الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحدى أيقونة الفن المصرى بين القيم والتريند !!


تفرغ فى الفترة الأخيرة بعض رواد مواقع التواصل الإجتماعى من جماهير الأغنية المصرية لتسمية أحد المغنين المصريين – اتحفظ علي لفظة مطرب – بأيقونة الفن المصرى، ويا للعجب !

منذ صدور ألبومه الصيفى الجديد، وتقديمه حفلاته الصيفية المعروفه بأماكنها وأسعارها، إهتمت وسائل الإعلام الفنية والمواقع الناقلة لأخبار الفنانين بتفاصيل هى فى الغالب تكون مدفوعة الأجر ليظل الفنان متواجد وإسمه متردد وهذا معروف فى ذلك الوسط مثل مظهره الجديد (اللوك)، قصة شعره، ملابسه، مع من يظهر، ... وإلي آخره، إلي أن تصل للحديث عن الأغانى الجديدة التى قدمها .

هو لديه مجموعة عمل تقوم بتلك المهمة بحرفية حيث من الصعوبة أن يكون ذلك نتاج مجهود فردى ولا عيب فى ذلك بل بالعكس فهذا يدل علي العمل بشكل جاد .

السؤال الحقيقى هنا الذى لفت نظرى بشدة هو من الذى بدأ بمحاولة إطلاق لقب أيقونة الفن المصرى عليه ؟ وكيف يعطى أحد لنفسه الحق بإطلاق لقب مثل ذلك علي أى فنان دون أن يعى المعايير الفنية والعلمية التى لابد أن يتبعها ؟ وما هو الدور الفنى أو الثقافى أو المجتمعى الذى يقوم به هذا الفنان أو ذاك لكى يكون أيقونة ؟

إن الأيقونة تعنى الرمز، أو الشخصية العامة التى تصبح بعد الكثير من أعمالها وأفعالها قدوة حسنة ، نموذجا يحب أن يصبح مثله البعض ، يحاكيه جمهوره فى طباعه وطريقة حديثه التى يظهر بها و إهتماماته الثقافية والإجتماعية .

ومن هنا جاء أحد تعريفات الفن بأنه القوة الناعمة لأى دولة، حيث تستطيع أن تغير بعض القيم الإجتماعية والثقافية والسلوكيات الحياتية للجمهور البسيط من خلال الأيقونات والرموز الفنية المؤثرة فى الجمهور بأفعالها وفنها الذى تقدمه .

والمثال الحى أمامنا السيدة أم كلثوم التى كانت تراعى كل حرف تتفوه به لأن الجمهور سيأخذه عنها ويردده، بل وكانت تقف فى كل شموخ وثقة جعلت من الكثيرات فى تلك الفترة الزمنية أن يقلدنها فتري المرأة المصريه فى الخمسينيات والستينيات تعتز بنفسها مهما كانت بسيطه وترى فى ذاتها الثقة و الثبات ، وفى زمن الحرب وجدنا أمهاتنا يتبرعن بالغالى والثمين مثلما فعلت الأيقونة وتبرعت بأغلي ما تملك وهو صوتها فى حفلاتها، هذا بالطبع إلي جانب تمكنها الشديد من أدواتها فى مهنتها وهى الغناء فعرفناها تطربنا بأصعب المقامات و الإيقاعات والجمل اللحنية وأصعب القصائد اللغوية بإقتدار ولكن بأسلوب بسيط يشعرك بمدي التمكن والثقة .

هذه الصفات فى أى مهنة وعند أى شخصية عامة هى أبسط الصفات التى يمكن أن نطلق علي صاحبها أيقونة، ليس المهم فقط أن يكون لديه كاريزما خاصة ولكم المهم هو ما يوجد خلف الكاريزما من مفردات وصفات يمتلكها.

مصرنا الولادة دائما ما تمتلك هذه الأيقونات، فلدينا الآن مطرب حقيقى يستطيع الغناء من أى مقام موسيقى وبدون موسيقى تجد صوته لا يحيد عن اللحن أبدا، تصدقه من فرط إحساسه بالكلمات التى يختارها و الألحان، يغنى بالجامعات والأوبرا والنوادى ومحكي القلعة، حيث يقصد الفن لا غيره، ولا يمانع فى الوصول لكل أطياف الجمهور، يتبرع بأجور حفلاته لمستشفيات لا يعنيها الإعلانات الرمضانية، وترميم وإصلاح ما هدمه الإرهاب. إذن فهو يمتلك وجهة نظر كونها من خبرة وثقافة، يحمل فى وجدانه عبئا مجتمعيا نتيجة شعوره بالمسئوليه التى وقعت عليه لشهرته، يعقد صالون ثقافى علي نفقته الخاصة يقدم من خلاله العديد من المواهب الواعدة دون الخوف علي شهرته ونجوميته، لا أذكر له مواقف أو صراعات شخصية طوال مسيرته الفنيه، إنه الفنان على الحجار، لكنه يغني بشكل جاد وصوت جميل، لا يكلف آلات إعلامية أو أقلاما للحديث عن كل ما يفعله وسردناه، فتجده لا يصبح رقم واحد علي تويتر(تريند)

ومن العيب كل العيب أن يعطى كل من يمتلك لوحة مفاتيح علي تليفونه الشخصى لنفسه الحق فى إصدار ألقاب والدخول فى صراعات وجدال للدفاع عن أى أحد وتمجيده دون أن يدرى أنه مثل أى أداة يتم إستخدامها دون إرادة حقيقية منها .

أنا هنا لا أصادر علي أحد حقه فى الإعجاب بأى فنان وما يقدمه، لكن عليه أن يعرف الحدود والإمكانات الفنيه التى يمتلكها وماذا فعل لوطنه أو شعبه وماذا قدم من خلال فنه من محتوي ثقافى وهل كان متطورا فى مسيرته الفنية، أم ظل محدودا فى منطقة صوتية وبعض المقامات الموسيقية البسيطة و الإيقاعات المحدودة، والكلمات التى تحمل نفس المحتوي طوال الوقت، من يستهدف من شرائح الجماهير وهل راعي الجماهير التى لا تستطيع الوصول للأماكن التى يغنى فيها فذهب إليهم، هل كان له يوما ما موقف مجتمعى أو قضية يستغل جماهيريته لتحقيقها . ليس عيبا أن تردد أغانيه لكن عيبا أن يستغل الأقلام الصحافية وحب الجماهير ليحيط نفسه بهالة وألقاب لا يستحقها . 

وإلي أن يستفيق القائمون علي الإعلام ومواقعه الإلكترونية، ولا يعتمدون فيه إلا علي من يمتلكون معايير لذلك ، كالعادة علينا نحن أن نقوم بالدور البديل.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط