الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في صالون الجراح الثقافي "٢"


النخبة هي عقل الأمة، ولا يمكن لأمة أن تنهض، أو أن تبدل من حال لها إلى حال تسعى إليها وترتضيها لنفسها، إلا إذا كان عقل هذه الأمة في حالة وعي بواقعه مرة ومتغيرات هذا الواقع مرة أخرى، وواقع العالم المحيط بتلك الأمة مرة ثالثة.

ولعله من المناسب هنا أن أعلن أنني ممن يؤمنون إيمانا هائلا بقدرة مصر "الأمة" على ولادة النخب، وأن رحم هذه الدولة يحمل دائما جنينا قادرا على أن يقود العقل والفكر ليس داخل مصر فحسب، بل يقود فكر المنطقة العربية، ويضيف للعالم تراثا، نزهو به بين الأمم، هذا الرحم الذي يبهر المتابع عن كثب لما أنتجه من عقول في كافة مجالات الحياة.

وانا هنا ربما أبذل جهدا مضاعفا حيث أسبح ضد التيار الذي دائما ما يعلي فترة زمنية على فترة، وغالبا، بل الأكيد، تكون تلك الفترة المفضلة هي الماضي؛ سواء كان القديم الموغل، أو القريب من الماضي، مستشهدين دوما بنماذج التميز التي شهدها هذا الزمن الماضي، متغافلين عن كل ما كان من نقص وعوار في الماضي، متجاهلين كل تفوق وتميز في العصر الراهن.

هذه السباحة ضد التيار تأخذني للتدليل على رؤيتي ووجهة نظري من خلال الواقع الذي نعيشه، هذا الواقع الذي هو متهم بندرة القامات الفكرية العملاقة، إن لم يكن عدمها، وأنا هنا أؤكد أن ذلك غير صحيح، فالرحم المصري عَفِيٌّ صحيح، خالٍ من الأمراض، والبذرة التي تلقى فيه هي الأخرى سليمة قوية ملقِّحَةٌ، ومن هنا فإن الوليد دائما قوي معافى قادر على مواجهة الحياة ومجابهة التحديات.

تلك التحديات التي أصبحت كثيرة ومتعددة ومركبة ومعقدة، ولهذا فهي تحتاج تضافر تلك العقول التي تقود الأمة نحو الأهداف التي تحددها، وتعمل على أن تنجو بالأمة من تلك الفخاخ الكثيرة والكبيرة التي تفخخ طريقها، لذلك ليس غريبا، بل هو الطبيعي، أن يأخذ المثقف دوره، ويعمل على التنبيه مرة، والدراسة والتحليل مرة أخرى، والعرض والمناقشة مرة ثالثة، وهذا ما وجدناه في الدور الذي يقوم به أحد علمائنا الأجلاء وهو الأستاذ الدكتور جمال مصطفى السعيد أستاذ الأورام بجامعة القاهرة والذي أطلق صالونه الثقافي صالون الجراح الثقافي والذي أعلن أنه غير معني بالسياسة، ولكنه في ذات الوقت لا يرى ظاهرة تستحق الوقوف عندها حتى لو لامست السياسة من طرف خفي، أو تماست معها من طرف بعيد إلا وخاضها، دون خوف من اتهام، ودون قلق من سهام ربما يطلقها جاهل أو حاقد.

مشكورا وجه لي صاحب الصالون الصديق الدكتور مصطفى السعيد دعوة للحضور والمشاركة في إحدى ندواته، فكانت المفاجأة الكبيرة حينما وجدت الحضور في هذا الصالون لا يقلون عن المحاضرين من حيث المكانة والقيمة؛ فكان الحضور ما بين أكاديميين، وكبار من رجال أمن سابقين، وساسة كبار، وكتاب وصحفيين من الطراز الأول، إن جاز الوصف.

أما المحاضريْن فكانا: الوزير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، والمهندس موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أما المحاوران فكانا صاحب الصالون الأستاذ الدكتور جمال مصطفى السعيد والأستاذ الدكتور نبيل حلمي أمين عام جمعية مصر الجديدة، أما الموضوع فكان غاية في الأهمية وهو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صورة مصر في الداخل والخارج.

هنا يتضح دور المثقف في أبهى صوره، حيث أنه يتعامل مع الظواهر الجديدة تعاملا جادا من خلال عرض الظاهرة، وبحثها في أرض الواقع، فليس سرا أن الوزير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق الذي أشاد بدورنا بصفة شخصية، ودور الجاليات المصرية بالخارج بصفة عامة، كان قد شارك معنا، بل قاد، مظاهرات بالنمسا تندد بجماعة الإخوان الإرهابية وتصحح الصورة المغلوطة عن مصر في أوروبا والتي كان يستخدم فيها كل وسائل الإعلام المختلفة ومن بينها بل على رأسها وسائل التواصل الاجتماعي، وللرجل خبرة عريضة في هذا المضمار، أما المهندس موسى مصطفى موسى فلقد كان أكثر من تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بسوء، ليس في مصر فحسب بل في العالم كله، حيث كان أنصار الدولة الوطنية ضده، لأنه ترشح في مواجهة رمز الوطن والأمة الزعيم البطل الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤسس مصر المعاصرة، في ذات الوقت الذي كان فيه في مرمى سهام الإرهابيين الذين كانوا يريدون إفشال عملية الانتخابات الرئاسية في مصر، فالرجل كان بين كفي الرحا، ومن هنا فهو الأكثر قدرة والأجدر على مناقشة هذا الموضوع الهام. 

كان لي شرف المشاركة الإدلاء بدلوي في هذه القضية الهامة من خلال تلك المساحة الزمنية التي حددها لي صاحب الصالون الصديق الدكتور مصطفى السعيد، فتناولت الدور الذي قمنا به في الخارج لمواجهة كم الأكاذيب - الذي فاق كل تصور – الذي أطلقته جماعة الإخوان الإرهابية وكل من يدورون في فلكها، بمساعدة لوبي إخواني خطير، ودول مثل تركيا تدعمهم وتدعم الإرهاب، وكيف كنا – نحن المصريين بالخارج- حائط الصد الأول عن مصر، وكيف نجحنا مع جهد وزارة الخارجية وسفراء مصر في الخارج من تحقيق الانتصار الذي لا يرضى عنه المصري الأصيل بديلا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط