الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موتوا في صمت.. لماذا تدفن إيران أسرار كورونا في مقبرة السياسة؟

انتشار فيروس كورونا
انتشار فيروس كورونا في إيران

يشكل وباء كورونا اختبارًا لأي حكومة بشأن قدرتها على اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية والاحتفاظ في الوقت ذاته بالثقة الشعبية.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فبمجرد أن بدأ انتشار فيروس كورونا في الصين بدأت الحكومة الصينية إجراءات بالغة الصرامة وعلى نطاق واسع لاحتواء الوباء، ويمكن القول إن الصين نجحت إلى حد كبير في محاصرة خطر انتشار الفيروس، داخلها على الأقل.

أما في إيران فالوضع يختلف وعلى نحو مقلق، فهناك حكومة تعيش في حالة إنكار دائم لأي أزمة، وشعب يستعين على صعوبات العيش في بلد كهذا بالسخرية والتشكك في الحكومة، وهناك بعد ذلك وباء ينتشر في أنحاء البلاد مستفيدًا من هذه الفوضى، والمحصلة النهائية أن إيران تحولت إلى بؤرة للوباء تفوق في خطرها منشأ الفيروس في الصين نفسها، وهذا الخطر ليس مسجونًا داخل الحدود الإيرانية.


ومن المشاهد الكاشفة في هذا الموقف وقوف المسئول بوزارة الصحة الإيرانية إيرج حريرجي يتلو بيانًا صحفيًا حول جهود مكافحة فيروس كورونا بينما كان يسعل ويتعرق ولا يرتدي قناعًا واقيًا وسط زملائه والحضور في المؤتمر، وفيما بعد اكتُشفت إصابته بعدوى كورونا.

وتوفي محمد مير محمدي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بعد إصابته بفيروس كورونا، وأصيبت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس حسن روحاني، بالوباء، ولم يُكتشف ذلك سوى بعد لقاءات عقدتها مع الرئيس الإيراني وكبار المسئولين بشكل روتيني، الأمر الذي طرح احتمالات انتشار الفيروس داخل دائرة السلطة العليا في البلاد، وحتى الآن التقط 23 عضوًا بالبرلمان الإيراني عدوى الوباء المميت. 

النقطة الأكثر إثارة للقلق في الأمر هو الغموض والتكتم الذي تحيط به السلطات الإيرانية القضية، كعادتها إزاء أي مسألة حساسة، ونقلت النسخة الفارسية من إذاعة "بي بي سي" البريطانية عن مصادر طبية أن أعداد الوفيات بفيروس كورونا تبلغ 6 أضعاف المعدل الذي تعلنه الحكومة، ففي يوم 28 فبراير نشرت "بي بي سي" أن وفيات إيران نتيجة وباء كورونا بلغت 210 حالات، بينما نشرت البيانات الرسمية قم 34 حالة وفاة فقط.

وبحسب الدوائر والبيانات الرسمية الإيرانية، بلغت حصيلة المصابين بفيروس كورونا في البلاد بحلول أمس، الثلاثاء، 2336 شخصًا، فيما بلغت الوفيات 77 حالة، وحتى بالاعتماد على هذه البيانات الرسمية تنكشف مشكلة كبيرة، فمعدل الوفيات وفق هذه الإحصاءات يبلغ 5% من المصابين، وهو ما يفوق المعدل في الصين نفسها، التي تبلغ وفياتها نسبة 2% من عدد الإصابات.

فضلًا عن ذلك، تتكتم إيران على عدد الإصابات غير القاتلة والمكتشفة مبكرًا بالوباء، والتي قد تبلغ عشرات الآلاف، وربما كان ما دفعها إلى ذلك أسباب سياسية بحتة، ففي 11 فبراير حل الاحتفال بذكرى انتصار الثورة الإيرانية، وفي اليوم التالي أجريت الانتخابات البرلمانية، ولم يكن من مصلحة النظام الإيراني إثارة القلق والذعر بين الجماهير، بما ينطوي عليه من احتمالات خروج احتجاجات في الشوارع أو العزوف عن التصويت في الانتخابات، وهكذا مرت أسابيع حاسمة دون أن تستجيب الحكومة الإيرانية بالشكل المناسب والإجراءات الضرورية للوباء المنتشر تحت سمعها وبصرها.