الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صانع السعادة


سيد مكاوي حالة استثنائية عندما تستمع لصوته وألحانه فأنت في حضرة السهل الممتنع، تغلغل في الوجدان بأصالة موهبته التي جمعت بين التلحين والتطريب.


خرجت الجمل اللحنية لسيد مكاوي من واقع حياة المصريين والافتتان بالموروث الشعبي المتجذر في التربة المصرية متنقلا بين مقامات موسيقية تشع بهجة وتعكس روحه المرحة فكان كل لحن له يحمل بصمته الابداعية.


استطاعت موهبتة الثرية التي اعتبرتها سيدة الغناء العربي ام كلثوم امتدادا لعبقرية الشيخ زكريا احمد ان تقنعها بالتعاون معه فعرضت عليه تلحين اغنية انساك  وما ان انتهي من تلحين المقدمة الموسيقية حتي سألها عن الاجر فأجابته  يكفيك فخرا أنك تلحن لأم كلثوم فالتلحين لكوكب الشرق هو حلم  جميع الملحنين من الاساتذة الي الشباب  فرد عليها رد الواثق من تفرد موهبته  قائلا لا يكفيني لأن البقال اللي تحت بيتنا مش هيكفيه فخرا أني أشتري منه وهو الرد الذي أغضبها وترتب عليه اسناد الاغنية لبليغ حمدي. 


وتمر سنوات ومكاوي يؤكد عمق موهبته ويحجز لنفسه مكانا متميزا وسط كبار الملحنين فتطلب منه ام كلثوم مجددا  تلحين اغنية يا مسهرني ورغم انها اسطورة الغناء وهو الملحن الشاب الا انه لم يخش وهج عبقرية صوتها وأخذها حيث الانطلاق والبساطة اللحنية الشرقية الاصيلة ولحنا مختلفا يحمل بصمة سيد مكاوي نقلها به علي نحو مغاير لادائها التطريبي مع رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي.


وجاء تعاونه مع الشاعرين فؤاد حداد وصلاح جاهين ليضفي ابعادا بخصوصية ابداعية  فقد ربطت بينهم صداقة فنية وإنسانيه قوية وتعاون فني اضافت فيه الحان سيد مكاوي بعدا جماليا  موازيا لموهبة الشاعرين الكبيرين فقدم مع جاهين العديد من الاغاني الوطنية والعاطفية والاوبريتات الناجحة اهمها الدرس انتهى لموا الكراريس والرباعيات. 


ولكن يظل اوبريت الليلة الكبيرة الاشهر لهما وتجلت عبقريتهما في شدة بساطة العمل وعمق مصريته فقد نجح المبدعان اللذان رحلا في نفس اليوم في نقل صورة حية لتفاصيل ليلة من ليالي الموالد الشعبية الموجودة في كل مدن وقري مصر المختلفة وقد ارتدي فيه سيد مكاوي جلباب الشيخ سيد درويش فقد كان يحلم بتكرار تجربته في تلحين الصور الغنائية الجماعية بألحانه شديدة التفرد والخصوصية وكان الاختيار والاختبار الاصعب ونجح فيه بتفوق اعتبره المؤرخون تحولا جديدا وأحد حلقات التطور الابداعي في مدرسة سيد درويش.


لم تكن الليلة الكبيرة عملا فنيا اظهر فقط موهبة التلحين لدي الشيخ سيد مكاوي لكن أداءه الصوتي المبهر اضاف اليها روعة واحساسا نقلنا لسحر ليالي الموالد الشعبية بكل تفاصيلها المصرية الصميمة والدقيقة مثل البائعين والحاوي والسيرك والاراجوز وفناني جمهور الموالد والأولاد الصغار وغيرها من تلك الالوان المصاحبة لصخب ليالي الموالد وكانت صورة تعبيرية شديدة الابداع.


 وتعاون بمذاق مختلف مع الشاعر فؤاد حداد في المسحراتي يشبه اساطير الف ليلة وليلة في سحره لكن بطبعة مصرية ورغم اداء الكثيرين لشخصية المسحراتي الا ان اداء سيد مكاوي العبقري كان ومازال هو الابرز حيث جمع بين عبقرية فن التعبير والتطريب مستخدما طبقات صوته بتنويعات مختلفة وهو الفن الذي أتقنه الشيخ سيد وبات فارسه الأول بمصاحبة آلة موسيقية واحدة  هي الطبلة.


يحسب لسيد مكاوي الريادة في عمل المقدمات الغنائية للمسلسلات الاذاعية والفوازير واستحدث خطا تلحينيا جديدا مزج فيه بين بساطة النغمة وعمق الفكرة في قالب كاريكاتيري اظهر خفة ظله المعروف بها وقدرة فريدة على أداء وتلحين الكاريكاتير مما جعل النقاد يلقبونه بملحن الكاريكاتير.


بقي سيد مكاوي عنوان البساطة المبهجة وحصل سيد مكاوي علي العديد من الجوائز والاسمة ويظل علامة فارقة في تاريخ الموسيقي الشرقية اخلص لفنه فأخلص له محبو فنه ورغم غيابه لايزال صوته والحانه حاضرة وشاهدة علي موهبته كواحد من حراس التراث المصري الشرقي الاصيل .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط