- الصحافة الورقية تراجع تأثيرها للمرتبة الثالثة
- بعض المؤسسات القومية تحتاج للغلق
- المعايير المهنية فى الصحافة الإلكترونية أضعف من نظيرتها الورقية
- من حق الصحفي الإلكتروني الانضمام للنقابة.. ومستوى الصحافة فى مصرمتذبذب
تعرضت الصحافة الإلكترونية منذ ظهورها في مصر للعديد من الانتقادات، واعتبرها البعض خروجا على الشكل المألوف للصحافة، فيما اتهمها البعض الآخر بالخروج عن سطور المهنية المتبعة في مصر.
وفي هذا الإطار، أجرى "صدى البلد"، حوارا مع خالد البرماوي، الكاتب الصحفي المتخصص في الإعلام الرقمي، للرد على تلك الانتقادات، باعتباره أحد رواد الإعلام الرقمي في مصر، فضلًا عن رأيه في الصحافة الورقية ومستقبلها، وغيرها من الملفات الموجود على الساحة الصحفية.
ويعمل البرماوي في مجال التدريب على فنون وأدوات الإعلام الجديدة منذ عام 2007، وهو حاصل على دبلوم TOT من مؤسسة Free Press Unlimited الهولندية، ودرس الصحافة الإلكترونية في الجامعة الأمريكية، كما شغل العديد من المناصب منها المدير لقطاع الإعلام الرقمي لمجموعة قنوات مصرية كبرى، وتولى رئاسة تحرير وكان ضمن فريق تأسيس عدد كبير من المواقع الإخبارية الكبيرة المتواجدة على الساحة الآن في مصر.
وإلى تفاصيل الحوار...
كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية؟
فى اعتقادي أن الصحافة الورقية ستسمتر ولن تختفى فى المستقبل، ولكن الواقع يقول إن تأثيرها تراجع إلى المرتبة الثالثة من حيث التأثير على الرأى العام ومتخذى القرار، وأصبح تأثيرها الآن يأتى خلفًا للسوشيال ميديا والإعلام الرقمي، والقنوات التليفزيونية، وهذا أفضل وصف لتأثيرها، كما أنها لن تستطيع أن تجني ربحا في المستقبل، وهذا الأمر ليس فى مصر فقط ولكن على مستوى العالم أجمع، بخلاف ما حدث فى التجربة الهندية التى شهدت تطورا فى توزيع وتأثير الصحف الورقية، وهذا الأمر يعود لعدة عوامل يأتى على رأسها؛ ارتفاع معدلات النمو، وتراجع معدلات البطالة، وترامي أطرافها، فضلًا عن سعى القائمين عليها لابتكار سبل جديدة فى طرق التوزيع والطباعة، ولكن إذا قارنا ذلك باليابان على سبيل المثال سنجد العكس تمامًا، فاليابان شهدت انخفاضا كبيرا فى معدلات توزيع الصحف الورقية تصل لـ 5% وهو الأمر نفسه فى أوروبا وأمريكا.
ما أسباب استمرار الصحف الورقية ما دامت لن تجنى ربحا ولن تؤثر في الرأي العام؟
العادة هي السبب الرئيسي فى استمرار الصحف الورقية، فالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال 80% من قراء الصحف فيها تأتيهم عن طريق نظام الاشتراكات، والكسل والعادة يجعلان القراء يتكاسلون في إلغاء هذه الاشتراكات، وهو ما يجعلها مستمرة فى التوزيع، ولكن على أى حال فإن الصحافة الورقية فى العالم أجمع تشهد انخفاضا كبيرا فى التوزيع، و70% من توزيع الصحف انخفض مقارنة بتوزيعها عام 2000، وهو الأمر نفسه في الجانب الربحي، فالمعلنون اتجهوا للسوشيال ميديا والقنوات التليفزيونية للترويج لأنفسهم بدلًا من إنفاقها فى إعلانات الصحف.
ما تقييمك لأزمة الصحافة القومية فى مصر؟ وما الحل من وجهة نظرك؟
علينا الاعتراف أولًا بالمشكلة وتحديدها، ومن ثم التفكير في علاجها، وأنا ضد تعميم فكرة بعينها على الصحافة القومية فى المجمل لأن كل مؤسسة صحفية لها وضعها الخاص سواء ماديًا أو إداريًا، وهناك بعض السبل المتبعة فى العالم لتطوير الصحف والاستفادة منها وتحقيق الربح، ولكن الوضع فى مصر مختلف فالصحافة القومية فى مصر بها بعض المؤسسات التي استنفدت كل ما لديها ولن تحقق جديد وعلينا إغلاقها وتعويض الصحفيين بها، كما أن هناك مؤسسات تحتاج للدمج والاستفادة من أصولها، فعلينا بشكل عام وضع جميع الحلول أمامنا حتى نوقف النزيف الذى يحدث فى الصحف القومية، والتأخير فى اتخاذ القرار ليس من مصلحة الجميع سواء على مستوى تلك المؤسسات أو العاملين بها أو الدولة بشكل عام، ورأيي أن إغلاق بعض المؤسسات وتعويض العاملين بها ودمج بعض المؤسسات الأخرى وفقًا للأرقام الموجودة لكل مؤسسة هو أفضل الحلول.
ما تقييمك لمهنية المحتوى الصحفي المقدم على المواقع الإلكترونية مقارنة بالمحتوى التقليدي للصحف الورقية؟
المعايير المهنية في الصحافة الإلكترونية هي أضعف من نظيرتها فى الصحف الورقية، وذلك يعود لظهورها فى مصر والوطن العربى وصعود نجمها فى وقت ثورات الربيع العربى، فالأحداث فرضت على المواقع والعاملين فيها عامل السرعة مما زاد من الضغط على الصحفيين وعلى غرف الأخبار حتى يتسابقون فى نقل الأحداث، ولكن هذا لا يعنى أن المهنية لديها منعدمة.
كيف ترى تعامل المواقع الإلكترونية مع الترند من الجانب المهني؟
التريند هو التطور لمصطلح ما يطلبه الجمهور أو ما يطلبه المستمعون، ولكن الأمر فى مجمله به بعض الأخطاء، فأنا دائمًا ما أتحدث عن فكرة التوازن فى تناول الأخبار المتداولة على الترند، بمعنى أننا لا يصح أن نتبع الترند ونحن معصوبو العينين وفى نفس الوقت لا يصح تجاهله، لأن الترند معناه أن هناك مجموعة من الأفراد اهتموا بشأن ما فعلينا الاهتمام بهم، وعلينا القول إن اهتمام الصحافة بالترند هو أمر واجب ولكن الارتماء فى أحضان الترند بشكل كامل شىء خاطىء، فعلى المواقع الاهتمام بجميع الموضوعات التى تهم جميع الشرائح بجانب الترند لأنه لا يعبر عن اهتمامات الجميع، كما أنه على المواقع المساهمة فى صناعة الترند أيضًا، وذلك من خلال تسليطها الضوء على كل ما يهم المواطن فى الشارع، وخلق زوايا جديدة فى الترند حتى يكون لها دور فى تقديم معلومة جديدة، لأن هذا هو دورها فى الأساس.
حدث مؤخرًا هجوم من قبل بعض الفنانين على المصورين الصحفيين بسبب ما اعتبروه اقتحاما لخصوصيتهم، خاصة أثناء تغطية الجنازات، ما رأيك فى هذا الأمر؟
أى شخص وضع نفسه فى موضع شهرة بإرادته الحرة عليه أن يتحمل ضريبة تلك الشهرة، والفنان بإرادته الحرة رضى أن يكون نجمًا بل سعى لذلك، فعليه تحمل ضريبة نجوميته، وبمجرد ظهوره فى المجال العام يحق للصحفي تناول كل ما يخصه طالما لم يعتد على خصوصيته، وخصوصية الفنان تعنى منزله الخاص فقط، وللمصور الصحفي الحق في تصوير الفنان طالما خرج فى مكان عام دون استئذانه، فالصحفى عندما يسلط الضوء على أحد النجوم لا يسعى لذلك من أجل شهرة ذلك النجم، وإنما يؤدى ذلك كجزء من طبيعة عمله، فهو مكلف من قبل الرأى العام بتغطية أخبار النجوم فى كل أحواله سواء فرحا أو حزنا، ولكن وفقًا لقواعد مهنية وأخلاقية، ومهنية الصحفي فى التعامل مع النجوم سواء فنا أو غير ذلك تتمثل في احترام خصوصيته وخصوصية عائلته من أبنائه أو زوجته طالما لم يظهروا مع النجم فى مكان عام، كما أن عليه أيضًا اتباع القواعد الأخلاقية الخاصة بالمؤسسة التى يعمل بها، فضلًا عن عدم إنكار هويته كصحفى عند التعامل مع النجم أو تصويره.
يشكو بعض العاملين في الصحافة من دخول أعداد كبيرة للمهنة مؤخرًا بدون خبرة.. كيف ترى الأمر؟
الصحافة ليست مهنة كمهنة الطبيب أو المهندس، الصحافة مهنة تعتمد فى الأساس على الإبداع، فمن يمتلك أدوات العمل فى الصحافة يستحق العمل بها، ولكن تغير شكل وأدوات العمل بالصحافة هو ما جعل الصحفيين المحترفين يعانون من دخول الكثيرين للمهنة، فرأيي أن الصحفى المحترف عليه أن يطور مهاراته نظرًا لمتطلبات سوق العمل الصحفى الجديدة، والسعى لذلك حتى يصعب فكرة الاستغناء عنه، واستبداله بصحفى جديد يعمل بأدوات تحتاج إليها سوق العمل.
ما الأدوات التى يجب أن يمتلكها الذي يسعى للعمل فى الصحافة والإعلام؟
مصر بها الآن تقريبًا أكثر من 17 معهدا وكلية فى مجال الإعلام، يتخرج فيها سنويًا في حدود ١٠ إلى ١٢ ألف طالب، ويجب على خريجي تلك الكليات توسيع الدائرة فى البحث عن العمل فى الإعلام، فهناك العديد من المجالات التى من الممكن العمل بها، منها على سبيل المثال صناعة المحتوى الكتابى فى أى مؤسسة أو شركة، أو التصوير، أو الصحافة سواء رقمية أو ورقية، أو التليفزيون، أو الراديو، فيجب على الطالب مبدئيًا أن يكون واسع الأفق فى البحث عن العمل فى المجال.
ولكن إذا كان يريد تحديدًا العمل فى الصحافة، فعليه أولًا البحث عن المؤهلات المطلوبة التى يجب توافرها قبل العمل فى الصحافة، والتى تتمثل فى المعارف والمهارات والسلوك، فلابد أن يكون مطلعا وكثير القراءة فى العديد من المجالات ولدية مفردات لغوية قوية، كما يجب أن يكون قادرا على الإسهاب في الكتابة بجميع أساليبها وقادر على صياغة القصة بجميع الطرق والأساليب، فضلا عن امتلاكه مهارات التعامل مع الديجيتال والقوة فى اللغة وتقوية تلك المهارات، كما يجب أن يتوفر فى الصحفى السلوك المناسب للتعامل مع المهنة، ومنها القدرة على التواصل مع الناس، وأنصح الطلاب بالتدريب على العمل فى المجال الذى يرغب في الالتحاق به قبل التخرج في الجامعة وليس بعدها.
ما تقييمك للصحافة فى مصر بشكل عام؟
مستوى الصحافة فى مصر ليس ثابتًا وإنما هو فى وضع متذبذب، وبالنسبة للصحفيين فهم الآن أفضل خامة من الصحفيين قبل عشرين عامًا، ولكن بيئة العمل الآن أسوأ وأوسع من السابق، ولكن بشكل عام هناك ضعف فى المعايير المهنية فى بعض المواقع، وفى اعتقادى أنها بسبب ضعف الرقابة داخل غرف الأخبار وليست لأسباب تنظيمية فقط، مما جعل العديد من القراء يهجرون تلك المواقع لقلة جودتها.
هل تتفق مع دخول الصحفيين الإلكترونيين نقابة الصحفيين؟
من حق أى صحفى يعمل فى مؤسسة صحفية منظمة ومعتمدة فى مصر الحصول على كارنيه نقابة الصحفيين سواء كان إلكترونيًا أو ورقيًا.
ما تقييمك للمادة الإعلامية التي تقدمها قناتا "الجزيرة" و"بى بى سى"؟
قناة الجزيرة لا تقدم إعلامًا من الأساس، فهي جهة سياسية لديها قناة تليفزيونية تحاول توصيل صوتها من خلالها ولا يمكن أن تندرج تحت مسمى إعلام، فهى لها دور مأجور تستغل الميديا لتقديمه، أما بخصوص "بى بى سي" فهى لديها تحامل على مصر بشكل كبير جدًا، وهو أمر غريب جدًا على مهنيتها التي كنت أعلمها عنها فى السابق، فهى تتحامل على مصر فى بعض عناوينها وتعتمد على جلب مصادر ضعيفة فى الهجوم عليها، وفى المجمل هناك تحامل على مصر من قبل العديد من المواقع الأجنبية.