الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الممر..كلاكيت ثاني مرة


في الاستراحة جاء صوت سيدة تجلس خلفي بدأت تحكي وتشرح ما دار في الجزء الأول من فيلم الممر عن "نكسة" يونيه 1967 لأبنائها الصغار الذين اصطحبتهم لمشاهدة الفيلم، والأبناء ينصتون باهتمام بعدما شاهدوا الجزء الأول، وبدى الحماس على ملامحهم وهم يستمعون ويسألون، المشهد يختصر الحالة الوجدانية ومشاعر الحب "الدفينه" التي يثيرها ويستدعيها الفيلم لدى المشاهدين، لحظات تستحق التأمل وتدعو "للفخر" بجيش مصر ورجاله وبطولاتهم الكبيرة، عندما تستمع لأكثر من مرة لتصفيق الجمهور أثناء العرض! أو تشاهد مشاعر الحزن على وجوههم أثناء إستشهاد الجنود! تتأكد أن الجمهور كان في حنين لاستعادة تلك المشاعر الدفينة والفخر بتاريخه الوطني.

لأول مرة أكتب مرتين عن نفس الفيلم ولكنه يحمل من الأهمية ما يستحق فهو فيلم إستثنائي يتحدث عن فترة مهمة في تاريخنا وكان يجب توثيقها سينمائيا للأجيال التي لم تعيشها، ورغم ملاحظاتي السابقة على السيناريو والحوار إلا أنه يبقى من أهم الأعمال السينمائية التي تحدثت عن تلك الفترة "حرب الاستنزاف" والتي تحمل من البطولات العسكرية الكثير ليروى في أفلام أخرى، فالسينما العالمية تنتج باستمرار أفلاما عن بطولاتها العسكرية وتعيد وتزيد في تقديمها حتى لو كانت بطولة لجندي ويشاهدها العالم! فأصبحوا هم الأبطال الخارقين والمناضلين أيضا! وكنت أتمنى أن يذهب السيناريو في سرده أكثر لحياة الجنود الصعبة على الجبهة وتصوير ونقل الأحداث من داخل الجبهة وليس من الخارج.
لم تكن تلك "السيدة" الوحيدة التي أصطحبت أبناءها بل لفت نظري في قاعة العرض "الممتلئة" بالجمهور ان هناك عائلات كثيرة أصطحبت أبناءها، بعض هؤلاء الكبار ربما عاصروا تلك الفترة "العصيبه" والتي تتحدث عنها السينما المصرية بعد غياب عشرات السنين، فترة لم تعشها الأجيال الحالية فقط قرأوا عنها أو سمعوا حكاياتها من الأباء والأجداد فترة لن نجاوز الحقيقة اذ قلنا انها تركت "أثرا" نفسيا وجرحا عميقا في كرامة مصر والأمة العربية، إذ قدرت خسائر الجيوش العربية "مصر_ سوريا_الأردن" بنحو 20 ألف شهيد و 5 ألاف أسير وتدمير طائرات ومعدات عسكرية بأعداد هائلة! في ستة أيام!
شاهدت الفيلم ثلاث مرات في أماكن عرض مختلفة كنت أسعد عندما أشاهد جمهور من الشباب أهتم وجاء لمشاهدة الفيلم وهو ما يشجع الدولة وشركات الإنتاج على صناعة المزيد من تلك الأفلام واتمنى من المخرجين والمؤلفين الكبار والشباب البحث في كتب المؤرخين العسكريين وسيجدوا بطولات كثيرة تستحق تصويرها سينمائيا.
رغم وجود عدة مسلسلات انتجت عن الصراع المخابراتي بين مصر وإسرائيل في السنوات الأخيرة إلا أنها لم تحقق نجاحا جماهيريا مثل وقع الفيلم الذي يتحدث بشكل مباشر عن الحرب مع العدو الصهيوني برسائل وطنية قوية وواضحة، وحتى الأن ردود الفعل في إسرائيل "غير متواجدة ربما لايزالوا يتابعون، مثلا عند عرض فيلم "ولاد العم" هاجمته وسائل إعلام إسرائيلية واتهمته ببث السم ومشاعر الكراهية ضد إسرائيل ومواطنيها.
بالتأكيد التوقيت مفاجيء لهم ان تعود السينما المصرية بعد عشرات السنين من معاهدة السلام لتتحدث عن الحرب والعدو الإسرائيلي وتثير مشاعر الوطنية في أجيال الشباب الحالي، وهنا أقول السلام طوال عمره "بارد" والتطبيع مرفوض من عموم الشعب المصري.
الممر فيلم مهم في لحظات مهمة تعيشها مصر، منعطف صعب منذ عدة سنوات لازلنا فيه، الوطن والحفاظ على كيانه وحدوده أمر لا يقبل النقاش، أي خلافات داخلية تتراجع في لحظات المساس بوحدة الوطن وسلامة أراضيه.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط