الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أجراس الكنائس تصمت في مواجهة كورونا.. أحد السامرية يمر بدون صلوات.. التاريخ يؤكد: الكنيسة أغلقت في عهد الحاكم بأمر الله لمدة 9 سنوات.. والكنائس تغلق أبوابها استثنائيا للمرة الأولى في العصر الحديث

صدى البلد

  • القمص يوسف الحومي: التاريخ شهد من قبل إغلاق جميع الكنائس في القرن العاشر الميلادى 
  • الأقباط كانوا يلجأون إلى الصحراء بوادى النطرون لصلاة "الغطاس" و"القيامة" 
  • الأقباط ظلوا يصلون في المنازل طوال مدة غلق الكنائس بقرار الحاكم بأمر الله 


في ظاهرة هى الأولى على مدار التاريخ الحديث، تصمت أجراس الكنائس في مصر، وتغلق الأبواب أمام جموع المسيحيين في أقدس أيام السنة، حيث يحيا الأقباط الآن فترة الصوم الكبير والذى ينتهى بعيد القيامة المجيد. 

اليوم ووفقا لترتيب الكنيسة يسمى "أحد السامرية"، وهو وفقا للكتاب المقدس والقراءات يروى لقاء السيد المسيح مع "امرأة سامرية" طلب منها أن يشرب من الماء من عند "بئر يعقوب"، ودار بينهما حوار وكشف لها كل ما كانت تفعله في حياتها، وهو ما أدى إلى تحول كامل في حياتها. 

أيام الأحاد في الكنيسة ولدى المسيحيين لها واقع خاص في حياة كل منهم، فهو اليوم الذى تجتمع في الأسرة للصلاة في الكنيسة وبعدها يجتمعون في المنازل في أجواء من البهجة. 

قرار قداسة البابا تواضروس الثاني الصادر أمس، السبت، بعد اجتماع مع اللجنة الدائمة للمجمع المقدس والخاص بغلق جميع الكنائس وإيقاف الخدمات الطقسية والقداسات والأنشطة في إطار مواجهة انتشار فيروس "كورونا"، لم يكن القرار الوحيد، ولكن امتد أيضا لغلق قاعات العزاء واقتصار الصلاة على أسرة المتوفى فقط، على أن تحدد كل إيبارشية كنيسة واحدة للجنازات، فضلا عن منع الزيارات إلى جميع أديرة الرهبان والراهبات، على أن يسرى هذا القرار لمدة أسبوعين. 

وأكد البيان الصادر عن الكنيسة أن هذه القرارات تأتى من منطلق مسئولية الكنيسة الوطنية والكنسية، وحفاظا على أبناء مصر جميعا نظرًا لأن التجمعات تمثل الخطر الأكبر الذي يؤدي إلى سرعة انتشار الفيروس.  

وقال القمص يوسف تادرس الحومي، أستاذ تاريخ الكنيسة وتاريخ الطقوس وعلم المخطوطات بالمعاهد اللاهوتية، إن التاريخ شهد من قبل قرارا بإغلاق جميع الكنائس في القرن العاشر الميلادى في عهد الحاكم بأمر الله بسبب الاضطهاد.

وأوضح أن الكنيسة في تلك الفترة ظلت مغلقة لمدة 9 سنوات، وأنه وفقا لكتاب تاريخ البطاركة فإن الكنائس في منطقة وادى النطرون وأسيوط لم تكن مغلقة، وأن هذه الأحداث كانت في عهد البابا زخاريس، البطريرك رقم 64 من تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

ويحكي المقريزي أنه عندما حكم مصر الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمى فى فترة من فترات حياته أمر بإغلاق جميع الكنائس فى بر مصر، وأن تمنع أصوات الأجراس والتسابيح والتراتيل والقداسات ولا تُسمَع فى أى بيعة (كنيسة) مهما حدث.

ويقول المقريزى إن الكنائس ظلت مغلقة لمدة تسع سنوات كاملة، واضطر الكثير من الأساقفة والرهبان أن يقصدوا الصحراء للعبادة والتضرع إلى الله لكى يتراءف على شعبه، واعتاد بعض الأقباط أن يقصدوا الصحراء مرتين سنويًا بالذات فى عيدى القيامة والغطاس ليتمكنوا من الصلاة فى مأمن من السلطان، لكن الغالبية العظمى من الشعب القبطى لم يكونوا يستطيعون الخروج إلى الصحراء لبعد المسافات ومشقة السفر، فلجأوا إلى الصلاة فى البيوت ليلًا بدل الصلاة نهارًا وداوموا على اجتماعاتهم الليلية وتسابيحهم وصلواتهم الليلية فى البيوت لمدة تسع سنوات كاملة.

وذات يوم فكر الحاكم بأمر الله أن ينزل بنفسه ليرى ويسمع ماذا يفعل الأقباط ولماذا لا يسمع لهم صوتًا، فدخل بنفسه إلى حوارى القاهرة بالأزبكية وحارة زويلة والروم، وأخذ يتجول فيها، وكانت هذه المناطق عامرة بالبيوت المسيحية المؤمنة، إلا أنه ذهل مما سمعه، فقد سمع أصوات التسابيح والترانيم تخرج من كل بيت قبطى، فكل بيت تحول إلى كنيسة حينما أغلق الكنائس.

فأصدر أوامره بفتح كل الكنائس وإقامة الصلوات بصورة عادية فيها، وكأن شيئًا لم يكن، وقال مقولته الشهيرة والتى سجلها له التاريخ: "افتحوا لهم كل الكنائس واتركوهم يصلون كما يشاءون لأنى كنت أريد أن أغلق فى كل شارع كنيسة ولكننى اكتشفت اليوم أننى حين فعلت ذلك افتتحت لهم فى كل بيت كنيسة".

فيما أكدت العديد من المصادر أن الكنيسة لم تغلق أبوابها في أوقات الكوارث والأزمات والأوبئة على مر العصور، إلا أن فيروس كورونا الحالي يتطلب إجراءات استثنائية، ما جعل الكنيسة تقوم بدورها الوطنى والإنساني حتى تعبر هذه الأزمة الحالية.