قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بيلوسي تستعد للانقضاض.. هل نجا عنق ترامب بالفعل من مقصلة العزل؟

دونالد ترامب ونانسي بيلوسي
دونالد ترامب ونانسي بيلوسي

ربما تنفس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الصعداء بعد تبرئته في تصويت مجلس الشيوخ الأربعاء الماضي من تهمتي إساءة استغلال السلطة وعرقلة تحقيقات الكونجرس، لكن أشهرا قليلة تفصله عن معركته المصيرية الكبرى، معركة إعادة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، وطوال تلك الشهور لن تكون معركته الأساسية مع منافس على عرش البيت الأبيض، وإنما مع ألد خصومه؛ رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي.

في 23 يناير 2017، اليوم الرابع من رئاسة دونالد ترامب، استقبل الأخير كبار نواب الكونجرس في البيت الأبيض، وخلال حديثه معهم قال "أنتم تعلمون أنني فزت في التصويت الشعبي"، ثم شرع يكرر مزاعمه حول تزوير 3 - 5 ملايين صوت لصالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

هنا ارتفع صوت من بين الحضور يقول بحسم "هذا ليس صحيحًا"، كان ذلك صوت زعيمة النواب الديمقراطيين بمجلس النواب - آنذاك - نانسي بيلوسي، وفقًا لرواية صحفيي جريدة "واشنطن بوست" فيليب راكر وكارول ليونيج في كتابهما "عبقري متزن جدًا" عن رئاسة ترامب.



وبحسب ما نقلته مجلة "ذا نيويوركر" الأمريكية عن الكتاب، أضافت بيلوسي بحدة "إذا كنا سنعمل سويًا فيجب أن نتفق على مجموعة معينة من الحقائق"، وحينها همس كبير مستشاري ترامب للشئون الاستراتيجية السابق ستيف بانون للمحيطين به "ستنال منا جميعًا. إنها سفاحة".

بمرور الوقت، غدت بيلوسي خصم ترامب اللدود الأبرز من بين خصومه جميعًا، واحتلت الصف الأول في قيادة المعارضة الديمقراطية ضد ترامب، وفي الرابع من فبراير الحالي بلغت العداوة بينهما ذروة قياسية جديدة.

في ذلك اليوم، وقف ترامب ليلقي خطاب حالة الاتحاد السنوي، قبل يوم واحد من تصويت مجلس النواب على إدانته بتهمتي إساءة استغلال السلطة وعرقلة تحقيقات الكونجرس تمهيدًا لعزله، وقبل أن يشرع بإلقاء الخطاب سلّم ترامب بيلوسي نسخة ورقية مطبوعة منه، فمدت كفها بشكل عفوي لمصافحته، لكنه تجاهل كفها الممدودة وأدار لها ظهره ليبدأ بإلقاء الخطاب.

تمالكت بيلوسي نفسها وجلست خلف ترامب بينما يلقي خطابه متحاشية النظر إليه، وما إن انتهى ترامب من خطابه حتى لملمت أوراق النسخة المطبوعة ومزقتها أمام الحضور وعدسات آلات التصوير، وبررت لاحقًا تصرفها المخالف لقواعد اللياقة بأن خطاب ترامب كان "بيانًا من الأكاذيب".

ولا يقتصر أثر الخصومة العتيدة وحرب التصريحات بين ترامب وبيلوسي على أن يكونا حديث مجالس النميمة في أوساط النخبة السياسية الأمريكية، وإنما تتعدى خطورة الموضوع ذلك بمراحل، حتى لتهدد استقرار نظام الضوابط والتوازنات بين السلطات، الذي أسسه الدستور الأمريكي.

وفي انتخابات التجديد النصفي للكونجرس عام 2018، استعاد الديمقراطيون أغلبية مقاعد مجلس النواب، وانتُخبت بيلوسي رئيسة للمجلس متغلبة على معارضة العناصر التقدمية والشابة من نواب الحزب الديمقراطي لتوليها المنصب، مقابل وعد بتخليها عنه عام 2022.

وفي العام الماضي، بعد انتهاء عمل اللجنة الخاصة برئاسة المستشار روبرت مولر للتحقيق حول التدخل الروسي في انتخابات 2016 الرئاسية، عارضت بيلوسي أصواتًا ديمقراطية نادت بإطلاق محاكمة برلمانية لعزل ترامب، مقدرة أن الفكرة لا تحظى بقبول شعبي، وأن تقرير مولر لم يقدم أدلة كافية لإدانة ترامب بالتواطؤ مع روسيا.

لكن في سبتمبر الماضي، تسرب نص مكالمة هاتفية بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جرت في يوليو، وتلقف الديمقراطيون هذه المكالمة ليوجهوا اتهامًا لترامب بإساءة استغلال السلطة، من خلال الضغط على الرئيس الأوكراني لفتح تحقيق حول علاقة منافس ترامب الديمقراطي المحتمل في الانتخابات المقبلة جو بايدن وابنه بشركة غاز أوكرانية، مهددًا بقطع مساعدات عسكرية أمريكية لأوكرانيا في حالة رفض زيلينسكي، وتكمن إساءة استغلال السلطة هنا في أن ترامب - حسب اتهامات الديمقراطيين - استعان بدولة أجنبية للإضرار بسمعة مرشح منافس.

عندئذ، تبدل موقف بيلوسي من المطالبة بعزل ترامب تمامًا، فهي قد رأت أن تصرف ترامب مع زيلينسكي قد تجوز حدود "السلوك السيئ" إلى "مخالفة الدستور"، وراكمت جلسات الاستماع إلى الشهود في مجلس النواب أدلة معتبرة على تفضيل ترامب مصلحته الشخصية على المصلحة الوطنية.

وقبل تصويت مجلس الشيوخ في 5 فبراير على إدانة ترامب بالتهمتين الموجهتين إليه، بدت بيلوسي واثقة أكثر من اللازم بأن المحاكمة ستفضي إلى عزل ترامب في النهاية، والنهاية هنا لم تكن يوم تصويت مجلس الشيوخ، الذي انتهى بتبرئة ترامب، وإنما الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في نوفمبر، وهي الامتحان الحقيقي الذي تأمل بيلوسي وتخطط لأن تتفوق فيه على ترامب بحشد الناخبين للتصويت ضده، أو كما قالت: "أيًا كان ما سيحدث فقد تم عزل ترامب إلى الأبد".