الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد فوزى يكتب .. سبل النهوض بالوقف

صدى البلد

لقد سعدت كثيرا بدعوة الاستاذ الدكتور/ أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب لهيئة الأوقاف بعمل إعلانات لجذب المواطنين لوقف أموالهم، وأراها فكرة سديدة تشحذ الهمم لنيل رضا الله عز وجل فى الدنيا والآخرة فتشجع الغنى على بذل ماله وإنفاق ما يُحب للفقراء والمساكين،فيسعد الغنى بإنفاقهِفى الدنيا ويجد ثمرة ذلك فى الآخرة، كما يسعد الفقير بسداد ديونه وتأمين احتياجاته.فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةِ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " رواه البخاري في الأدب، ومسلم في الصحيح واللفظ له، والثلاثة {أبو داود، الترمذي، النسائي} .

لقد صرح الدكتور أسامة قائلا:"نريد أن نعيد للوقف مكانته القديمة لافتًا إلى أن كل الأوقاف الموجودة حاليًا هى أوقاف قديمة وليست حديثة". وقال أيضا: "مش عارفين نجيب الناس تانى للأوقاف".

وأنا أضم صوتى لصوته وأكرر هذه الدعوة،ولكن يجب أن نأخذ بالأسباب التى بها يستجيب الناس لهذه الدعوة،ويعاود الأغنياء وقف أموالهم مرة أخرى لأعمال الخير، لذا لابد من توافر بعض الأمور منها:
1- نشر الوعى بين الناس بأهمية الوقف ودوره فى النهوض بالمجتمع، وتحقيق التكافل الاجتماعى.
2- الشفافية فى التعامل مع الواقف من البداية حتى لا يتراجع عن وقفه.
3- نشر كشف حساب بكافة المعاملات المالية لمال الوقف من ايرادات ومصارف فى الصحف الرسمية بشكل دورى.
4- الالتزام بصرف مال الوقف فيما حدده الواقف، وعدم تغيير مصارف الوقف إلا بشرط موافقة الواقف أو ورثته من بعده، فالواقف إذا شعر بأن أمواله لن تُصرف كما يريد فلن يوقفها من الأساس.
5- اطلاع الواقف وورثته من بعده على الوثائق التى تثبت إنفاق مال الوقف فى المصارف التى حددها الواقف.
6- عدم التصرف فى أراضى الوقف بالبيع أو الهبة تحت أى بند أو أى مسمى من المسميات، لأننا بذلك نحيد عن الهدف الذى من أجله بادر الواقف بوقف جزء من أرضه أو ثروته ألا وهو استمرارية الخير والعطاء.
7- إصلاح الهيكل الإدارى المشرف على الوقف، ووضع حد لخسائر عدد كبير من الشركات والهيئات التابعة للوقف.
8- إعادة أراضى الوقف التى تم الاستيلاء عليها من قِبَل الأهالى لهيئة الأوقاف مرةً أخرى بمبادرات من الأهالى أنفسهم دون أن تضطر الأوقاف إلى الدخول فى نزاعات معهم واللجوء إلى القضاء بعد ذلك.
ولا شك أن الخير باقٍ فى هذه الأمة إلى يوم القيامة إن شاء الله، وكما أوقف أصحاب الأموال أموالهم وما يملكونه من قبل لخدمة الاسلام والمسلمين ببناء المساجد، ورعاية اليتامى والانفاق عليهم، وعلى غيرهم من الأرامل وأبناء السبيل، وتزويج الفتيات الفقيراتفى كل بلاد المسلمين لا سيما مصر التى كان يُصرف من ريع بعض أراضى الوقف بهامثل(قرى سندبيس وباسوس وأبوالغيط بمحافظة القليوبية) على كسوة الكعبة المشرَّفة، وخدام المسجد الحرام، وحلقة الإمام الشافعى فى مسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة،فلن يبخلوا ولن يتوقفوا عن ذلك إلى يوم القيامة إن شاء الله، لأنهم يعلمون علم اليقين أن الوقف هذا من باب الصدقات الجارية التى حثَّنا عليها ديننا الحنيف،فالوقف من الأمور العظيمة والمقاصد السامية التى يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل طمعًا فى جنته وخوفًا من عقابه، ولتكفير ما مضى من ذنوبه.
واختم كلماتى بهذه الأبيات التىتدفع المسلم دفعًا للإكثار من فعل الخير قبل موته، والتى أنشدها الحافظ السيوطى رحمه اللهحيث يقول:
إِذَا مَاتَ اِبْنُ آدَم لَيْسَ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ فِعَال غَيْر عَشْر

عُلُوم بَثَّهَا، وَدُعَاء نَجْل، وَغَرْس النَّخْل، وَالصَّدَقَات تَجْرِي

وِرَاثَة مُصْحَف، وَرِبَاط ثَغْر، وَحَفْر الْبِئْر أَوْ إِجْرَاء نَهَر

وَبَيْت لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي إِلَيْهِ، أَوْ بَنَاهُ مَحَلّ ذِكْر

وَتَعْلِيم لِقُرْآنٍ كَرِيم، فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيث بِحَصْرِ

وإذا نظرنا إلى تلك الفِعَال العشر التى ذكرها الحافظ السيوطى رحمه الله وجدناها تندرج تحت الثلاث فِعال التى تنفع ابن آدم بعد موته والتى ذكرها النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى أوردناه آنفًا.