الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تاجر السعادة النبيل !


للسعادة روادها وأبطالها .. وتُجارها .. والنوع الأخير هو الذى يدرك معنى السعادة ويجيد الأدوات التى تصنعها وترسم ملامحها فى الحياة .. وفى كل كلمة تقرؤها داخل كتاب "السعادة فى مكان آخر" للمؤلف الشاعرى محمد المخزنجى تقتنع بأن بطل الفصول لا تقتصر عظمته وعبقريته على تفوقه العلمى ونبوغه المبكر، وإنما جوهر تفرده بين البشر يكمن فى مجموعة من الصفات والخصال توارثها وعكف على تنميتها فى شخصيته على مدار مشوار عمره ليحظي دائما بالاحترام والتقدير والفخر .. وصارت هذه الصفات أغلى عملة يمتلكها، وبها يبيع السعادة، ويرسم البسمة على الشفاه، ويزرع الارتياح فى النفوس والقلوب!.

إنه الدكتور محمد غنيم رائد مركز الكلى العالمى بالمنصورة .. المشروع الرائع والصرح الضخم علميا وطبيا وإنسانيا.. الفكرة التى نبتت فى ذهن وعقيدة ابن المنصورة الأصيل وأصر على رعايتها وصونها من الروتين والبيروقراطية العفنة وأعداء النجاح المُزيِّفين .. ومن فرط إعجاب وإيمان "المخزنجى" بنموذج "غنيم" النادر، أبحر بروح الشاعر وشفافية الأديب فى تفاصيل رحلة "طبيب الفقراء" وأسفاره وأبحاثه العلمية لتخفيف آلام الملايين وزراعة الكلى السليمة فى الأجسام المريضة .. وعند كل محطة من هذه الرحلة العطرة بالجهد والعرق وشرف المهنة نكتشف أسباب وأسرار فوز الطبيب العالمى بالسعادة الحقيقية والصفاء النفسى الدائم .. فالكتاب يغوص مع إنسان وهب نفسه وطاقته للعلم والإنجاز الطبى غير المسبوق، وأي انتصار ينسبه لفريق العمل من الشباب والأساتذة العظماء الذين يشاركونه المشروع ولحظات التفوق .. 

ووسط سيل العمليات الجراحية الناجحة نعيش مع بطلنا أيام الحرب ضد العقبات والعوائق التى تتربص بالحلم الكبير، وكيف استطاع بالصبر والثقافة أن يُحوِّل الحلم إلى واقع غير قابل للهدم أو التدمير .. ثم رأينا معه "حدائق" المركز التى قاومت وتغلبت على "حرائق" الإهمال والاستهتار .. وعاصرناه شخصية مثقفة سياسيا غيَّرت بوصلتها نحو صياغة الدستور وتغيير أحوال المواطن لما هو أفضل، وحصَّن الدولة من "أنياب" الإسلام السياسى باحتضان شباب الثورة فى الميدان والمواجهة الشُجاعة لأى فكر إظلامى مستغلا وعيه الناضج وحسه المرهف العاشق للفن والموسيقى.

وانتقلنا برفقته إلى أعماق البحر حيث هواية الغطس المفضلة لديه لنتعرف على جمال الأحياء البحرية ونستمتع بعالم آخر يسمو فوق صراعات وأطماع من يعيشون على سطح الماء .. ومنحنا "المخزنجى" الساحر فرصة التعرف على أسرته التى تشربت معانى النبل والعطاء وحملت "جينات" التميز كلٌ فى مجاله وتحت رعاية زوجة وشريكة عمر أسكتلندية ذات نكهة مصرية أصيلة، لتكون أسرة "غنيم" امتدادا طبيعيا ومنطقيا لعائلته الكبرى المعروفة بالعزة والثراء العلمى والأخلاقى.

لم تنتهِ رحلة "غنيم" بعد، وستظل حافلة بالكرم والسخاء الطبى والإنسانى حتى آخر نفس نظرا لأن صاحبها بقدر طموحه الذى لا حدود له، فهو يتحلى أيضا بالرضا والقناعة ورفض الانغماس فى إغراءات المادة أو الضعف أمام بريق الشهرة، وما يريده فقط دعوات المرضى ونظرات الحب والامتنان بعد الشفاء وزوال الوجع .. وتلك ببساطة شروط السعادة التى يعيشها "غنيم"، ورصدها قلم "المخزنجى" بمشرط دقيق ونافذ للحقيقة لنخرج بدلالات ورسائل حية ومضيئة عن أماكن السعادة .. وتُجارها النبلاء!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط