الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كورونا.. لحظة مفصلية في تاريخ العالم


القلق هو شعار المرحلة والخوف هو سيد الموقف  لسكان كوكب الارض الذين يجمعهم لأول مرة ازمة فيروس كورونا .. فلا حديث للعالم الذي يقف علي اطراف اصابعه مرتجفا سوي عن هذا الغامض. ومابين حاملين للمرض ومصابين وضحايا تتجلي المأساة الانسانية وتتغير معادلات القوة وانظمة طبية عالمية تنهار امام هذا القاتل.


فيروس كورونا اضحي يتصدر المشهد العالمي الذي اصبح ينتظر كل يوم احصائيات بحصيلة الاعداد الجديدة  من الضحايا في ظل تسارع الخطي لانتاج امصال ولقاحات ضد الفيروس وضبابية تسود العالم بعد ترنح الانظمة الصحية المتطورة في الدول المتقدمة فقد تخطت الخسائر البشرية في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي المتوقع بمراحل.


ورغم ان انتشار الفيروس بدأ من الصين إلا أنها نجحت في التصدي له ولم ينهر نظامها الصحي  وكذلك تايوان وسنغافورة وهونغ كونغ وقد سجلوا حالات الإصابة قبل دول أوروبا والولايات المتحدة لكن قرارات المواجهة السريعة ادت الي خسائر بشرية محدودة عكس اسبانيا والمانيا وبريطانيا وهولندا وايطاليا التي تشهد أسوأ موجة لتداعيات الوباء على مستوى العالم  فعدد الوفيات فيها تخطى نظيره في الصين نقطة تفشي الوباء.


وجاء التعاطي العالمي للازمة صادما وكاشفا فقد فشلت الولايات المتحدة في القيادة وتنسيق الاستجابة العالمية للأزمة باعتبارها القطب العالمي الاوحد واكتفت الادارة الامريكية بالقاء الاتهامات بل وصل الأمر بالدولة الأكبر لمحاولة الاستحواذ على أبحاث شركة ألمانية واحتكارها بينما قامت بكين بتقديم مساعدات طبية وارسال اطباء وادوية واجهزة تنفسية إلى مختلف دول العالم التي تعاني من تداعيات فيروس كورونا وفي الوقت الذي انشغلت  فيه الولايات المتحدة بمحاولات احتواء تفشي الوباء في ولاياتها بمعدلات هائلة اغتنمت الصين الفرصة للتموضع كزعيم عالمي .


ونجحت الصين في تغيير الصورة الذهنية للرأي العام العالمي عن مسئوليتها في هذه الأزمة العالمية من خلال المساعدات الانسانية واصبح لدي الحكومة الصينية فرصة فريدة لسد فجوة الاحتياج والظهور كمنقذ للدول الأخرى في أزمة كورونا.


 ولم يختلف وضع الاتحاد الاروبي كثيرا عن الولايات المتحدة فلم يستطع تلبية احتياجات الدول الاعضاء الاكثرا تضررا وأرجأ اعتماد تدابير مالية لمواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا وتقاعس اعضائها عن تقديم المساعدات الطيبة  فقد قررت ألمانيا حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج وهو ماعكس بدوره الخلل الذي تعاني منه الانظمة الصحية الاروربية التي لم تتحمل تبعات هذة الازمة ومجمل الصورة  اظهر هشاشة منظومة الاتحاد الاوروبي فالكارثة الانسانية  أكبر بكثير من حجم الاتحاد تقنيا واقتصاديا. 


الإخفاقات العالمية في مواجهة الوباء من أوروبا إلى الولايات المتحدة لن تمضي مرور الكرام اقتصاديا وسياسيا وانسانيا بعد ما وجه هذا الفيروس متناهي الصغر  صفعة قوية كشفت رخاوة الانظمة العالمية وسقطت معه كل القيم الانسانية ومن رحم الازمة تخرج إرهاصات تشير لميلاد نظم سياسية واقتصادية جديدة يتغير معها وجه العالم خلال السنوات القليلة المقبلة وتؤسس لنظام عالمي جديد. 
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط