الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفلا نكون جميعنا مسلمين ؟


هل يرضيكم ما وصل إليه مجتمعنا المصرى من أخلاق نراها ليلا ونهارا في منازلنا، وشوارعنا، ومدارسنا، وغيرها، وتؤصل لها الدراما التلفزيونية والسينمائية، ويطبقها حرفيا شبابنا واطفالنا؟ سؤال أتوجه به لكم جميعا -قرائى الأعزاء، كل في تخصصه- لتشاركونى هذا الهمّ الذى يجثم على الصدر، ويحزن الفؤاد، ويطيش باللب، ويسكب عبرات العين.

مآس ومآس تقص وتحكى علىّ من الكثير من شبابانا وفتياتنا -وأراها رأى العين-عن علاقات التواصل المحرمة بين الشباب والفتيات في مدارسنا الإعدادية والثانوية -لا أقول الجامعة-، وكمّ البذاءة الأخلاقية والسلوكية التي نراها بين الكثير منهم، -إلا من عفى ربى-، في المظهر والأقوال والأفعال والعادات والتقاليد والأعراف المستحدثة الوافدة على مجتمعنا بأعرافه وتقاليده وعاداته الأخلاقية المحكمة المحافظة، حتى إننا نجد من حصر الدين في إطار العبادات من صلاة وصيام رمضان، وبعضهم حصر الإسلام في الأذكار، أو في هيئة أوزي ولباس معين.

أقولها بملء فمي حقيقة قررها المولى -عزوجل –"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" ، إذن لابد من أن نغير سلوكنا نحن ، وليبدأ كل منا بنفسه وبأهله وبذويه، فلقد نحَّينا ديننا جانبا ، وبدلناه بسلوكيات وبدع ما أنزل الله بها من سلطان، فغرقنا فى ذنوبنا، وحق لنا أن نغرق بعد أن تركنا نبع شرفنا، ومعين بقائنا وقوتنا، قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، حتى أصبحنا قصعة مستباحة لأعدائنا، وصدق رسولنا الحبيب وقدوتنا صلى الله عليه وسلم : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قال قائل: من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل وما الوهن يا رسول الله ؟! قال: حب الدنيا وكراهية الموت".

نعم أصبحنا غثاء السيل بعد أن انتشرت الاخلاق الفاسدة والسلوكيات الممقوتة، وأضحت هناك حالة مسخ لعقول طلابنا وأبنائنا، وافتقارهم للقدوة الإسلامية والشخصية التاريخية والوطنية التي ينبغي أن يتمسك بها طلابنا ويسيرون على دربها، فمن ليس له تاريخ، ليس له مستقبل، بل لقد طالبت وبح صوتي وجف قلمي في الكثير من مقالاتي منذ سنوات بعيدة، بمناشدة وزراء التعليم، أن يصدروا توجيهاتهم بجعل السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، مادة مستمرة أساسية من الصف الأول الابتدائي وحتى التخرج فى الجامعة، على أن تسير المناهج بشكل تسلسلي وترتيبا توافقيا للأحداث والشخصيات الإسلامية، حتى نغرس في نفوس وعقول وقلوب أطفالنا وصبياننا وشبابنا وفتياتنا، حب هؤلاء الرجال الأطهار، وعلى رأسهم سيد الخلق أجمعين،لكن من يسمع؟ ومن يجيب؟!، وأذكر أن حب الفاروق عمر حفر بقلبى منذ أن درست سيرته وأنا بالصف الأول الاعدادى، وغيرى درس لهم سيرة الصديق فحفر في قلوبهم حبه، وعقبة بن نافع وغيرهم من ساداتنا الأجلاء.

إن علينا كمسلمين، محبين لديننا، مدافعين عنه، مسؤولية كبيرة وعظيمة تتمثل فى تغيير هذا الواقع المخزيالمذري الأليم، الذي يكاد ينأى بالأمة كلها بعيدا عن الإسلام، وللأسف يحزننى أن أقول إن علمائنا ودعاتنا وأئمتنا مقصرون في تعريف نشئنا بهؤلاء القدوات والأسوة الحسنة، هذا من جهة، من جهة أخرى نجد عدم التواصل الكاف بشبابنا وفتياتنا - إلا من رحم ربي-، وكم طالبت مؤسساتنا الدينية بالنزول اليهم والانتشار بينهم بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة واللين، والحوار الأخلاقي الموضح لكل لبس أو غموض، المعزز لقيمنا وسلوكياتنا الأخلاقية القويمة، الذى ليس فيه تجريح، أو عناد أو جدل، وأن ما يوضحونه لهم لا يتعارض مع الصراحة والوضوح، مع تسمية الأشياء بأسمائها، فالباطل باطل والخطأ خطأ، والجهل جهل، والصحيح صحيح .

كما نحن بحاجة إلى جهود ودور وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات المختلفة، من صحافة، وتليفزيون، وانترنت، ومؤتمرات،ولقاءات، وحوارات، وكل القائمين على السياسات التعليمية في بلادنا ، أيضا لهم دور أساسي، يتمثل في العمل على تضمين المناهج الدراسية من المرحلة الابتدائي وحتى الثانوية بجوانب الدين الإسلامي الشاملة، لا فروع بسيطة منه، مع زرع محبته في نفوس الطلبة والطالبات، ووضع خريطة تربوية إسلامية شاملة في مدارسنا وجامعاتنا من أجل صياغة خطاب أخلاقى تربوي واحد، جنبا الى ضرورة الاهتمام بإحياء رسالة المسجد الأخلاقية والتربوية، إضافة لدور الوالدين في البيت وغرس التربية الدينية في قلوب وعقول أبنائهم ليشبوا على ذلك.

فعلينا بالعودة والتمسك بديننا وأخلاقه السمحة، وترك ما يصدره لنا الغرب وأذنابه بمجتمعنا، ومع كل ذلك أرى - يقينا - أن هناك بارقة أمل، من خلال ما اشترطه "مرماديوك باكتول"وهو أحد الزعماء الغربيين، حين قال:" إن المسلمين يمكنهم أن ينشروا حضارتهم في العالم الآن بنفس السرعة التي نشروها بها سابقا، بشرط أن يرجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حين قاموا بدورهم الأول، لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام حضارتهم ".
كما أنصف ابن جوريون رئيس الكيان الصهيوني السابق -وهو كذوب- حين أقر في مذكراته، حقيقة جلية واضحة، حين أكد "أن المسلمين عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية".

خلاصة وصفوة قولى، أن البشرية اليوم أحوج ما تكون إلى الإسلام عامة، والأمة الإسلامية خاصة، إذا ما أرادت أن تتخلص من مشكلات عصرنا المتفاقمة، فالإسلام وحده كفيل بالقضاء على أمراضنا الأخلاقية والسلوكية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، وهو وحده من يملك العصا السحرية التي تخفض معدلات الانتحار وتعيد لحياة البائسين المعذبين جمالها ورونقها في ظلاله، ولكم أشرق الإسلام في صدور أناس فأخرجهم الله من ضيق الصدر وضنك الدنيا وقتامة الحياة إلى رحابة الدنيا وسعادتها ونعيم الآخرة، ولكم تنكَّب طريق الحقيقة آخرون فعاشوا في ضيق الدنيا واستحقوا أيضا عذاب الآخرة،" فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون".
ولنتدبر بشئ من نور البصيرة تأكيد الكاتب الهندي "كوفهي لال جابا"في مؤلفه"رسول الصحراء" حين قال جازما: " الإسلام بوسعه تلبية كافة حاجات الإنسان في العصر الحاضر، فليس هناك أي دين كالإسلام يستطيع أن يقدم أنجح الحلول للمشكلات والقضايا المعاصرة، فمثلا أشد ما يحتاج إليه العالم اليوم الأخوة والمساواة، وهذه وجميع الفضائل لا تجتمع إلا في الإسلام، لأن الإسلام لا يفاضل بين الناس إلا على أساس العمل والبذل". 

فللإسلام شمولية وعالمية وصلاحية لكل زمان ومكان، واضحة وضوح الشمس في كبد السماء بالظهيرة دون حجاب أو سحاب،وعلينا نحن المسلمين الضائعين، التائهين في سبل المعاصى والذنوب المقفرة وحب الدنيا والمجونوالتشرذم، أننتوارى خجلا، وأن نردد مع أديب ألمانيا "يوهان جوته" هتافه الصادق: " إذا كان هذا هو الإسلام، أفلا نكون جميعنا مسلمين؟ ".. رفعت الأقلام، وجفت الصحف.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط