الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شباب مصر .. يرقص!


فى لحظة ما .. لا يصدق المرء نفسه ويترك العنان لمشاعره فينطلق جسده فى عفوية ليرقص ويقفز من مكانه بعد أن كلل الله تعبه واجتهاده ونال جزاء ما صنعته يداه .. وابتكره عقله!.

وانتقلت هذه الحالة إلى كل من رأى طلبة جامعة القاهرة من أعضاء فريق "إناكتس" وهم على خشبة المسرح بولاية كاليفورنيا الأمريكية يسمعون نبأ فوزهم بكأس العالم فى مسابقة خاصة عن الإسهامات العملية المفيدة لحياة البشر والمجتمعات .. ولم يتمالك شباب مصر أنفسهم لتفوقهم على جامعات أمريكية وألمانية وكندية تحظى بأدوات ومعامل وإمكانيات أكثر رقيا وتطورا، فضلا عن الغطاءات المادية الكبرى التى ترعى العلم والعلماء .. إلا أن أحفاد الفراعنة أبهروا العالم بأفكار جديدة ورؤي براقة وبأبسط الطرق، وخططوا لعملهم وأتقنوا أدوارهم ليكتمل المشروع ويتحول إلى وسيلة تنمية وخارطة طريق نحو حياة وسلوك أفضل!.

ماذا قدمت لنا زهورنا فى ربيع العمر؟ .. لقد انشغل الطلاب النابغون بهموم ومتاعب المرأة ومدى حاجتها إلى العمل واستثمار قدراتها، ومن هذا المنطلق عكف فريق "إناكتس" العلمى على تمكين السيدات من تصنيع فوط صحية عضوية خالية من البلاستيك ومصنوعة من ألياف شجر الموز وبسعر أرخص من الفوط المنتشرة في السوق المصرية، واخترقت الفكرة البديعة المناطق الفقيرة فى القرى والنجوع، ووفرت هذه السلعة الذكية مجالا أوسع للعمل أمام المرأة وساهمت فى الحفاظ على الصحة والنظافة الشخصية .. ولم يكتفِ الشباب بوصول المشروع إلى هذا الحد، وإنما سعوا بقوة لتوسيع مساحته فى السودان وأوغندا ودول الجوار لتعميم التجربة وترسيخ فلسفتها كـ "طوبة عملاقة" فى صرح التنمية المستدامة!.

أدى أبناؤنا واجبهم وعرفوا طريقهم بعد أن جلسوا سويا وتشاركوا فى العرق والجهد والإخلاص ليتوجوا إنتاجهم باحترام وتقدير العالم كله .. نجحوا فى الاختبار الذى يخصهم وأثبتوا جدارتهم بالثقة والإيمان بمواهبهم .. ويبقى الاختبار الأصعب أمام "الكبار" - بكل درجاتهم ومستوياتهم - لنرى ماذا يمكن أن يفعلوه لحماية مثل هذه الإنجازات العلمية المرموقة من الدفن وحفَّارى القبور .. ولنا خبرات سابقة فى إبداعات واختراعات كان مصيرها سلة المهملات وبأيدى مسئولين يفتقدون إلى الشرف والضمير .. والدولة هنا مطالبة برعاية هذه المشروعات وتوفير الغطاء المادى والوعاء القانونى لها لتستكمل مشوارها ويستمر عطاء هؤلاء المتفوقين فى مسابقات تالية ومحافل أخرى .. بل ومن حق أبنائنا "السُفراء" أن يتبوأوا مكانة أرفع وأعلى ويصبحوا جزءا أساسيا من منظومة البناء .. وبالله عليكم، إذا لم يكن خيال وفكر شبابنا هو موضع الاهتمام والاستثمار، فماذا عساه أن يكون؟ وإلى متى نشاهد نجومنا تسطع فى سماء الآخر ليستفيد منها ويقطف خيراتها بينما نحن منصرفون عنها .. بل وحاقدون عليها؟!.

لا نريد أن يتوقف شباب مصر عن الرقص فرحا وفخرا وانتصارا .. ووظيفة أهل القرار أن يشجعوهم على المزيد من الرقص ليعلو صوت الإنجاز وتتكرر لحظات التتويج والبطولة .. وكلنا أيضا، نريد أن نرقص ونقفز إلى أعلى.. ألا نستحق؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط