الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طابا ومعركة الكرامة


لم تكن مغادرة آخر جندي اسرائيلي لأرض مصرية في ١٩ مارس ١٩٨٩ سوى عنوانا لتطهير أرض مصرية من دنس عدو صال وجال فيها لسنوات ماطل فيها تسليم آخر بقعة أرض مصرية احتلتها إسرائيل والمعروفة باسم طابا والتي تقع في نطاق محافظة جنوب سيناء وتبلغ مساحتها حوالي ٥٠٠ فدان ولها أهمية إستراتيحية وأمنية وسياحية، لكونها تشرف على حدود مصر والسعودية والأردن وفلسطين المحتلة، حيث تبعد عن ميناء ايلات الاسرائيلي حوالي ٧ كم وتقع على رأس خليج العقبة، وتواجه ميناء العقبة الاردني ولها أهمية إستراتيجية بجانب أهميتها كأرض مصرية احتلتها اسرائيل.

طابا مميزات المنطقة السياحية ولذلك ماطلت اسرائيل عقب مفاوضات الجلاء والتي قادها وزير الخارجية الأسبق السفير عصمت عبد المجيد -رحمه الله عليه- في تسليمها لمصر وانشأت عليها فندق سونستا وقامت برفع العلم الاسرائيلي عليها.. وبعد انتصار القوات المصرية على اسرائيل في حرب الكرامة السادس من اكتوبر ١٩٧٣ بدأت اسرائيل تنسحب من الأراضي المصرية التي احتلتها عقب هزيمة ٦٧ وبدأ الانسحاب على عدة مراحل بدأت في عام ٧٥ ثم ٧٩ والذي شهد توقيع اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل تم بمقتضاها انسحاب إسرائيل من سيناء بعد عدة مماطلات يشتهر بها العدو الصهيوني لاكتساب مزيد من الوقت والمراوغة لعله يصيب.

غير أنه في أواخر عام ٨١ افتعلت اسرائيل أزمة حول عدة علامات حدودية بدعوي خروجها من الحدود المصرية وكانت في حدود ١٤ علامة أهمها العلامة رقم ٩١ في منطقة طابا ورفضت اسرائيل التخلي عنها بدعوى أنها لا تقع داخل الحدود المصرية لكونها تبعد عن ميناء ايلات المحتل بحوالي 7 كيلومترات، ونتيجة للأزمة التي صنعتها اسرائيل برغم توقيع اتفاقية في ٢٥ ابريل ٨٢ تنص على حل الخلافات عن طريق المفاوضات أو التوفيق أو التحكيم طبقا للمادة السابعة من اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين لحل المشاكل الخلافية التي تنشأ عن ترسيم الحدود، وتم الاتفاق على عدم استغلال اسرائيل لتلك المساحة المحتلة حتي يتم البت في أمرها حسبما حددتها اتفاقية السلام غير أن الجانب الاسرائيلي المعروف بمراوغته قام بإنشاء منشآت سياحية عليها، واشهر ما تم انشاؤه في طابا فندق سونستا الاسرائيلي.

ايضا أقامت قرية سياحية كبيرة وزودتها بأفراد أمن حرس الحدود ونتيجة لذلك كان الموقف المصري المتشدد للحفاظ علي تراب الوطن يقوده الرئيس الاسبق حسني مبارك، والذي أمر بتشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا في 13 مايو 1985 برئاسة وزير الخارجية السفير عصمت عبد المجيد وعضوية 24 خبيرا من علماء مصر الجهابذة وعهدت وزارة الخارجية المصرية بمهمة إعداد المذكرات إلى لجنة مشارطة التحكيم والتي تشكلت برئاسة السفير نبيل العربي ممثل الحكومة المصرية أمام هيئة التحكيم في جنيف.

وتم إعداد مذكرات للدفاع عن الارض المصرية وإثبات تاريخية مصريتها بخرائط عثمانية لم تعترف بها إ وطالبت باللجوء للتوفيق في حل القضية غير أن المفاوض المصري كان يفطن لمراوغات العدو الصهيوني وأصرت مصر على اللجوء للتحكيم الدولي في قضية اثبات مصرية ارض طابا ورفض مبدأ التوفيق الذي يعني عدم الالتزام بقرار اللجنة علي عكس التحكيم الذي يلزم الجانب الاسرائيلي بتنفيذ قرارات التحكيم.

وبعد عدة مفاوضات شاقة استمرت لسنوات صدر في ٢٩ سبتمبر ١٩٨٨ قرار لجنة التحكيم من المحكمة الدولية في جنيف بأحقية مصر في أرض طابا بكل ما عليها من منشآت وتم على اثره في ١٩ مارس ١٩٨٩ جلاء آخر جندي اسرائيلي من طابا والاحتفال برفع العلم المصري عليها في احتفال مهيب قاده الرئيس الاسبق حسني مبارك بعد إثبات مصرية طابا وتحول فندق سونستا الإسرائيلي الي فندف هيلتون المصري وارتفع علم مصر خفاقا ليكتب التاريخ شهادات نضال جيل من ابطال مصر ضحو بأرواحهم لاسترداد والحفاظ على الكرامة المصرية التي لن ينال منها أحد في وجود جيش قوي يفدي بدمائه الطاهرة تراب الوطن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط