هناك وقتها لا ديانة يهودية ولا ديانة مسيحية ولا ديانة أسلامية , ولم ينزل عليه اى أمر سماوى يسمح له بفعل ذلك , وهكذا الى يومنا هذا لا يوجد اى دين سماوى يدعو الانسان الى قتل أخيه الانسان , لكن بعض البشر يفعلون ذلك تحت دعاوى دينية بريئة منهم ومن أجرامهم , حتى تصور البعض ان الاديان السماوية فيها ما يدعو الى القتل , وذلك نتيجة عدم فهم للكتب السماوية السمحاء .

فالذين ذبحوا المسلمين فى البوسنة والهرسة رفعوا الانجيل والانجيل من إجرامهم بريء , والذين ذبحوا المسيحيين فى سوريا والعراق رفعوا القرآن والقرآن من إجرامهم بريء , والذين ذبحوا المسلمين والمسيحيين فى صبرا وشاتيلا رفعوا التوراة والتوراة منهم بريئة , فلا أمر من الله فى أى كتاب من كتب السماء الى الارض فيها ما يدعو الى كل هذا العبث , فهو عبث بشرى خالص بعيد كل البُعد عن تعاليم رسالات الله الى أهل الارض .

انا هنا لا أبرئ بعض المحسوبين على رجال الدين سواء اليهودى أو المسيحى أو الاسلامى – حسب ترتيب النزول - من بعض المآسى الانسانية , فالعديد من مآسينا صنعها بعض البشر الذين تسرى فى عروقهم جينات أو طباع قابيل , ولكنهم يرتدون عباءة هابيل , وهم فى حقيقية الامر رجال الشيطان فى الارض , فلا فرق بين شيخ مسلم يبرر قتل المسيحيين الابرياء أو اليهود الابرياء وبين قس مسيحى يبرر قتل المسلمين الابرياء أو اليهود الابرياء وبين حاخام يهودى يبرر قتل المسلمين الابرياء أو المسيحيين الابرياء , كلهم يرضعون من نفس حمقاء ولا تعرف قلوبهم أى معنى من معانى الانسانية .

فالله لم يخلق البشر ليقتل بعضهم البعض , ولو فكرنا بقليل من العقل لتأكدنا ان الله لم يأمر أحدا من البشر بغير الخير , فكلنا خلقنا الله لنتعارف ونتعايش معًا , خلقنا لنعيش معًا , لنعمر الارض معًا , وعندما كان يرسل نبيا أو رسولا للبشر لم يكن يعطيه قائمة بأسماء البشر الذين يدعوهم الى الخير وقائمة باسماء البشر اللذين يأمرهم بالشر , بل كان كل الرسل والانبياء يدعون الى الخير والسلام للجميع , واذا كان هناك على وجه الارض شيخ أو قسيس أو حاخام يعتقد ان في دينه ما يأمره بقتل البشر الابرياء فهو بكل تأكيد جاهل بدينه جهلا عميقا.

لم أطلع على التوراة أو الانجيل لكننى مؤمن أنهم لا يأمران بقتل الابرياء تمامًا مثلمًا أؤمن بأن القرآن لا يأمر بقتل الابرياء , فكما أمرنا القرآن بالخير والسلام لكل البشر على وجه الارض , هم أيضًا كذلك , فهم جميعًا كتب سماوية جاءت من عند الله , كلها جاءت من مصدر واحد , وما كان الله ليخلقنا ثم يرسل رسلا وأنبياء ليأمروا الناس بقتل بعضهم البعض.

ولذا فأن ما حدث فى نيوزيلندا خلال الايام الماضية كارثة إنسانية وفاجعة مؤلمة قام بها إرهابى جاهل بتعاليم المسيحية , وأحمق من يعتقد ان فى الانجيل ما يبرر قتل المسلمين من خلال فهم خاطئ لبعض آيات الانجيل , وأحمق من يعتقد ان فى القرآن ما يبرر قتل المسيحيين من خلال فهم خاطئ لبعض آيات القرآن , فما كان الله ليخلقنا ثم يرسل رسلا وأنبياء ليقتل أتباعهم بعضهم بعضًا.

رحم الله شهداء مسجدى نيوزيلندا الابرياء ورحم كل شهداء الغدر والحماقة من أتباع كل رسالات السماء الى الارض, ونسأل الله الخير والسلام لكل البشر الابرياء على وجه الارض.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط