درة آثار بني سويف.. مسجد الديري.. علامة مميزة ومبنى إسلامي أثري عتيق بالمحافظة

يعتبر مسجد الديري من أوائل المساجد المنضمة لهيئة الآثار الإسلامية بمحافظة بني سويف، على الرغم من عمره الذي لم يتجاوز السابعة والعشرين بعد المائة، ويقع المسجد في شارع الديري المتفرع من ميدان حارث في مدينة بني سويف، وأنشأ هذا المسجد  درويش بك الديري وكان من أعيان مركز اهناسيا وبني سويف وكانت له أبعدية بقرية النويرة مركز اهناسيا تقدر  بـــــ 250 فدانا وأوقف مساحة 25 فدانا.

وذكر  ذلك في دراسة بعنوان "العمائر الدينية في بني سويف"دراسة أثرية وصفية"، أجراها الباحثان علي حسن رمضان ومحمد أبو الخير وعويس تحت إشراف  الدكتور عاطف عبد الدايم رئيس قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة الفيوم.

وبحسب تلك الدراسة يوجد نص تأسيسي على العتب فوق المدخل الرئيسي للمسجد في الناحية الشمالية الغربية، كُتب فيه اسم منشئ المسجد وتاريخ الإنشاء بحساب الجمل ونصه " أنشأ هذا المسجد الشريف ذي المساعي الخيرية وهو الهمام درويش بيك الديري غفر له آمين " ( 134 – 52 – 1327 - 285 – 101) أي أن تاريخ المسجد بحساب الجمل 1327هـ.

ولمسجد الديري  واجهة رئيسية واحدة هي الواجهة الشمالية الغربية اذ أن باقي الواجهات ملتصقة بمباني بجوار المسجد وبها المدخل الرئيسي للمسجد ويمكن تقسيم هذه الواجهة الى ثلاثة أجزاء، أولاها كتلة المدخل عبارة عن كتلة مستطيلة غائرة يغلق عليها مصراعان من الخشب مزخرف بزخرفة المعقلي القائم وعلى جانبي فتحة الباب مكسلتين، ويعلو المدخل عتب يرتكز على كابولين من الحجر وقد كتب على العتب النص التأسيسي للمسجد، يعلو العتب نفيس يعلوه عقد عاتق ويحيط بهما زخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات، ويعلوه نافذة مغشاه بالخشب الخرط ترتكز على عمودين حجريين مدمجين،ويعلو هذه النافذة دخلة غائرة مزخرفة بما يشبه الوردة متعددة البتلات، وهذه النافذة يحيط بها جفت لاعب ذو الميمات.

إقرا أيضا: 

ويتجلي جمال الفن  حيث يتوج فتحة المدخل عقد مفصص ذي طاقية مضلعة يرتكز على أربع حطات من المقرنصات ويحيط بالعقد زخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات، يعلوه إطار حجري بارز يحمل شرافات على شكل عرائس، وعلى الجانب الأيمن من فتحة المدخل يوجد الجزء الثاني من الواجهة الرئيسة وهو عبارة عن مساحة مستطيلة بارزة قليلا عن فتحة المدخل، يوجد بوسط هذا الجزء دخلة مستطيلة غائرة يتوسطها نافذة صغيرة، يعلو هذه الداخلة حطتين من المقرنصات ذات الدلايات، هذا الجزء من الواجهة يحمل المئذنة، أما الجزء الثالث من الوجهة فهو غائر قليلًا عن الجزء الثاني وهو مصمت خالي من الزخارف، ينتهي من أعلاه بإطار حجري بارز يعلوه شرافات على شكل عرائس.

وتقع مئذنة المسجد أعلى الواجهة الرئيسية بالجدار الشمالي الغربي بجوار كتلة المدخل ويبلغ ارتفاعها 29.50 م، وترتكز على قاعدة مربعة بارزة قليلًا عن سمت الجدار ويفتح بالقاعدة المربعة من الناحية الشمالية الغربية نافذة معقودة بعقد مفصص، ويحيط بهذه القاعدة المربعة زخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات، وتتحول هذه القاعدة المربعة إلى مثمن عن طريق مناطق انتقال عبارة عن أربع مثلثات مقلوبة مزخرفة جميعها بالجفت اللاعب ذي الميمات الذي يشكل مدورة وسط المثلث، أما المناطق وسط المثلثات فقد تم تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء: مربع في الوسط ومثلثان في الأركان، زخرفت المنطقة الوسطى المربعة بزخارف حجرية بارزة عبارة عن أشكال هندسية تكون مربعات ونجوم متداخلة وأحيطت بزخرفة الجفت اللاعب.

أما المناطق المثلثة في المسجد  فهي مصمتة خالية من الزخارف ومحاطة بزخرفة الجفت اللاعب ، ويتوج هذه القاعدة من أعلى "إفريز"  حجري مزخرف بزخارف هندسية وهو بداية الشكل المثمن، يعلو هذا الشريط ثماني مربعات في كل ضلع من أضلاع البدن المثمن أحيط كل منهم بزخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات، يشغل كل ضلع زهرة ثمانية البتلات بالتبادل مع ثلاث حطات من المقرنصات بارزات عن سمت الجدار تحمل كل منهم مشترفة في الجزء العلوي من المثمن، فوق كل مشترفة نافذة معقودة بعقد منكسر ترتكز على عمودين مدمجين من الحجر ويحيط بها زخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات.

وتشمل الأضلاع الأخرى للمسجد دخلات غائرة محمولة على أعمدة حجرية مدمجة ومعقودة بعقد منكسر ويحيط بها زخرفة الجفت اللاعب ذي الميمات على شكل عقد نصف دائري ، يعلو ذلك اطار حجري مزخرف بزخارف هندسية محاطًا بالجفت اللاعب ذي الميمات.

وينتهي البدن المثمن بشرفة ترتكز على ثلاث حطات من المقرنصات ذات الدلايات وهذه الشرفة تتكون من ستة عشر ضلعًا مزخرفة بأشكال هندسية متنوعة، ويعلو الشرفة البدن الاسطواني وهو مصمت خالي من الزخارف يعلوها شرفة دائرية محمولة على ثلاث حطات من المقرنصات ذات الدلايات، مقسمة إلى ستة عشر ضلعًا زخرفت بأشكال هندسية مختلفة، يعلو الشرفة البدن الاسطواني وهو مصمت خالي من الزخارف، ويعلو البدن الاسطواني قبة مضلعة الشكل تحمل هلال نحاسي.

إقرا أيضا : 

يتم الدخول الى مسجد الديري من شارع الديري  من فتحة الباب الموجودة في الناحية الشمالية الغربية والتي تفضي الى دركاة مستطيلة الشكل مسقوفة بسقف خشبي، مزخرف بزخارف نباتية وهندسية، تفضي هذه الدركاة الى بيت الصلاة عن طريق فتحة كبيرة معقودة بعقد نصف دائري،والمسجد عبارة عن مساحة مستطيلة مقسمة إلى أربعة أروقة عن طريق ثلاث بائكات من الأعمدة، كل بائكة تحمل ثلاث عقود منكسرة موازية لجدار القبلة، والجدار الشمالي الغربي يشتمل على فتحة معقودة بعقد نصف دائري يتم الدخول منه إلى المسجد.

ويحتوي هذا الجدار أيضًا على دكة المبلغ الموجودة بالركن الغربي حيث ترتكز على الجدارين الشمالي الغربي والجنوبي الغربي وعمود من الخشب بالمسجد ، ويصل إلى الدكة عن طريق سلم خشبي متصل بها، ولدكة المبلغ درابزين خشبي يرتكز على كابولين من الخشب زخرفا بزخارف هندسية ونباتية، ونفذت أعمال الخشب في دكة المبلغ بطريقة الخرط الميموني المسدس والكنائسي.

أما الجدار الجنوبي الغربي للمسجد  فيشتمل من أسفل على أربع دخلات مستطيلة مرتفعة عن سطح المسجد يغلق على كل منها مصراعان من الخشب ويعلو كل منهما قنديلية بسيطة مغشاة بالزجاج الملون، وفي الركن الغربي من هذا الجدار ترتكز دكة المبلغ، أما الجدار الجنوبي الشرقي هو جدار القبلة يتوسطه المحراب وهو عبارة عن حنية غائرة بجدار القبلة ذات عقد نصف دائري ترتكز على عمودين من الرخام وقد إكتسي باطن المحراب من أسفل بألواح من الخشب ومدهون بدهان حديث، كذا معظم الزخارف والرخام الموجود بحنية المحراب حديثة، ويحيط بالمحراب من أعلى إطار حجري بارز يعلوه شرافات مسننة،ويعلو المحراب قمرية مغشاة بالزجاج الملون وعلى يمين ويسار المحراب قنديليتان بسيطتان في كل جانب .

وعلى يسار المحراب يوجد المنبر وبصدره باب المقدم يغلق عليه مصراعان من الخشب زخرفت المناطق المربعة من أعلى ومن أسفل بزخرفة المفروكة، أما المنطقة المستطيلة في الوسط زخرفت بزخارف هندسية متداخلة، ويعلو باب المقدم إطار مستطيل بداخله آية قرآنية "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، ويتوج فتحة المقدم من أعلى ثلاث حطات من المقرنصات يعلوها إطار خشبي ثم قبة خشبية بصلية،أما ريشتي المنبر فيلاحظ أنها زخرفتا بزخارف المعيقلي القائم المنفذة بطريقة التجميع ويعلو الريشة الدرابزين وقد قسم إلى مناطق مربعة يحصر بينها مناطق مستطيلة علاوة على المنطقة المثلثة التي بطرفي الدرابزين ونفذت أشغال الخرط في المناطق المربعة بالميموني المفوق  والمناطق المستطيلة بالكنائسي أما المناطق المثلثة فنفذت بالخرط.

أما باب الروضة فقسم إلى مناطق مستطيبة خالية من الزخارف يعلوه إطار خشبي مكتوب عليه "سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقب الدار"، ويعلو باب الروضة حشوة مستطيلة زينت بزخرفت المعقلي القائم يعلوه درابزين مزخرف بالخرط المفوق، وجلسة الخطيب فيلاحظ أن سقفها يرتكز على أربعة قوائم خشبية يعلوها حطتين من المقرنصات ثم إطار خشبي بارز ثم الجوسق الذي يأخذ الشكل البصلي.

والجدار الشمالي الشرقي يشتمل من أسفل على أربع دخلات مستطيلة، الدخلة الثانية عبارة عن فتحة باب تؤدي الى مصلى حديث وميضأة، أما الدخلات الثلاثة الأخرى فهي عبارة عن دخلات مستطيلة مرتفعة عن الأرض يغلق على كل منها مصراعين من الخشب، ويعلو كل دخلة قنديلية بسيطة مغشاة بالزجاج الملون، ويوجد بهذا الجدار ثلاث دعامات حجرية يرتكز عليها ثلاث عقود،وسقف المسجد خشبي يتكون من براطيم وتماسيح خشبية زخرفت بالكامل بزخارف هندسية ونباتية وزخرفة الطبق النجمي وبوسط السقف شخشيخة للتهوية.