الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فشل عبر الأطلسي.. هل مزق فيروس كورونا التحالف التاريخي بين أمريكا وأوروبا؟

علما الولايات المتحدة
علما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

على مدار السنوات الأربع الماضية، تجاوز القادة الأوروبيون صدمتهم بانتخاب دونالد ترامب رئيسًا لـ الولايات المتحدة، وشرعوا في وضع تصورات لعالم بلا قيادة أمريكية، وبلا تحالف تقليدي عبر المحيط الأطلسي.

وبحسب موقع "ذا كونفرسيشن"، لا ينظر الأوروبيون إلى الولايات المتحدة باعتبارها أمل العالم في الخلاص من فيروس كورونا، كما كان الحال مع الأازمات الدولية الكبرى من قبل.

لقد أصبح التحالف الأوروبي الأمريكي عبر الأطلنطي، والذي لطالما كان حجر الزاوية في عالم يهيمن عليه الغرب، في مهب الريح، الأمر الذي يكشف عن أزمة سياسية عميقة داخل الولايات المتحدة وفقدان الإيمان بالتحالفات العابرة للقوميات في آن.

ولم تُبرز أزمة وباء كورونا إلى السطح مدى هشاشة التحالف الأوروبي الأمريكي فحسب، وإنما كشفت أيضًا مدى هشاشة "المشروع الأوروبي" نفسه، وعززت المخاوف حيال الغموض الذي يكتنف مصيره.


وفي مقال نشره بصحيفة التايمز الأيرلندية، كان الكاتب فينتان أوتولي صريحًا في قوله إن ترامب دمر الدولة التي وعد بأن يجعلها عظمى ثانية. وكتب أوتولي "من الصعب ألا نتأسف على حال الأمريكيين. إن الدولة التي وعد ترامب بان يجعلها عظمى ثانية لم تكن طوال تاريخها أكثر إثارة للشفقة من الآن. إن فكرة كون الولايات المتحدة هي الدولة القائدة في العالم – وهي الفكرة التي تشكل القرن الماضي حولها – قد تبخرت تمامًا. من الذي ينظر إلى الولايات المتحدة الآن باعتبارها نموذجًا لأي شيء سوى كل ما يجب تجنبه؟".

وأوضح الموقع أن كلمات كهذه لم تكن لتصدر عن أحد أبرز الكتّاب الأوروبيين قبل 5 سنوات، أما الآن فقد أصبحت تلك هي النغمة المألوفة والسائدة للكتابة السياسية في أوروبا، وبات هناك ما يشبه الإجماع في أوروبا على أن "الحلم الأمريكي" قد بلغ منتهاه وأن "الاستثناء الأمريكي" أصبح خرافة مبتذلة، ولم يعد هنالك أي تعويل أو أمل في قيادة أخلاقية أمريكية للعالم الحر.   

إن الخلافات عبر الأطلنطي ليست طارئًا جديدًا بطبيعة الحال، وفي الواقع فإن التململ الأوروبي من الغطرسة الأمريكية أمر قديم، وقد شهدت محطات تاريخية عدة موجات من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة عبر أرجاء القارة العجوز، مثل فترات حرب فيتنام والحرب على أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 سبتمبر، لكن كل تلك المحطات كانت بمثابة صرخات احتجاج على السياسة الخارجية الأمريكية وليس على القيادة الأمريكية للعالم بحد ذاتها.

وعلى مرأى من الأوروبيين، شرعت الولايات المتحدة تنسحب من التزام جماعي تلو الآخر، وعلى رأسها اتفاق باريس للمناخ، وعلى مسمع منهم وصف ترامب حلف شمال الأطلسي بأنه "عفا عليه الزمن" وراح يكيل الإساءات تباعًا للأوروبيين، وفي فبراير الماضي خطب ترامب في جمع من حكام الولايات الأمريكية فقال "لطالما عاملتنا أوروبا بطريقة سيئة. لقد تشكل الاتحاد الأوروبي خصيصًا كي يعاملنا الأوروبيون بطريقة سيئة".

وعندما انفجرت أزمة فيروس كورونا، فوجئ الأوروبيون بترامب يفرض حظرًا على استقبال المسافرين من أوروبا إلى الولايات المتحدة دون استشارة أي من القادة الأوروبيين، وقرأوا في الصحف كيف عرض ترامب سرًا مليار دولار على شركة أدوية ألمانية لتامين حقوق احتكار الولايات المتحدة إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا، ومع أن إدارة ترامب أنكرت رسميًا صحة هذه التقارير، فإن معظم الأوروبيين كانوا على استعداد لتصديقها.

وفي العالم الجديد الذي يتشكل الآن، ستكون أوروبا بحاجة إلى قدر أكبر من القوة يعفيها من التعويل أكثر من ذلك على الولايات المتحدة، وإذا ما أرادت القارة العجوز النهوض ومواجهة التحديات التي تفرضها الحقائق الجيوسياسية الجديدة فسيكون عليها التوحد حول شيء أهم وأقوى من كراهيتها لدونالد ترامب.