الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هيثم زكي.. الحب يأتي متأخرا!


بدا لي المشهد مؤثرا بدرجة كبيرة، ما بين إعلان الخبر في الساعات الأولى للصباح وحتى مواراة الجثمان الثرى ساعات قليلة ولكنها مزدحمة بكثير من الأخبار بشكل "مزعج" عكس شخصية الراحل الهادئة والتي تكاد تكون معزولة عن القريب والبعيد.

تأثر الجميع بخبر رحيل الفنان الشاب الذي كان مفاجئا ووقع كالصاعقة فالموت المفاجئ وبدون مقدمات يكون وقعه شديد القسوة.

حياة هيثم كانت حزينة وثقيلة بما يكفي ولذلك الكثيرين قالوا عبارة "ارتاح" بالطبع عندما تصبح الحياة عبئا ثقيلا على الإنسان وأصبح لا يستطيع أن يتحمل قسوتها يكون الموت راحة.

الشواهد كلها تؤكد أن هيثم عاش حياة حزينة كما بدا في لقاءاته الإعلامية القليلة، تمكن الحزن منه بدرجة كبيرة، أثرت على شخصيته ودائما ما كان يشكو من الوحدة! "رغم أنها اختيار"، التعاطف والحزن كبيران جدا والكلمات المؤثرة ملأت مواقع التواصل الاجتماعي سواء من يعرفونه أو لا، وبالطبع التأمل في وجوه بعض زملائه من الوسط الفني تجد بعضها يشعر بذنب التقصير تجاه الراحل، فلم يتوقع أحد أن تكون النهاية هكذا سريعا، وهنا يخطر لي هل هؤلاء جميعا كانوا "ناسين" هيثم ولا يسألون عليه وجاءت كلماتهم وهرولتهم لوداعه كأنها "اعتذار" عن ذلك التقصير ؟! ربما ولكن ما فائدة الحب و الإهتمام اذا حضرا بعد فوات الأوان.

اذكر عندما فارق الحياة أحمد زكي تبارى الكثيرين لاحتضان هيثم ومساعدته فنيا ووقف أحدهم حينها أمام وسائل الإعلام على باب المستشفى يقول "هيثم مكتبه سيكون بجوار مكتبي، فهو بمثابة إبني" ، وهذا لم ألمحه في الجنازة أو العزاء !

وبعد وقت ليس بطويل انفضوا من حول هيثم وبدأ حياة "فنية" غير مستقرة والاختفاء فيها كان أكثر من الظهور والعمل، فقد واجه هيثم مقارنة قاسية للغاية عندما بدء مشواره السينمائي المقارنة كانت حتمية مع الأب أحمد زكي ولكنها غير منصفة فالأب أحد أهم أساطير التمثيل في تاريخ الفن العربي، وللأسف ظلت تلاحق هيثم كلما يظهر في عمل، حاول واجتهد وفي أخر أفلامه التي شاهدتها "الكنز2" كان وصل لمستوى جيد من الأداء، بالطبع الموهبة كانت موجودة ولكن كانت تنقصها الثقة بالنفس وعدم ملاحقته بالمقارنة مع الأب، ربما قست عليه بعض أقلام الزملاء خاصة في بطولته الأولى فيلم "البلياتشو" وكان الحكم سريعا وقاسيا عليه مما سبب له أزمة نفسية وقال "ثقتي في نفسي كممثل تقريبا راحت" وابتعد ثلاث سنوات بسبب هجوم الإعلام على موهبته، رغم أن صناع الفيلم يتحملون المسؤولية معه وأكثر بسبب صغر سنه وقلة خبرته وقتها ولكنه أخذ القسط الأكبر من الهجوم رغم تجربته الصغيرة وظل يحاول بعدها ولكنه كان حائرا دائما يبحث عن نجاح كبير يقترب من نجاح الأب.

آخر حديث لي مع هيثم عبر الواتس آب منذ عدة شهور حينما أعلن عن مشروع فيلم "كابوريا2" فيلم والده الشهير سألته الخبر صحيح يا هيثم فقال "ايوه يا استاذ انا فعلا بعد رمضان القادم متفرغ للسينما ومش هرجع التلفزيون الا وانا نجم كبير باذن الله".

أخيرا كان أمرا شديد الإنسانية ونادرا ما يتكرر هذا الحجم الكبير من تعاطف الشعب المصري مع هيثم وتصدقهم على روحه، ربما يعوضه ذلك عما لاقاه في حياته التي لم تنصفه.
رحم الله هيثم أحمد زكي
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط