الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صل رحمك أو يسرق اللصوص عظامك!!


توجه المحتالان إلى حارس العقار ومعهما ما يثبت ملكيتهما لإحدى الشقق المغلقة بالعقار منذ سنوات، إغلاقها لسنوات كان سببا كافيا لمحاولة الحارس مساعدتهما في فتح باب الشقة عن طريق إحضار النجار.

تمكن المحتالان من فتح باب الشقة لتكون المفاجأة، فإذا بهما يجدان رفاتا وعظاما لشخصين متحللين يبدو أنهما توفيا منذ سنوات طويلة.

يبدو المنظر مرعبا، أو على أقل تقدير يثير القشعريرة، هل تلك الشقة يسكنها الأشباح، هل هو جن، أو أحد من هؤلاء الذين يجيدون السحر الأسود الذي يعرفه نادي «الزمالك» جيدا، يستخدم هذه العظام في أعماله السفلية.

المهم استجمع المحتالان قواهما وجمعا العظام في «جوال» وذهبا به ليلقياه إلى جوار إحدى الترع ليكتشف المارة الأمر بعد ذلك ويبلغوا الشرطة.

كانت هذه أحداث القصة التي وقعت في الإسكندرية بمنطقة سيدي جابر وأثارت الرأي العام خلال الأيام القليلة الماضية، ما بين تحليل لجريمة المحتالين اللذين حاولا سرقة الشقة بعقود مزورة، وما بين هؤلاء المدافعين عن الإنسانية والذين توقفوا عند رفات الشخصين المتوفيين، من هما؟ وكيف لا يشعر أحد بموتهما طيلة 7 سنوات كاملة حددتها التحقيقات؟ وأين أبناؤهما، وأين الجيران من كل هذا؟

الأسئلة كثيرة وتبدو منطقية، لكن الإجابة كانت مع المتوفيين اللذين أصبحا عظاما منثورة ورفاتا برائحة كريهة، لم يكن لهما أبناء، وكانا منعزلين لا يختلطان بجيرانهما ما يجعل مساحة للسؤال والاطمئنان عليهما خاصة وأنهما من كبار السن ويعانيان المرض.

ما يهمني في تلك القضية هو أرحامهما أو أقاربهما الذين لم يسألوا عليهما طيلة هذه السنوات! هل كان انعزالا منهما أو رفضا لوجود أحد في حياتهما أو تقصيرا منهما في حق أرحامهما؟ فكانت هذه نتيجته، أن ماتا بهذا الشكل وتلك الطريقة التي أسف لها المجتمع كله! 

أظن والله أعلم أنه تقصير منهما في حق أرحامهما كانت هذه عاقبته وعقابه الذي استحقاه من الله لقطع أرحامهما في شبابهما فكان جزاؤهما أن يموتا بهذه الطريقة.

قال الله تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ ففي هذه الآية الكريمة الذين يفسِدون ويقطعون الأرحامَ الذين لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته وأصم أذانهم عن فهم ما أراده الله منهم ووسلبمنهم العقول، كل هذا نتيجة قطع الأرحام.

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه))؛ (البخاري ومسلم)، وفي شرح الحديث الشريف قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى: "وذلك أنَّ الله سبحانه يجازي العبد من جنس عمله؛ فمَن وصَل رحمه وصل الله تعالى أجَلَه ورزقه، وصلًا حقيقيًّا، وضده: مَن قطع رحمه، قطَعه الله تعالى في أجَلِه وفي رزقه".

صلوا أرحامكم، اجعلوا الود والحب والرحمة أساس المعاملة فيما بينكم، لا تنتظروا أخطاء الناس لتستغلوها في قطع الصلة والأرحام، اعملوا ليوم قد تكونوا فيه بمفردكم في أحلك الظروف وأصعب المواقف. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط