الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الوزير الذي حطم الصنم


ما من شك أن هناك مصاعب التي واجهت ومازالت تواجه الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، وليس من سبيل أمامه إلا التغلب على هذه المصاعب والتى صارت مع مرور الزمان كالملامح الأساسية لنظام التعليم في مصر حتى خضع لها الجميع وتعاملوا معها كتعامل مريض مع مرضه المزمن.

بل هي جملة أمراض مزمنة أصابت هيكل ومضمون التعليم وكم تعددت محاولات الوزراء السابقين للتغلب عليها ولكن فيما يبدو كانت تحتاج إلى برنامج علاج طويل لا يتناسب معه فترات توليهم، مع تقلبات الأمور ما بين السياسة والاقتصاد، بجانب التطور المذهل لنظم ومناهج ووسائل التعليم، وفي ذيل ذلك تأتى المزمنات التقليدية من تردى حال المدارس والمدرسين وهيمنة مافيا الدروس الخصوصية وسيطرة "شركات" التعليم الخاص على مقدرات الأمور وتحويل التعليم إلى مشروع ربحي، لا قضية أمن قومى كما يجب أن يكون.

لم يكن من المنتظر أن يحلها وزير التعليم بمصباح علاء الدين ومع ذلك ترقب الجميع دعك الفانوس وخروج المارد.

ولا أنكر أنى كنت في البداية من الناقمين على الدكتور شوقي - بصراحة- كان موقفي نوعا من تحميل الرجل ما لا يطاق من ميراث مرير أصبح يتشعب في أركان النظام التعليمي على مدى عقود طويلة ثم انتظرنا علاج كل هذه المعضلات على يديه في بضعة شهور وسط تربص تعودنا على أنه واحد من ضروريات تلقى الأنباء.

لكن الرجل أتى بسياسة وخطة وأفكار جديدة ولم يكن أمامه إلا أن يسير على الجمر ويتحمل الانتقادات المتوالية سواء من المخلصين الذين ينتظرون الأفضل –وهم كثيرون- أو من المغرضين الذين يضغطون لمآرب في أنفسهم، وهم أكثر.

وجاءت أزمة كورونا - قال يعنى كنا ناقصينها- ليتربص المتربصون في بدايتها لإثارة الغبار مع أول حالة ظهور للمرض وبات كأنهم تمنوها من قبل، ورغم الضغوط الهائلة، اتخذ الوزير قراره وراح يتنقل تليفونيا بين برامج المساء والسهرة على القنوات الفضائية الكبرى شارحا ومبسطا ومطمئنا ليفهم الناس لعله يخرجهم من حالة الذعر والارتباك.

والتحدى يتضاعف كل يوم، لكن الوزير يقف في شجاعة ليتلافى كل القذائف القدرية والإعلامية والفيسبوكية "وكفايه عليه جروبات الماميز التى فعلت به وبنا الأفاعيل"!.

وفي مكالمة تليفونية طويلة مع الصديق الشاعر محمدي شوشة وهو من رجال التعليم، شرح لي أكثر ما يفعله الوزير وكنت متعجبا من موقفه لأنه لم يكن في البداية متقبلا سياسة الوزير، بيد أنه مع الخطوات التى رآها تتحقق أمامه على الواقع، بدأ يدرك حجم ما يعانيه الدكتور شوقي في مواجهة الأزمات.

"الوزير الذي حطم الصنم".. هكذا لخص شوشة ما حدث بوصف الدكتور شوقي مقتربا من نهاية المكالمة، مختصرا لما يفعله الوزير في مواجهة مافيا الدروس الخصوصية وإجراءات مواجهة ما ترتب على أزمة كورونا وأشياء كثيرة لم أكن ملما بها إلا كواحد من الجالسين أمام التلفزيون أو المستغرقين في صفحات فيسبوك وختمنا المكالمة بتوجس متبادل من خفافيش الظلام الذين هم أشد وطأة من خفافيش كورونا وما يمكن أن يواجه معول الوزير وهو يهوي على الصنم الجاثم فوق عقول أتباع سدنة الهيكل.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط