استعرض برنامج "صباح البلد" المُذاع عبر قناة "صدى البلد"، اليوم الأحد، مقال الإعلامية إلهام أبو الفتح بجريدة الأخبار "رامى الطفل المصري الذي أذهل العالم".
وجاء نص المقال كما يلى:-
رامي شحاتة طفل مصري لا يتعدي عمره 13 سنة.. لكنه أصبح حديث العالم كله بعد أن تمكن بذكائه من إنقاذ عشرات الأطفال من موت مؤكد داخل أتوبيس مدرسة في إيطاليا.. لم يخف.. لم يفكر كثيرًا في نفسه، كان كله إصرارًا وتحديًا في أن يبعد شبح الموت حرقًا عن نفسه وعن زملائه بالمدرسة بعد أن تحوّل اليوم الجميل الذي مارسوا فيه نشاطهم الرياضي إلي يوم كارثي أثناء عودتهم للمدرسة..
بعد أن قيد السائق المدرسين وبعض الطلبة وأخذ هواتف الجميع والقي بنزين في أنحاءالاتوبيس مهددا بحرقهم جميعا.. لكن ذكاء رامي جعله يشك في السائق من اول لحظة بعد أن وجد "شواكيش" الطوارئ التي يتم استخدامها لكسر زجاج الشباك في حالة الخطر قد اختفت جميعها، فما كان منه إلا أن خبأ تليفونه بين كراسي الأتوبيس، وبدأ يصلي باللغة العربية وهو يظهر الخوف والجزع، وما كانت صلاته هذه إلا محاولات للاتصال بالشرطة.. وهي كأي شرطة في العالم لم تأخذ الاتصال محمل الجد ظنته عبث أطفال ولم يعيروه انتباهًا ..
لم ييأس .. اتصل بوالده وابلغه بما يحدث واعطاه علامات الطريق لتسهيل وصول الشرطة التي استجابت لبلاغ الأب وسارعت لإنقاذ الأطفال .. قصة رامي عادة لا نشاهد مثلها سوي في الأفلام التي تحث علي البطولة والشجاعة لكنها تجسدت هذه المرة علي أرض الواقع مؤكدة علي ذكاء المصريين وبطولاتهم وحسهم الإنساني الرائع ولهذا استحق احتفاء وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية ..
أعجبتني شجاعة الطفل وذكاءه والأكثر من ذلك حديثه البسيط بلغة عربية سليمة الذي يؤكد إنسانيته العالية ووفاءه لبلده الأم مصر ولأسرته ولقريته الصغيرة بالدقهلية وهو الذي ولد في ايطاليا ودرس في احدي مدارسها وتأكيده أنه كان حريصا على أن ينزل جميع زملائه من الأتوبيس أولًا كي يطمأن عليهم ثم قام هو بالنزول، وتفاجأ بوجود حشد كبير من المواطنين والصحافة ووسائل الإعلام في انتظاره لم يكن يفعل ذلك من أجل البطولة او الاعلام أو أي شئ آخر انها الإنسانية والشجاعة والإقدام.
ومع إعجابي بذكائه وسرعة بديهته واستحقاقه كل التكريم سواء في مصر او ايطاليا الا أنه مصري، وهذا هو الذكاء المصري وهذا هو ما يفعله المصريون فهناك الكثير من المواقف التي أثبت فيها المصريون شجاعتهم وجرأتهم سواء داخل مصر، أو خارجها ففي المواقف الصعبة يثبت المصريون دائما جدعنتهم وولاءهم وعرفانهم بالجميل حتي لو تطلب هذا يضحوا بأنفسهم ولا يختلف الموقف بين شاب أو رجل أو امرأة كبيرا أو صغيرا.
فرغم صغر سنه لم يتردد الطالب المصري في المخاطرة بإنقاذ زملائه في حافلة المدرسة الإيطالية بعدما كاد أن ينهى الموت حياتهم رغم صعوبة الموقف فهو في اتوبيس مختطف وتحت تهديد بالقتل من مجرم لن يتردد في إطلاق الرصاص أو إضرام النيران في الجميع.
ذكاء رامي وثباته لايختلف عن ذكاء وثبات محمود السيد الصياد المصري الذي أنقذ 73 يونانيا العام الماضي عندما اشتعلت النيران على شاطئ مدينة ساحلية يونانية وقضت علي 90% من منازل وسيارات المدينة وهددت سكانها حتى ظهر البطل المصري الذي دخل في وسط النيران واستطاع إنقاذ 73 شخصا و4 كلاب.
وينضم اليهم محمود عبد الهادي، المصري الذي يعمل بالأردن، إعلاميًا بطل فيديو السطو المسلح على سوبر ماركت بالأردن، الذي واجه الرصاص بالشومة عندما هجم اللصوص المسلحون علي المحل الذي يعمل به ..
لم يخف من الرصاص فضرب أحد اللصوص على كتفه بالشومة فهربوا جميعا.
ومن ينسي الصيدلي المصري، مايكل حداد، الذي دفع مبلغ 250 ألف دولار من رصيده الخاص لشراء كنيسة "هيورن كونتى والتى يصل عمرها لـ131 عامًا،لانقاذها من الإغلاق بسبب الإفلاس ونقص الموارد، قصص الشجاعة والبطولة تتوالي في كل مكان فالمصري في مواقف الشدة يفكر في الآخرين قبل ان يفكر في نفسه.
رامى ومحمود ومايكل وصلت قصصهم إلينا، لكن هناك الاف من المصريين الذين لايترددون في التضحية بحياتهم في سبيل إنقاذ الآخرينومساعدتهم وقد شاهدنا ذلك في حريق محطة مصر وفي حريق مستشفي الحسين حينما شاهدنا الاطباء يدخلون وسط النيران ويخرجون بالأطفال رافضين اي ظهور إعلامي بعد أن أنقذواالعديد من الصغار.
حقا انهم المصريون يظهر معدنهم في كل موقف صعب فيتكالبون لإنقاذ الضحايا أو يتزاحمون للتبرع بالدماء أو يدفعون بأنفسهم وسط النيران والدخان .
والسؤال من هي الجهة المسئولة عن ابراز المصريين علي حقيقتهم واظهار أصولهم وذكائهم وشجاعتهم التي تجري في جيناتهم المتوارثة والتي تظهر مع كل موقف سواء داخل بلدهم أم خارجها هل هو دور وزارة الهجرة أم الخارجية أم الإعلام .. أعتقد أنها مسئوليتنا جميعا أن نعمل علي إظهار هذه الحقيقة وإبراز هذه النماذج أمام العالم كله.