الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احذر عند بر الوالدين.. كلمة شائعة يستهين بها الكثيرون نهى عنها الله

احذر عند بر الوالدين..
احذر عند بر الوالدين.. كلمة شائعة يستهين بها الكثيرون

ورد الحث على بر الوالدين في كثير من نصوص الكتاب العزيز والسُنة النبوية الشريفة، إلا أن ذكر بر الوالدين في القرآن يسترعي الانتباه، حيث جاء بعد التوحيد، فقال الله تعالى: « وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) » من سورة الإسراء.

اقرأ أيضًا.. 
بر الوالدين في القرآن 
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- إن الله تعالى خصَّ حالة الكبر؛ لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بر الولد؛ لتغيُّر الحال عليهما بالضعف والكِبَر؛ فألزَمَ في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثرَ مما ألزمه من قبلُ؛ لأنهما في هذه الحالة قد صارا كَلًّا عليه، فيحتاجان أن يليَ منهما في الكِبَر ما كان يحتاج في صغره أن يلِيَا منه؛ فلذلك خص هذه الحالة بالذِّكر. 


وتابع: حيث إن طول مكث الوالدين أو أحدهما عند الولد عادةً ما يسبب نوعًا من الاستثقال للمرء، ويحصل الملل، ويكثر الضجر، فيظهر غضبه على أبويه، وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالة البنوة، وقلة الديانة، وأقل المكروه ما يُظهره بتنفُّسه المتردد من الضجر، وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيبٍ فقال: « فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا » الآية 23 من سورة الإسراء؛ (الجامع لأحكام القرآن - للقرطبي).

ونهى الله تعالى من قول كلمة  (أف) لهما، كما في قوله تعالى: « فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ » الآية 23 من سورة الإسراء، قال مجاهد بن جبرٍ: معناه: إذا رأيتَ منهما في حال الشيخِ الغائطَ والبولَ الذي رأياه منك في الصغر، فلا تَقْذَرهما وتقول: أفٍّ؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ).


قال الإمام القرطبي-رحمه الله-: قال علماؤنا: وإنما صارت قولة: ﴿ أُفٍّ ﴾ للأبوين أردأ شيءٍ؛ لأنه رفضَهما، وجحد التربية، وردَّ الوصية التي أوصاه في التنزيل، و﴿ أُفٍّ ﴾ كلمة تقال لكل شيءٍ مرفوضٍ؛ ولذلك قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم لقومه: « أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ » الآية 67  من سورة الأنبياء؛ أي: رفض لكم ولهذه الأصنامِ معكم؛ (الجامع لأحكام القرآن - للقرطبي).

طرق بر الوالدين 
وفي تفسير ابن كثير، أوضح أن قوله تعالى: « وَلَا تَنْهَرْهُمَا » ؛ أي: ولا يصدُرْ منك إليهما فِعلٌ قبيح؛ وقوله تعالى: « وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا»؛ أي: ليِّنًا طيِّبًا حسنًا، بتأدُّبٍ وتوقيرٍ وتعظيمٍ؛ وقال سعيد بن المسيَّب: قول العبدِ المذنب للسيِّد الغليظِ الفظِّ؛ (كتاب البر والصلة - لابن الجوزي).

ومن طرق برالوالدين ، ما جاء بقوله تعالى: « وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ » الآية 24 من سورة الإسراء، فقال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله-: كُنْ لهما ذليلًا؛ رحمةً منك بهما، تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصيةً، ولا تخالفهما فيما أحبَّا؛ (جامع البيان لابن جرير الطبري).

اقرأ أيضًا.. 

 وكذلك من طرق بر الوالدين ، ما ورد بقوله تعالى: «وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا» ، فقال الإمام القرطبي -رحمه الله-: أمَر تعالى عباده بالترحُّم على آبائهم والدعاء لهم، وأن ترحَمَهما كما رحماك، وترفُقَ بهما كما رفقا بك؛ إذ وَلِيَاك صغيرًا جاهلًا محتاجًا، فآثَراك على أنفسهما، وأسهَرا ليلهما، وجاعَا وأشبعاك، وتعرَّيَا وكسواك، فلا تجزيهما إلا أن يبلغا من الكِبَرِ الحدَّ الذي كنت فيه من الصغر، فتَلِي منهما ما وَلِيَا منك، ويكون لهما حينئذٍ فضل التقدم؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).

وقال الإمام القرطبي: قوله تعالى: « كَمَا رَبَّيَانِي » خص التربية بالذِّكر ليتذكر العبد شفقة الأبوين وتَعَبَهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقًا لهما، وحنانًا عليهما، وهذا كله في الأبوين المؤمنين؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ).