الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شهداؤنا في الجنة.. وقتلاكم في النار


في الخامس عشر من شهر فبراير عام 2015، خيم الحزن على ربوع مصر المحروسة، حيث استشهد في ذلك اليوم عشرون مصريًا على سواحل سرت الليبية ممن قتلوا بدم بارد في مشهد لا يمت للإنسانية بصلة. وبعد ثلاثة أعوام من الحزن والمر والعلقم وصلت رفاتهم أرض مصر، ليدفنوا في ثراها بصورة تليق بمجدهم في السماء.

وتمر الأيام ويمضي الإرهاب الأسود في تنفيذ خططه الدنيئة ضد مصرنا الحبيبة، ويمارس الدواعش وأذنابهم ممن لفظهم الشعب التحرش بنا وبقواتنا المسلحة التي تمكنت عبر سنوات معدودة من كسر شوكة الإرهاب في سيناء، وملاحقة الخلايا التي تدعي انتسابها إلى الإسلام. ويضرب الشعب المصري أعظم صور التضحية حين يقدم أبنائه طوعًا كقربان على مائدة السلام كي نحيا كرامًا، بعد أن احتسبهم عند الله.

أذكر أن سيدة من بسطاء مصر، استشهد ولدها المجند في إحدى عمليات سيناء منذ عامين، وحينما جاء قائده ليسلم الجثمان لها ويعزيها، أطلقت زغرودة وقالت له: "ده ابني الثاني عنده 18 سنة لسه مجاش له التجنيد، بس خدوه بدل أخوه عشان ما تنقصوش واحد". هذه قصة حقيقية حملت معان كثيرة، لن يستوعبها من تغذوا بنار الحقد والبغضاء من خوارج العصر. 

ومع تفكيك قواتنا الباسلة لخلايا الإرهاب، تحول المتحرشون بمصر من الإرهابيين وأذنابهم إلى القتل العشوائي، فتارة يهاجمون مسجدًا ويقتلون المصلين العزل، وتارة يفجرون كنيسًة، دون مراعاة لحرمة الدم وللعهود المذكورة في كتاب الله، وتارة أخرى يستهدفون قامات ورجالات بعينهم، ليزرعوا الحزن في بيوتنا؛ ومع هذا رضي المصريون بقدر الله، بعد أن نال أبنائهم مكانة الشهداء.

تذكرت بعض مشاهد الإرهاب الأسود وأنا أقرأ عن خلية حسم الإخوانية الإرهابية، وقد نفذت منذ أيام تفجيرًا خططت لها بعناية أمام معهد الأورام بالمنيل، ليستشهد عشرات المرضى والأبرياء من المارة العزل.
 
أي دين وأي منطق هذا، الذي يدفع مريديه إلى مثل تلك الأعمال الإرهابية؟ إن المؤكد أنه لا الإسلام ولا المسيحية، فكلاهما يدعوان إلى المحبة والسلام والرحمة في صورها المطلقة.

طوبى للشهداء، الذين تبوأوا مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ الذين وعدهم الله بقوله: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون". وقال عنهم النبي (صلى الله عليه وسلم):"يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِلَى رَبِّنَا فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْ الطَّاعُونِ فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ: إِخْوَانُنَا قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا، وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ: إِخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا ، فَيَقُولُ رَبُّنَا: انْظُرُوا إِلَى جِرَاحِهِمْ فَإِنْ أَشْبَهَ جِرَاحُهُمْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ، فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ".

أما الكتاب المقدس فقد عظم مكانة الشهداء، حين ورد في إنجيل متى:"طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (10:5) ويقول بولس الرسول: "أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12: 10) ويقول أيضًا: :"قد صبر إخوتنا على ألم ساعة، ثم فازوا بحياة أبدية. وهم في عهد الله" ( سفر المكابيين الثاني 36:7) أو كما ورد في سفر إرميا: "أَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَ. اذْكُرْنِي وَتَعَهَّدْنِي وَانْتَقِمْ لِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ. بِطُولِ أَنَاتِكَ لاَ تَأْخُذْنِي. اِعْرِفِ احْتِمَالِي الْعَارَ لأَجْلِكَ".

نعم، إن شهدائنا –بإذن الله- في الجنة ونبشر الظالمين بأن قتلاهم في النار، وصبرًا جميلًا يا من أرضعتينا حبًا مع ماء النيل.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط