الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: قادرون باختلاف‎

صدى البلد

أكثر ما جذب انتباهي اليوم خلال متابعتي لاحتفالية "قادرون باختلاف " هو استخدام مصطلح "ذوي الهمم بدلًا من "ذوي احتياجات خاصة " فاستخدام ذلك المصطلح لا يرمي الى استعمال حروف منمقة تبتعد كل  البعد عن التجريح والتقليل من شأن الآخر فحسب ، إنما يشير أيضا إلى تغير الفكر القديم المتحجر الذي كان يقوم في الماضي على تلك النظرة الضيقة التي يرمقها العالم الخارجي إلى أصحاب القدرات الفائقة، تلك النظرة التي تنصب كلية على مكان الإعاقة سواء كانت حركية ،سمعية بصرية وغيرها من الإعاقات ، ولا تلتفت إلى شىء غيره، تلك النظرة التي لا يفهمها إلا من ينظر إليه والتي تحمل الكثير من النفور وحالة الرفض ، وأحيانا أخرى تميل إلى الصعبانيات ومصمصة الشفايف. فأحيانا يبدأ تغيير الفكر من مصطلح -فلا تستهين- فهناك أعمار مضت، وأجيال ولت ، وهي لا تسمع إلا مصطلحات مثل (معاقين، ذوي إعاقة -ذوي احتياجات) بل هناك ألفاظ أخرى دون مستوى ولا تستحق أن تذكر، يتم تداولها بشكل يومي خلال الاحتكاك بالعالم الخارجي دون مراعاة لمشاعر أصحابها ، ولذلك أقول أن تغير الفكر قد يبدأ بكلمة -كخطوة أولية - إلى أن تتوالى الخطوات وصولًا إلى أشياء ملموسة ينتفع بها أصحاب الهمم على أرض الواقع.

أكثر ما أعطى الاحتفالية طابعا  مميزا، و أضفى إليها نوعا  من التفرد ، هو أن الفعالية أطلقت لقب سفراء على مجموعة من أصحاب الهمم ، فقد استطاع كل طفل أن يطلق لخياله العنان ويبوح بما يتطلع إليه من مستقبل أفضل فور انتهاء المذيع من سؤاله "بتحلم يإيه ".

"سفير الأطفال " الذي استطاع في حضوره أن يعكس صورة عن أطفال مصر ،وما يحتاجونه داخل المدارس ، والسمات التي من المفترض أن يتحلى بها  المعلم حتى يصبح مؤهلًا للتعامل معهم. فنحن إذا أردنا أن نغير النظرة المقيتة التي تنظر لأصحاب الهمم ،علينا أن نبدأ بالنشء ، أن نسعى لدمجهم مع بعضهم داخل المدارس سواء كان على صعيد الدراسة أو حتى الأنشطة المختلفة ،فكرة أن يتفاعل الأطفال جميعا دون أن يلتفت أي منهم إلى إعاقة صديقه، وأن يصبح الاثنان لهما نفس الحقوق وعليهما نفس الواجبات ،فكرة قادرة على أن تسد الفجوة التي كثيرا ما تحدث بين الأطفال وبعضهم ،لطالما شعر أصحاب الهمم بالغرابة في العالم المدرسي وتسلل إليهم شعور بعدم الرغبة في وجودهم ، نظرًا لما يتلقاه من معاملة بغيضة سواء ممن هم من نفس عمره أو ممن يقومون بالتدريس إليه. آن الأوان أن ننشر ثقافة احترام الآخر ، وأن جميع الأطفال سواسية دون النظر إلى فروق فردية أو اختلافات شكلية.

"سفير الوعي " أؤمن أنه من أهم السفراء و أصعبهم على الإطلاق ، أن يتمتع المجتمع بثقافة المساواة والعدل، وأن تكون نظرته موضوعية لأصحاب الهمم دون انحياز نابع عن فروق أو ناتج عن أي اختلاف.

"سفير البطولات " حيث من المفترض أن يلعب الإعلام دورا  كبيرا  في تسليط الضوء على أصحاب الهمم وبطولاتهم وحصدهم للعديد من المراكز والجوائز في مختلف الأنشطة الرياضية ، فالبرامج التلفزيونية قادرة على أن تكون محفزًا لهم على الاستمرار وتقديم الدعم لهم من خلال تكريمهم والتركيز على إنجازاتهم الرياضية كنوع من أنواع الامتنان لجهودهم وحتي يتشكل لديهم اليقين أنهم ليسوا بجزيرة معزولة ،إنما بإمكان مجتمعهم أن يشاركهم انتصاراتهم.

"سفير التشغيل والتدريب" وهذا النوع يتطلب الكثير من المناشدة وتسليط الضوء ، و أن ننادي بتحقيق الدمج بين أصحاب الهمم وغيرهم في كافة مجالات الحياة وتوفير فرص العمل لهم ، وتفعيل 5% فلابد أن تتكفل الدولة بتوفير حياة كريمة لأصحاب الهمم إلى جانب أنها لابد أن تبذل قصارى جهدها حتى يتم تطبيق فكرة الدمج في سوق العمل وفي مختلف مناحي الحياة.

"سفير السعادة "، فهو من اسمه يقصد أن يحقق كل ما هو من شأنه أن يجلب السعادة لأصحاب الهمم، ولن تتحقق تلك السعادة سوى بأن نتوقف عن التنمر على بعضنا البعض ،وأن نقضي على الايماءات والايحاءات التي تشير جميعها إلى الإعاقة ، أن نتربى على ثقافة الاختلاف مع مراعاة مشاعر الآخر، أكثر ما يجلب السعادة أيضا لأصحاب الهمم أنه حين يقرر أن يغادر منزله ليتحرك نحو مجتمعه ،ألا يحمل همًا للطريق وعثراته وأن نعمل على تذليل صعابه ،أن يتوفر وسيلة مواصلات تؤهل لأصحاب الهمم استخدامها دون مساعدة من أحد ،أن يكون لهم أماكنهم المخصصة التي يسهل استخدامها في الأماكن العامة. فكلما تذللت صعاب أصحاب الهمم وشعروا أن وجودهم داخل المجتمع مرحب به ،كلما كانوا أكثر سعادة.

فكل متطلبات أصحاب الهمم تتلخص في المساواة ،فإذا تحقق الدمج بينهم وبين غيرهم من أبناء المجتمع ،حينها ستتحول نظرات الشفقة والعطف إلى أننا جميعنا إنسان يتمتع بنفس الحقوق وكذلك يقوم بنفس الواجبات دون أن نعطي أي أهمية لأي فروق أو اختلافات، يكفي أن كلينا إنسان....إنسان فحسب.