الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الوعي.. ومعركة كورونا


أثار فيديو متدوال لشاب صيني يتعرض للسخرية من بعض السائقين غضب المصريين بعدما أجبره أحد السائقين علي مغادرة سيارته علي الطريق الدائري خوفًا من ان ينقل له العدوي بفيروس كورونا مما عرض الشاب لمضايقات حادة من السائقين.

خوف شديد غير مفهوم يعيشه العالم من فيروس كورونا والذي أصبح يفوق المخاطر الفعلية له بمراحل فالمرض في حالات معينة يمكن أن يكون قاتلا نعم لكن هذا الذعر العالمي تخطي بكثيرمضاعفات الفيروس علي ارض الواقع.

وإجراءات مبالغ فيها لا تتناسب مع حجم الخطر سواء علي المستوي الأعلي والدوائر الدولية فقد سبق فيروس كورونا عدد من الأوبئة والتاريخ ليس بالبعيد فانفلونزا الخنازير راح ضحيتها حسب منظمة الصحة العالمية 18 ألف شخص عام 2010 بل أن ضحايا الإنفلونزا الموسمية في الولايات المتحدة بلغ عامي 2017 و2018 حوالي 80 الف شخص. 


أما علي مستوي الدوائر الأدنى والمتمثلة في الشعوب فهناك خوف يصل إلى حد الهلع جعل الناس في حالة فزع وتوجس بشكل متزايد وحادث الشاب الصيني خير دليل ليس في مصر فقط بل في مناطق كثيرة من العالم فهناك  العديد من الحالات الشبيهة ليس علي المستوي الشعبي بل والإعلامي.

وجاءت الاستجابات المبالغ فيها من بعض الدول لتؤثر بشكل سلبي علي حياة شعوبها وتلقي بظلالها الضبابية علي الحياة الاقتصادية والممارسات اليومية فهناك دول أغلقت حدودها بالكامل ودول علقت أنشطتها الدينية والثقافية والاجتماعية وأكثر من 10% من سكان العالم أصبحوا الآن في حالة حظر إجباري.


إجراءات احترازية أحدثت ارباك اقتصادي فتضررت شركات الطيران بعدما أغلقت بعض دول حدودها وعلقت اخري حركة الطيران مثلما حدث بين أوروبا وأمريكا وتراجعت اسعار النفط بشكل كبير تبعها حدوث انهيار في بورصات العالم حتي وصلت إلي أدني مستوياتها وهو ما لم يحدث منذ الازمة الاقتصادية العالمية 2008 – 2009.


أسباب كثيرة متشابكة وراء تلك الحالة غير المسبوقة من الخوف الدولي السبب الأول هو أن فيروس كورونا جديد وخفي قاتل أحيانا ومازلنا لا نعرف حقيقة ما نواجهه ومدى خطورته أو عدد الأشخاص المصابين بالفعل فهناك حاملين للفيروس ولا تظهر عليهم الأعراض وغير مخالطين وحتي الآن لم يتم التوصل اليقيني
لعلاج هذا الفيروس المتحور رغم التقدم العلمي.

وحلت نظرية المؤامرة لتكون العنوان الأبرز للوباء العالمي بتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية  بين الدول فهناك من يردد أن الفيروس هو حرب بيولوجية وهو ما صرح به المتحدث الرسمي للحكومة الصينية متهما الجيش
الأمريكي بإدخال فيروس كورونا إلى مدينة ووهان الصينية وفي المقابل تتهم الصين بانها وراء تفشي هذا الفيروس من اجل رحيل المستثمرين الأجانب وشراء أصولهم بأثمان بخسة والحصول على أكبر مردود مالي يدعم توجهها للاستثمار وتسيد العالم اقتصاديا.

ومن جانب آخر هناك من يتاجر بهذا الوباء في القضايا التي كانت تثير بالفعل قلقا شديدا حول العالم مثل العولمة والهجرة الجماعية وآخرون جلدوا انفسهم بالضرب علي وترا حساس ينبع من شعور عميق بالذنب يشعر به الكثيرون في ظل ما يحدث من قلاقل واضطرابات حول العالم فجعل من فيروس كورونا عقاب إلهي.

قد يكون كورونا تحديا عالمي حقيقيا لكن التحدي الأكبر هو الوعي والأخطر من كورونا هو الوقوع في براثن الشائعات خاصة في ظل الانتشار الواسع   للمنصات الإلكترونية التي يعتمد عليها الملايين للحصول علي الأخبار وما بين التهويل والتهوين والتنكيت اصبحت السيطرة على الرأي العام أمرا يسيرا  والتي يمكن أن تؤدي إلى كوارث خاصة مع التشكيك في البيانات الرسمية الحكومية  وانتشار المقاطع الصوتية المجهولة المصدر في محاولة لزعزعة الثقة في القرارات التي تتاخذها الجهات المعنية.


علينا أن ننتبه حتي تمر الأزمة بخير ونكون علي قدر الوعي والمسؤولية، فكورونا كغيره من الأمراض التي يجب علينا أخذ التدابير اللازمة للوقاية منه لكن الأخطر من الوباء هو الوعي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط