الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نسرين حجاج تكتب: وداعا الفنانة القديرة ماجدة الصباحي

صدى البلد

أنعى إليكم والى جموع الأمة العربية أحد ركائز الفن الراقي والزمن الجميل الفنانة ماجدة الصباحى أو كما نسميها "ماجى".. هذه الأمة التى أحبتها كمناضلة سنة ١٩٥٨ فى فيلم "جميلة"والتي جسدت فيه دور المناضلة الجزائرية جميلة بو حريد بحب وقرأت قبل أن تمثله كل ما نشر عنها بل وقصت شعرها الحقيقي كاملًا ولم تلجأ كغيرها لإستعمال الباروكة! جسدت ماجي الفيلم بصدق شديد وبراعة غير مسبوقة ليعرف العالم من هى جميلة بو حريد. ولولا ما قدمته ماجدة بإتقان على الشاشة ما سمع العالم بهذه المناضلة الجزائرية فالفن هو حقًا القوة الناعمة والمؤثرة لذا فقد استقبلها الجزائريون بعد تحرير الجزائر كالفاتحين الأبطال .

وتاريخ الفنانة العظيمة ماجدة يحفل بأكتر من ستين فيلمًا من اروع ما انتجت السينما المصرية في تاريخها.

وكل الشكر للفنان الراقي هانى مهنا ولوزارة الثقافة المصرية على تكريمها فى عيد الفن سنة ٢٠١٦. كما حصلت ماجدة من قبل وبجدارة على جائزة النيل في الفنون سنة ٢٠١٤. 

أنعى بحزن شديد الطفلة عفاف وهذا إسمها الحقيقى لأنها وحتى آخر يوم من عمرها كانت طفلةً صغيره فى أحضان إبنتها الوحيده غادة إيهاب نافع والتى كانت بحق أما لوالدتها  وتعتني بصغيرتها "ماجى"

أعلم أن ما سأكتبه سيفجر دموع غاده التى تركتها وجفونها ملتهبة من شدة بكائها على أمها فهى إبنتها الصغيرة "ماجى" وليست أمها فهى من كانت تدللها حتى موتها وتشترى لها الألونات التى تحبها وتختار لها حتى ملابسها وتحضر لها كل ما تحبه وتتمناه فكانت ماجي بحق إبنتها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى دافئ. أتذكر أخر عيد ميلاد حضرته "لماجى" وقد كانت كالطفله الصغيرة والشقية تصفق وتبتسم وتطفئ الشموع فلم اكن أعرفها إلا طفلة جميلة بشوشة بروح دعابتها اللطيفة وبطيبتها المعهودة .

الفنانة العظيمة ماجدة هى تاريخ حافل من النضال من أجل السينما. فقد كانت عمودًا صلبًا لها فأنتجت أفلاما خالدة سنظل جميعًا نتذكرها دومًا حتى وإن ذهب الجسد فالروح مازالت باقية بيننا تسعدنا بذكريات فنها المبدع.

هذا الجسد الصغير الذى تألم كثيرا رجع اليوم الى بارئه ليدخل فى ظل رحمته ويتمتع بعظيم غفرانه

رأيت ملاكًا..!

رأيت الفنانة ماجدة وهى مستقبلة القبلة نائمة كالملاك بوجه جميل أبيض رغم بشرتها السمراء وأقسم بالله أن وجهها بدى لي كالبدر المشرق الوضاء وكأنها نائمة في سبات عميق. سلمت عليها وقرأت لها الفاتحة وإستودعتها عند أرحم الراحمين وخرجت والدموع في عيني من غرفتها. 

فى صالة منزلها توجد عدة صور للفنانة ماجدة فى أجمل سنين عمرها مع كم كبير من الجوائز والنياشين تعكس قيمتها الغالية عند محبيها. وهناك ذكريات حميمة فى كل ركن من أركان منزلها الذى أصبح بأكمله حزينا عليها .

رأيت غفير منزلها وهو مكلوم وهو ليس وحده ولكن كل من كانوا يقومون على خدمتها يملؤهم الحزن العميق. لإحدى الدادات إبن صغير ربما لا يتخطى ثلاث أو أربع سنوات من العمر كان يلعب دوما مع ماجى وكان يجلس بجوارها ويحبها بشغف. اليوم رأيته يجلس بجوارها طويلًا ثم يخرج ليقول "صحوها دى نامت كتير قوى" فهو ببراءته لا يدرى أن هذه النومه ستكون نومتها الطويلة والاخيرة ولن تفيق منها أبدًا .


هناك فنانيين كانوا دومًا حريصين على زيارة ماجى والسؤال عنها ومن أحبهم لقلبها الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد والتى كانت أول المعزيين فى منزل الفنانة "ماجدة الصباحى" حيث وقفت تواسي إبنتها الوحيدة غادة.  

وكأن ماجى كانت تشعر بقرب النهاية فقد طلبت من غادة أن تسافر معها وقالت غادة "حاضر يا ماجى" ولم يمهلها القدر لهذه السفره وكأنها كانت تعلم أنه تستعد لسفرها الاخير بلا عودة.

فصاحبة التاريخ الفنى العظيم مثلت رائعتها "العمر لحظة" سنة ١٩٧٨. وهذا الفيلم والذى جسدت فيه دور الصحفية نعمة كان من تأليف الكاتب الكبير يوسف السباعى وإخراج المخرج القدير محمد راضى عن حرب أكتوبر .

ومن أعمال الراحلة ماجدة كمنتجة أفلام "هجرة الرسول ، أين عمرى، من أحب، النداهة، والعمر لحظة"

وقامت ماجدة بأدوار كثيرة تركت أثرًا عميقًا في ذاكرتنا وذاكرة الامة العربية بأجمعها وعلى سبيل المثال فيلم أنف وثلاثة عيون وفيلم بائعة الجرائد. 

وقد أثرت ماجدة الساحة السينمائية المصرية بقضايا هامة تخص المرأة كما عبرت عن آهات الفتيات وأحلامهم فى فيلم المراهقات.
والذي أحب أن أختم به لأنى أشعر وكأن "ماجى" هى ندى بأحلامها الرقيقة وصوتها الحنون. والفيلم من إخراج أحمد ضياء الدين سنة ١٩٦١. وفيلم المراهقات عشقه الكبير منا قبل الصغير فلم تترك ماجده بتلقائيتها المحببة وفطرتها السمحة فرصة لنا إلا لنعشقها ونتعاطف معها ومع مشاكل هذه الفترة العمرية والتي دقت بشده أجراس الخطر فى كل بيت مصري به مراهقة.

أتمنى من صديقتي صاحبة القلب الطيب الفنانة غادة نافع أن تحول منزل والدتها ماجدة إلى متحف شخصى يفتح دومًا لمحبيها وعشاق فنها أسوة بمنزل العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ .

ماجدة الصباحى بلا شك علامة مميزة من علامات السينما المصرية وتاريخها المشرف والعظيم ملك لمحبيها الذين كانت تفرح بهم عندما يكتبون عنها شيئًا ولو صغيرًا فى جروب ماجدة والذى أنشأه محبوها بالمملكة العربية السعودية.

وجملة من القلب فى حب ماجى التى لن ننساها ما حيينا ونسترجع ذكراها دومًا بالحب والتقدير. 

 أطلب من كل محبيها وعشاق فنها الراقي قراءة الفاتحة على روح "عفاف ابنة ناهد" لتكون ونسًا لها وبلسمًا عليها فى قبرها. 

إنا لله وإنا إليه راجعون