الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خاطف العقول يهدد أولادنا!


كيف تحول حي الزمالك لمنطقة صراخ وعويل متواصل؟!.. فالجريمة التي شهدها ليست كأي جريمة .. فالجاني مراهق في سن الـ15 والمجني عليه صديقه الذي  ذهب إلى منزله مع مجموعة من الأصدقاء لممارسة هوايتهم المفضلة في الترفيه بالألعاب الالكترونية كما اعتادوا أسبوعيًا.


لكن هذه السهرة تحديدًا كانت الأخيرة في حياة أحدهم، فقد فاجأهم صاحب الدعوة بمسدس والده المرخص وفي وصلة مزاح خرجت طلقة بطريق الخطأ فأصابت واحدا منهم لتتحول السهرة إلى صدمة مدوية ليس لمن شاهدوا تفاصيلها فحسب بل لكل من يسمع عنها!.. لن أتكلم عن السؤال البديهي حول رب الأسرة الذي ترك سلاحه المرخص في خزانة ملابسه، فإن لم يكن يخشى على أهل بيته من مخاطر العبث بسلاح ملغم بالذخيرة الحية، فكيف لم يخف أن يستغله خادم أو غيره من عمال المنزل في جريمة قد يجد نفسه متورطًا فيها!.


فمن المعروف أن السلاح مكانه الطبيعي خزينة بأرقام سرية  يجب ألا يعرفها سوى صاحبها، ولن أتحدث عن الأهل الذين يتركون أطفالا في سن المراهقة لقضاء أمسية بمفردهم دون رقيب، فحتى لو كانوا يثقون في أخلاق أولادهم، فكيف يأمنون لأحكام المراهقة والتي لا تفرق بين شاب وأخر وإن اختلفت درجات الالتزام، فالتجربة لا تعني الانحراف دومًا، ولا مانع من تذوق أحد الممنوعات من سجائر لمخدرات أو حتى مشاهدة أحد المواقع الإباحية طالما لا يوجد أحد في المنزل!..تلك ليست اتهامات لهؤلاء الصغار أو غيرهم لكنها الطبيعة المتمردة المصاحبة لتلك المرحلة العمرية الحرجة.


وبعيدًا عن كل ما قيل ويقال نأتي للكارثة الأكبر المتسببة في تلك الجريمة البشعة ألا وهي الألعاب الالكترونية والتي باتت بوابة خلفية لكل مشكلة نفسية يعاني منها أطفالنا وشبابنا بدءًا من الانعزالية وانتهاء بالعنف الذي يصل حد القتل والانتحار، الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية منذ أكثر من عام ونصف لإعلان الألعاب الالكترونية كأحد أشكال الإدمان وصنفتها ضمن "اضطرابات الصحة العقلية".


والغريب أننا نترك أبناءنا بالساعات أمام سارق العقول المسمى "بالفيديو جيم" وبدلًا من أن نسعى لاكتشاف مواهبهم سواء رياضية، فنية، أو غيرها ونشجعهم على دعمها، نغمض أعيننا أمام انشغالهم بألعاب النت طالما لا يشغلوننا بطلباتهم اللا نهائية!.


وهنا تذكرت تلك الأم التي شاهدتها عبر أحد البرامج التلفزيونية منذ 3 سنوات حين لاحظت إدمان ابنها البالغ 13 عاما لألعاب الكمبيوتر وقررت علاجه بنفسها، فصادرت هاتفه المحمول وتخلصت من جميع الألعاب الالكترونية بالمنزل وحبسته في البيت لمدة شهر كامل مع وضع نظام غذائي ورياضي صحي لم تفارقه في كل خطوة من خطواته حتى تعافى تماما من إدمان النت وألعابه واندمج في عالمه الصحي الجديد ليصبح واحدا من أبطال الرياضة.


فلما لا نستفيد من تجربة هذه الأم ونتعلم من جريمة حي الزمالك الشنعاء حتى لا نستيقظ ذات يوم على صرخة ابني أو ابنك جراء انشغالنا عنهم وترك صغارنا فريسة الألعاب الالكترونية أو بمعنى اصح "خاطف العقول".

     

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط