قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

سوق البترول يشتعل .. أزمات ضربت أسعار النفط عبر التاريخ

 أزمات ضربت أسعار النفط عبر التاريخ
أزمات ضربت أسعار النفط عبر التاريخ

تتجه أنظار العالم الإثنين المقبل إلى اجتماع هام عبر "الفيديو كونفرانس" بين أعضاء منظمة أوبكوتحالف الدولة المنتجة، للبت في أمر أزمة سوق النفط وتدني الأسعار مؤخرا، عقب اشتعال أزمة بين السعودية وأوبك من جهة، وروسيا وأوبك من جهة أخرى، وذلك بسبب زيادة المملكة لإنتاج النفط وخفض الأسعار، عقب رفض الدب الروسي للإلتزام بخفض الإنتاج.

ويبدو وأن أزمة تراجع الأسعار باتت وشيكة الإنتهاء، بعد تدني الأسعار بشكل مضر جدا بالسوق والدول والشركات المنتجة، كما أن تضرر الولايات المتحدة بات يعجل من الأمر، حيث تدخل الرئيس الأمريكي بين الطرفين نظرا لارتفاع تكلفة الإنتاج للخام الأمريكي وهو ما يشكل أزمة أكبر لها.

واستطلع "صدى البلد" رأي الخبير الدكتور رمضان أبو العلا، الذي قال أنه طبقا لما حدث في الماضي، فإنه من المتوقع أن لا تستمر هذه الحالة من تدني أسعار النفط عالميا أكثر من 3 أشهر، ففي عامي 1973 و1986 مر العالم بنكستين في قطاع النفط، ولكن عاود النهوض بشكل كبير.


وألمح الخبير، الى أنه حال استمرت أسعار النفط هكذا فإن سعر برميل النفط سيصعد إلى 200 دولار عقب ذلك، حيث إن تدني الأسعار سيجبر الشركات على الغلق، وتنحسر الشركات المنتجة، وفي حالة عودة السوق مرة أخرى، فسيكون العرض أقل من الطلب فسيكون ذلك عواقبه وخيمة على سعر النفط حينها.

بالعودة إلى الماضي، يستعرض "صدى البلد" تاريخ أبرز محطات أسعار النفط في التاريخ، صعودا وانخفاضا، وذلك منذ عام 1973 وحتى الأن:


كانت أسعار النفط مستقرة طيلة السنوات التي سبقت عام 1973 عند مستوى قريب من 3.6 دولار إذ إن أسعار النفط كانت بيد الشركات العالمية وخاصة مجموعة من الشركات تعرف باسم الأخوات الـ7 "إكسون وموبيل وشيفرون وغلف وتكساكو وشل وبي بي" وكانت هذه الشركات هي التي تضع الأسعار بالاتفاق فيما بينها وكانت هي التي تحدد حجم العرض في السوق ولهذا كان السوق مستقرا ومتوازنا في أغلب الأحيان.

وإنهار هذا النظام بعد القرار الذي اتخذه المنتجون العرب للنفط داخل أوبك في الكويت عام 1973 بحظر تصدير النفط العربي إلى الولايات المتحدة احتجاجا على دعمها لإسرائيل في حربها ضد مصر آنذاك، وسرعان ما بدأت أسعار النفط في الارتفاع، وواصلت الأسعار ارتفاعها تدريجيا حتى بلغت 12 دولارا بنهاية عام 1974.

واستقرت الأسعار عند مستوى بين 12.5 دولار و14 دولارا خلال الفترة ما بين 1974 و1978 وكان إنتاج أوبك حينها مستقرا عند 30 مليون برميل يوميا، ولكن بقاء الأسعار مرتفعة ساهم كذلك في زيادة الإنتاج من خارج أوبك خلال نفس الفترة ليرتفع من 25 مليون برميل يوميا إلى 31 مليون برميل يوميا.


في عام 1979 انطلقت الثورة في إيران وانقطعت إمدادات النفط حينها عن السوق بما يقارب نحو 2 مليون برميل يوميا، وتضاعفت الأسعار في ذلك العام لتصل القيمة الاسمية للبرميل إلى 25 دولارا. وكانت هذه أعلى قيمة يصل إليها سعر برميل النفط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1980 بدأت الحرب العراقية - الإيرانية التي تسببت في هبوط إجمالي إنتاج النفط من البلدين من 6.5 مليون برميل يوميا قبل الحرب إلى نحو مليون برميل يوميا في عام 1981، وبسبب الحرب في الخليج ارتفع متوسط أسعار النفط إلى 35 دولارا في 1980 ثم إلى 37 دولارا في 1981 وكانت هذه هي أعلى قيمة يصل إليها برميل النفط في التاريخ.


بين أعوام 1982 و1985 انخفضت أسعار النفط بصورة كبيرة والسبب في ذلك كان سوء إدارة أوبك للسوق وطمع وجشع الدول الأعضاء الذين عملوا المستحيل لإبقاء أسعار النفط عالية، لكن بقاء أسعار النفط عالية هو ما تسبب في تدمير الطلب على النفط واتجاه العالم نحو ترشيد الطاقة واستخدام البدائل، كما ساهم ذلك في زيادة الإنتاج من خارج أوبك وبخاصة من بحر الشمال الذي كان قاصمة ظهر لأوبك.

وانخفضت أسعار النفط من 35 دولارا في 1981 إلى 31 دولارا في 1982 ثم تواصل الهبوط إلى 29 دولارا في عام 1983 واستمر ليصل إلى 28 دولارا في 1984 وأخيرا إلى 26 دولارا في 1985 قبل أن تنهار في عام 1986 وتصل إلى 14 دولارا مجددا كما كانت عليه في عام 1978.

وخلال هذه الفترة حاولت السعودية من خلال وزير نفطها السابق الشيخ أحمد زكي يماني إقناع باقي أوبك بضرورة خفض الأسعار وأن هذا لن يفيد أوبك في المدى البعيد ولكن من دون جدوى.

ونتيجة لسياسات أوبك الخاطئة وجشع دولها انخفض إنتاج أوبك ليصل إلى قرابة نصف إنتاجها السابق البالغ 30 مليون برميل مع تراجع الطلب وزيادة الإنتاج من خارج أوبك، وحاولت أوبك خلال هذه الفترة فرض نظام الحصص على دولها ولكن من دون فائدة إذ لم يرغب أحد في الالتزام بالإنتاج بأي حصة مما تسبب في تدهور الوضع، ثم حاولت السعودية خلال هذه الفترة لعب دور المنتج المرجح في محاولة يائسة لرفع الأسعار، وتحت هذا الدور كان على السعودية أن تدع كل دول أوبك تنتج كل ما تقدر عليه للوصول إلى سقف الإنتاج حينها ثم تقوم هي بإكمال النقص.

وحاولت أوبك في ذلك الوقت الدفاع عن سعر محدد وهو 28 دولارا ثم عادت للدفاع عن سعر 18 دولارا إلا أن النفط كان لا يزال عند 14 دولارا، وبسبب دور المنتج المرجح الذي لعبته السعودية انخفض إنتاجها اليومي إلى 2 مليون برميل بحلول منتصف عام 1986 وانتهت هذه الأمور المأساوية بإعفاء الشيخ يماني من منصبه.


لا يمكن أن ينسى كل من عاشوا وعملوا في القطاع النفطي الهبوط الكبير في أسعار النفط الذي بدأ من عام 1986 بعد أن أعلنت أوبك فيما بينها أشرس حرب أسعار، فبعد أن تخلت السعودية عن دور المنتج المرجح وأعلنت أنها ستدافع عن حصتها في السوق أمام باقي المنتجين في أوبك، بدأت الأمور تتغير إذ قدمت تخفيضات كبيرة على نفطها ورفعت الإنتاج بصورة كبيرة لإغراق السوق واستعادة حصتها، وبطبيعة الحال لم يستسلم أحد في أوبك وبدأ الجميع في تقليد السعودية وإعطاء تخفيضات كبيرة وهو ما أدى في الأخير إلى هبوط أسعار النفط إلى أقل من 10 دولارات. وكانت بعض الدول في أوبك تبيع برميل النفط في ذلك العام بسعر 7 دولارات.

وانتصرت السعودية في تلك الحرب ثم عادت أوبك إلى الاتفاق على أنها يجب أن تحمي سعر 18 دولارا واتفق الجميع في ديسمبر عام 1986 على أنه يجب عليهم تقليص الإنتاج مجددا للدفاع عن هذا السعر وخفضه من 17 مليون برميل يوميا إلى 15.8 مليون برميل، وظلت أسعار النفط أقل من 18 دولارا بين أعوام 1987 و1989 قبل أن ترتفع إلى 23 في عام 1990 بعد غزو العراق للكويت.


ظلت أسعار النفط تدور في فلك العشرين دولارا طيلة السنوات الـ7 بين 1990 و1997 وهو العام الذي انهارت فيه الاقتصادات الآسيوية وتسبب بما يعرف بالأزمة الآسيوية، وكانت أوبك قد اجتمعت في إندونيسيا في ذلك العام واتفقت على رفع إنتاجها وتزامن هذا مع انهيار الطلب وفي الوقت ذاته مع بدء الأمم المتحدة للعراق تصدير نفطها تحت برنامج النفط مقابل الغذاء، وبفضل هذه الظروف انهارت الأسعار لتصل إلى 10 دولارات مجددا وسجل متوسط سعر النفط في 1998 إلى 11 دولارا للبرميل.

وانتهت هذه الأزمة بفضل محاولة ماراثونية من الوزير السعودي علي النعيمي الذي أكمل حينها عامه الثاني في الوزارة، وتمكن النعيمي من إقناع أوبك والمنتجين خارجها مثل المكسيك والنرويج بخفض الإنتاج لرفع الأسعار، وفي عام 1999 ارتفعت أسعار النفط إلى 16 دولارا ثم إلى 27 دولارا في عام 2000 واستعادت أوبك ومنتجو النفط عافيتهم.


في الأعوام ما بين 2000 و2008 ازداد الطلب على النفط في العالم بصورة كبيرة جدا بعد نمو الطلب من الصين والهند وباقي الدول الناشئة كما أطلق عليها حينها. إلا أن النمو في الطلب كان مفاجئا ولم تكن أوبك جاهزة له وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار بسبب محدودية نمو المعروض النفطي أمام نمو الطلب.

لكن عام 2008 كان مخيبا للآمال. ففي ذلك العام اشتدت المضاربة على أسعار النفط وساهمت في ارتفاع الأسعار ووصولها إلى 147 في يوليو ذلك العام وهو أعلى مستوى لها في التاريخ، إلا أن الأسعار انهارت في النصف الثاني من ذلك العام بعد أن تقلصت المضاربة وضعف الطلب بسبب الأزمة المالية العالمية التي نشأت نتيجة سقوط المصارف الأميركية الكبرى وانهيار شركات الرهن العقاري. وانخفضت الأسعار بنهاية عام 2008 إلى ما دون 40 دولارا للبرميل.

واتخذت أوبك قرارا في ذلك العام في اجتماع وهران التاريخي في الجزائر بعمل أكبر تخفيض جماعي في تاريخ المنظمة وعلى أثره تم سحب 4.2 مليون برميل يوميا من السوق. واستعادت الأسعار عافيتها منذ ذلك الحين.


في عام 2011 تفاقمت الأحداث السياسية في المنطقة العربية وأدى ذلك إلى انقطاع الإمدادات من الكثير من الدول المنتجة مثل ليبيا وسوريا واليمن، وخرج نحو 1.6 مليون برميل يوميا من النفط الليبي الخفيف عالي الجودة ولم تتمكن دولة في أوبك من تعويضه، ولهذا ارتفعت أسعار النفط منذ ذلك الحين فوق مستوى 100 دولار واستقرت عند ذلك الحد حتى سبتمبر من عام 2014 نظرا لأن ليبيا ما زالت غير مستقرة إضافة إلى سوريا والعراق.

وفي عام 2012 فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حظرا على تصدير النفط الإيراني تسبب في خروج نحو مليون برميل يوميا من نفطها من السوق، وأدى هذا الأمر إلى تفاقم المخاوف من رد فعل عسكري إيراني وهو ما أبقى أسعار النفط عالية.

وكما حدث في الثمانينات، فإن بقاء أسعار النفط فوق 100 دولار لـ3 سنوات ونصف ساهم في إضعاف الطلب نوعا ما وسمح بدخول حقول جديدة ومصادرة جديدة لإنتاج النفط إلى السوق، ففي الثمانينات دخل بحر الشمال، وفي السنوات الأخيرة دخل النفط الصخري إلى السوق، وتسبب هذا الأمر إضافة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وانحسار المخاوف السياسية في المنطقة، في هبوط أسعار النفط من 115 دولارا في يونيو 2014 إلى 65 دولارا .


اشتعلت أزمة اسعار النفط في الآونة الأخيرة، بين المملكة العربية السعودية ومنظمة أوبك من جهة وروسيا من جهة أخرى، بعد إنتشار فيروس كورونا وإنخفاض الطلب بشكل رهيب على النفط، فالأولى خفضت الأسعار بعد قرار الثانية بعدم تخفيض الإنتاج، وذلك في محاولة من الطرفين في الحفاظ على مبيعاتهم في السوق العالمية، والتي لازالت مستمرة بدخول الأول من ابريل الجاري، الأمر الذي يثير مخاوف وصول أسعار برميل النفط إلى السالب وفقا لمراقبين.